تغيير المسلم الجديد لهيئته وشكله الظاهر، منه ما يلزمه تغييره، كما هو الشأن في سنن الفطرة وكذلك في اللباس من حيث نوعه أو مشروعيته وآدابه، ومنه ما تراعى فيه المصلحة فربما كان من المصلحة أحياناً أن لا يغير شيئاً من ذلك، لأنه قد يصد غيره عن الإسلام بهذا التغيير إذ قد يمتنع بعض غير المسلمين من الدخول في الإسلام لأنه لا يرغب في تغيير شيء مما اعتاده وألفه، وهذا السبب قد يصد عن قبول الحق والدخول في الإسلام، ولذلك لا ينبغي الاستعجال على المدعو في التغيير بل يراعى في ذلك المصلحة، ويختلف ذلك بحسب الأحوال والأشخاص والأزمنة والأمكنة ومما يتعلق بالمسلم الجديد لباسه بعد إسلامه، فبعض المسلمين الجدد قد يهملون هيئتهم في اللباس بعد دخولهم للإسلام، ظناً منهم أن ذلك من الزهد، أو التواضع، وهذه وإن كانت مقاصد صحيحة إلا أنه ينبغي مراعاة الضوابط الشرعية في ذلك، لاسيما أن سلوك المسلم الجديد له أثره على الدعوة، فهو إما أن يرغب من حوله في الإسلام أو ينفرهم عنه، وذلك من خلال سلوكه وهيئته بعد أن يسلمº لأن من حوله يحكمون على الإسلام من خلال ذلك، وقد يتعمد بعضهم لبس الدنيء من الثياب، أو يشعث نفسه، وهذا ليس بمحمود، بل قد يذم صاحبه، قال الإمام ابن القيم - رحمه الله -: ولبس الدنيء من الثياب يذم في موضع ويحمد في موضع، فيذم إذا كان شهرة وخيلاء، ويمدح إن كان تواضعاً واستكانة، كما أن لبس الرفيع منها يذم في موضع ويحمد في موضع، فيذم إن كان تكبراً وفخراً وخيلاء، ويمدح إذا كان تجملاً وإظهاراً لنعمة الله. ومن المسائل الرئيسية المتعلقة بالهيئة، أن يتفطن في تغيير الهيئة إلى الإخلاص والنية ومجاهدة النفس على ذلك، وأن يحذر المسلم الجديد من الشهرة وحب الظهور أمام الناس، فقد يعتري المسلم الجديد - والتائب أيضاً - رغبة في أن يظهر لمن حوله بأنه حدث في حياته حدث عظيم، وتحول كبير، والمسلم الجديد يفعل ذلك أحياناًº ليحصن نفسه، وليخبر من حوله أنه أسلم فيعاملوه معاملة الأخ المسلم، والتائب قد يفعل ذلك ليصرف عن نفسه رفقاء السوء، ويشعر أهل الصلاح بتوبته فيقفوا معه ويثبتوه على توبته، ومع ذلك كله فلابد أن يذكر هذا وهو وجوب إخلاص العمل لله - تعالى -وتصحيح النية، ويذكر أيضاً خطورة الرياء وضرره على المرء في الدنيا والآخرة.
على أنه ينبغي للمسلم الجديد أن يراعي الضوابط الشرعية في اللباس ويراعي المصلحة، ولا يسوغ له أن يغير من لباسه دون قصد صحيح، فيخالف مجتمعه بمجرد إسلامه، إذ قد يسيء إلى الإسلام بذلك من دون أن يشعر، لاسيما إن كان يعيش في مجتمع غير إسلامي، إنه من غير المجدي أن يسلك المسلم الجديد الذي يعيش في وسط أوروبا مثلاً مسلك عرب الحجاز في صدر الإسلام في ملبسهم لأنه بذلك يصبح غريباً داخل وطنه، وقد يحول الإسلام بملبسه هذا إلى ثقافة فرعية بل إلى أحد أشكال الفلكلور الديني.
ويقرر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ذلك أحسن تقرير ويراعي مسألة الوقت والقوة والضعف والمقاصد فيقول: «لو أن المسلم بدار حرب أو دار كفر غير حرب، لم يكن مأموراً بالمخالفة لهم في هديهم الظاهر لما عليه في ذلك من الضرر، بل قد يستحب للرجل أو يجب عليه أن يشاركهم في هديهم الظاهر إذا كان في ذلك مصلحة دينية، من دعوتهم إلى الدين والاطلاع على باطن أمورهم لإخبار المسلمين بذلك، أو دفع ضررهم عن المسلمين ونحو ذلك من المقاصد الصالحة، فأما في دار الإسلام والهجرة التي أعز الله فيها دينه وجعل على الكافرين به الصغار والجزية ففيها شرعت المخالفة».
إن الهيئة وحسن المظهر هي أول رسالة يقدمها المسلم الجديد عن الإسلام، فجدير به أن يعنى بذلك، وأن يعلم أن حسن الهيئة والنظافة والمحافظة على سنن الفطرة من هدي الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وهو مأجور بامتثاله لها. ولا ينبغي إطلاقاً أن يهمل بعض المسلمين الجدد أمر النظافة وحسن المظهر، فهي مما حث عليه الإسلام وهي من دواعي الإيمان، ولقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحافظ على النظافة، وكان لا يدع السواك ولا الطيب، ويتعهد أحوال نفسه في الحضر والسفر.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد