حادثة الإفك .. ومنهج المواجهة


  

بسم الله الرحمن الرحيم

إنَّ الله - سبحانه وتعالى - إذا أحبَّ عبده ابتلاه، ويختلفُ البلاءَ من شخصٍ, لآخر، ويتفاوتُ الصبر من فردٍ, لآخر، وأخير من صبر على البلاء هُم الأنبياءُ والرسل، وفي القرآن الكريم سورةً كاملةً نزلت بنورِ الحقيقة، وبيانها للمسلمين كافة، فكانت سورة النور، وقد نزلت هذه السورة لتبرئَ السيدة عائشة- رضي الله عنها- من التهمة التي ألصقها بها أعداءُ الله من المنافقين، وكلُنا سمعَ عن حديث الإفك، ورمي عائشة- رضي الله عنها- بالفاحشة، وتبرئةَ الله - جل وعلا - لها في كتابه، وأنَّ رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وأهل بيته، وأبا بكرٍ,- رضي الله عنه- وأهل بيته، وصفوان- رضي لله عنه- والمسلمين جميعاً، عاشوا هذا الشهر كلهِ في مثل هذا الجو الخانق، وفي ظلِ تلك الآلام الهائلة، بسببِ هذا الحديث.وحقاً إنَّ الإنسان ليقفُ متململاً أمام هذه الصورة الفظيعة، لتلك الفترة الأليمة في حياة الرسول- صلى الله عليه وسلم -، وأمام تلك الآلام العميقة لعائشة- رضي الله عنها- وهي زوجته المقربة، وهي فتاةٌ صغيرة في نحو السادسةَ عشر من عمرها، وترمى في شرفها الذي تعتزٌّ به، وهي ابنة الصديق الناشئة في العش الطاهرِ الرفيع، وترمى في أمانتها، وهي زوجُ محمد بن عبد الله- عليه الصلاة والسلام -، وقد عاشت معهُ منذُ سنَّ التاسعة، هاهي ذي ترمى وهي بريئة، لا تحتاطُ الشيء، ولا تتوقعُ شيئاً، فلا تجدُ ما يبرئها إلاَّ أن ترجوا من الله وترقب أن يرى رسول الله- صلى الله عليه وسلم - رؤيا تبرئها مما رُميت به، ولكن الوحي يتلبثُ لحكمةٍ, يريدها الله شهراً كاملاً، وهي في مثل هذا العذاب، فما أشدَّها من لحظاتٍ, وهي تفاجأُ بالخبرِ من أمِّ مسطح، وهي مهدودةً من المرض، فتعاودها الحمى وهي تقولُ لأمها في حزنٍ, وأسى: (سبحان الله، وقد تحدث الناس بهذا؟ فتجيبها أمها: نعم، وتقول: وقد علم به أبي فتجيبها أمها: بنعم، فتقول: ورسول الله- صلى الله عليه وسلم -؟ فتجيبها كذلك: نعم).ويالهُ من حزنٍ, حين تجد نبيها الذي تؤمنُ به، ورجلها الذي تحبهُ يقول لها: ((أمَّا بعد فإنَّهُ بلغني عن كذا وكذا، فإن كنتِ بريئةً فسيبرئك الله - تعالى -، وإن كنت ألممت بذنبٍ, فاستغفري الله - تعالى -وتوبي إليه، فإنَّ العبدَ إذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله عليه)).

 

فتعلم أنَّهُ شاك فيها، لا يستيقنُ من طهارتها، ولا يقضي في تهمتها، وربٌّه لم يخبرهُ بعد، ولم يكشف له عن براءتها، وهاهو ذا أبو بكرٍ, الصديق- رضي الله عنه- في وقارهِ، وطيبِ نفسه، يلدغهُ الألم، وهو يرمى في عرضه، في ابنته زوج محمد- صلى الله عليه وسلم -، وصاحبه الذي يحبهُ ويطمئنُ إليه، فإذا الألمُ يفيضُ على لسانه، وهو الصابرُ المحتسبُ القوي على الألم، فيقول حينما سمع الخبر: (والله ما رُمينا بهذا في جاهلية أفنرمى به في الإسلام؟) وهي كلمةُ تحمل من المرارةِ ما تحمل، حتى إذا قالت لهُ ابنته المريضة المعذبة: (أجب عني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)، قال في مرارة هامدة: (والله ما أدري ما أقول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -).

 

وأمَّ رومان زوج أبي بكر وأم عائشة، وهي تتماسكُ أمام ابنتها المفجعة المريضة التي تبكي، حتى تظنَّ أنَّ البكاءَ فالقٌ كبدها، فتقول لها: (يا بنيَّة هوِّني على نفسك الشأن، فو الله لقلَّما كانت امرأةٌ قط وضيئةً عند رجلٍ, يُحبها ولها ضرائر، إلاَّ أكثرن عليها)، ولكن هذا التماسك يزولُ حينما قالت لها عائشة- رضي الله عنها-: (أجيبي عني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)، فتقول كما قال زوجها: (والله ما أدري ما أقول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -).

 

والرجل المسلمُ الطيبُ الطاهر، المجاهدُ في سبيل الله صفوان بن المعطل، وهو يُرمى بخيانةِ نبيهِ- صلى الله عليه وسلم - في زوجه، فيُرمى بذلك في إسلامه، وفي أمانته، وفي شرفه، وفي حميَّته، وفي كلِّ ما يعتزٌّ به صحابي، وهو من ذلك كلهِ بريء، فيفاجأ بهذا الاتهامِ الظالم، فيقول: (سبحان الله، والله ما كشفتُ كنفَ أنثى قط)، ويعلمُ أنَّ حسان بن ثابت يروجُ لهذا الإفك، فلا يملكُ أن يضربهُ بالسيفِ على رأسهِ ضربةً تكاد تودي به، وما دفعهُ إلى رفعِ سيفهِ على امرئٍ, مسلم وهو منهي عنهُ إلاَّ أن الألم قد تجاوز به طاقته، فلم يملك زمام نفسهِ عن ما فعل.

 

وأما رسول الله- صلى الله عليه وسلم - فقل ما شئت عن مبلغِ الألم منه- صلى الله عليه وسلم - وهو صفوةُ الخلق، وفي الذروةِ من بني هاشم، ويرمى في بيته، وفي من؟ في عائشة التي حلَّت من قلبه محلاً ليس لبقيةِ نسائه، فيُرمى- صلى الله عليه وسلم - في طهارةِ فراشه، وهو الطاهرُ المطهر، ويُرمى في صيانةِ حرمته، وهو القائمُ على الحرمات في أمته، ويُرمى في حياطةِ ربِّهِ له، وهو الرسولُ المعصومُ من كل سؤ، فيُرمى- صلى الله عليه وسلم - في كلِّ ما يعتزٌّ به نبي، وما يعتزٌّ له مسلم، وما يعتزٌّ له عربي، فيُرمى في فراشهِ وعرضهِ ورسالته، ويتحدثُ الناسُ به في المدينة شهراً كاملاً، ولا يستطيعُ رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أن يضعَ لهذا كلهُ حداً، والله - سبحانه - يُريد لحكمةٍ, بالغةٍ, أن يدع هذا الأمر شهراً كاملاً يخوضُ الناسُ فيه، لا ينزلُ فيه وحيُّ ولا يبين فيه بياناً، وهو- صلى الله عليه وسلم - يُعاني من العارِ ما يعاني منه، فيزدادُ عليه الأمر حين يحتجبُ عنه الوحي شهراً كاملاًº فيُعاني من الوحشةِ ما يُعاني حين يحتجبُ عنهُ ذلك النورُ الذي اعتاد أن ينيرَ له الطريق، ومع وجود القرائنَ الكثيرةِ على براءةِ أهله إلاَّ أنَّ الشك يعملُ في قلبه- صلى الله عليه وسلم - من أثرِ هذه الفرية التي تفوحُ في المدينة، فيصل به الأمرُ إلى أن يشاور في تطليقِ عائشةَ ومفارقتهاº لأنَّهُ- صلى الله عليه وسلم - بشرٌ ينفعلُ في هذه الأمور انفعالاتِ البشر، فيبعثُ- صلى الله عليه وسلم - إلى أسامة بن زيد- رضي الله عنه-حبِّه القريب إلى قلبه، ويبعثُ إلى علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- ابن عمه وسنده، يستشيرهما في خاصةِ أمره.

 

 أمَّا عليُّ- رضي الله عنه- فهو من عصبةِ محمدٍ,- صلى الله عليه وسلم -، وابن عمه وكافله، فهو يشيرُ بأنَّ اللهَ لم يُضيق عليه، ويشيرُ مع هذا بالتثبتِ من الجاريةِ ليُطمئِن قلب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - ويستقرُ على قرار.

 

وأمَّا أُسامة فيدركُ ما بقلبِ رسول الله- صلى الله عليه وسلم - من الودِّ لأهله، فيشيرُ بما يعلمهُ من طهارةِ أم المؤمنين وكذب المفترين الأفاكين، ويستمدُ- صلى الله عليه وسلم - من حديثِ أسامة، ومن شهادةِ الجاريةِ مدداً وقوةً يواجهُ بهما القومَ في المسجد، فيتعذرُ ممن نالوا عرضهُ ورموا أهلهُ، ورموا رجلاً من فضلاءِ المسلمين، لا يعلمُ عليه أحدٌ من سوء، فيقعُ بين الأوس والخزرج ما يقعُ من تشاورٍ, وهمٍ, في المسجد، وفي حضرةِ رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، ذلك الجو الذي كان يسودُ المسلمين في تلك الفترة الغريبة، فيحزٌّ جميع ذلك في نفسِ رسول الله- صلى الله عليه وسلم -.

 

فيذهبُ إلى عائشة يصارحها بما يقولُ الناس عنها، ويطلبُ منها البيان الشافي. وعندما تصلُ الآلام إلى ذروتها على هذا النحو، تنزلُ الرحمةَ من المولى - سبحانه -، فينزلُ الوحي ببراءةِ عائشة- رضي الله عنها-، وبراءةِ بيتِ النبوةِ الطيبِ الرفيع، ويكشفُ المنافقين الذين حاكوا هذا الإفك، ويرسم الطريق المستقيم للمسلمين في مواجهةِ مثل هذا الشأن العظيم. وقد قالت عائشة -رضي الله عنها- عن هذا القرآن الذي نزل: (وأنِّي والله أعلم حينئذٍ, أنِّي بريئة، وأنَّ الله - تعالى -مبرئي ببراءتي، ولكنِّي واللهِ ما كنت أظنُ أن ينزلَ الله - تعالى -في شأني وحياً يُتلى، وبشأني في نفسي كان أحقرُ من أن يتكلم اللهُ فيه بأمرٍ, يُتلى، ولكن كنتُ أرجو أن يرى رسول الله- صلى الله عليه وسلم - في النوم رؤيا يبرئني الله - تعالى -بها).

 

ولكن الأمرّ لم يكن أمر عائشة- رضي الله عنها- ولا قاصراً على شخصها، بل لقد تجاوز إلى شخص رسول الله- صلى الله عليه وسلم - ومكانتهِ بين أصحابه، بل تجاوزهُ إلى صلته بربهِ ورسالته كلها، وما كان حديثُ الإفك رميةً لعائشة وحدها، وإنما رميةً للعقيدة في شخص رسول الله- صلى الله عليه وسلم - من أجل ذلك أنزل الله القرآن ليفصلَ في القضية، ويرد المكيدةَ المدبرة، ويتولى المعركة الدائرةَ ضد الإسلام، ورسول الإسلام، ويكشفُ - سبحانه - عن الحكمة وراءِ ذلك.

 

يحثٌّ ديننا الإسلامي إلى إحسانِ الظن بأنفسنا وغيرنا، لما في ذلك من أبعادٍ, خطيرةٍ, لا تتجلى إلاَّ بعد فوات الأوان.

 

 يقولُ الله - تعالى -في محكم التنزيل: ((يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُم فَاسِقٌ بِنَبَأٍ, فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَومًا بِجَهَالَةٍ, فَتُصبِحُوا عَلَى مَا فَعَلتُم نَادِمِينَ)) (سورة الحجرات: 6).

 

وهذا ما نجدهُ واضحاً في عديدٍ, من القصص والآيات القرآنية، وبالرغم من أنَّ بعض الحوادث تكونُ مؤلمةً، إلاَّ أنَّ فيها من الخيرِ ما يحمدُ معه الألم، والذي حصل في حديث الإفكِ هو تقديرٌ من العزيز الحكيم، الذي يضعُ الأمورَ في مواضعها، فبرغم ما حصلَ من البلاء للرسول- صلى الله عليه وسلم - ومن تعلق بالحادث، إلاَّ أنَّ الخير الذي حصلَ بعدهُ أنساهم تلك الآلام التي عاشوها، ولذا يقول الرب - سبحانه - في مستهلِ الحديث عن الإفك: ((إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالإِفكِ عُصبَةٌ مِّنكُم لَا تَحسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَل هُوَ خَيرٌ لَّكُم لِكُلِّ امرِئٍ, مِّنهُم مَّا اكتَسَبَ مِنَ الإِثمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبرَهُ مِنهُم لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ)) (سورة النور: 11).

 

إنَّهم ليسوا فرداً ولا أفراداً، وإنَّما هم عصبةً متجمعةً ذات هدفٍ, واحد، ولم يكن عبد الله بن أبي بن سلول وحدهُ هو الذي أطلق ذلك الإفك، إنَّما هو الذي تولى معظمه، وهو يمثلُ عصبةَ اليهود أو المنافقين الذين عجزوا عن حرب الإسلام جهاراً، فتواروا خلف الستار ليكيدوا للإسلام خفيةً، وكان حديثُ الإفك إحدى مكائدهم القاتلة، ثُمَّ خُدع فيها من خدع من المسلمينº فخاض منهم من خاض في حديث الإفك، كحمنة بنت جحش، وحسان بن ثابت، ومسطح بن أثاثه، لاعن كيدٍ, منهم للإسلام، وإنَّما انخداعٌ بتلك المؤامرة، فأصلُ التدبير عند تلك العصبة، وعلى رأسها ابن سلول الحذر الماكر، الذي لم يظهر بشخصهِ في المعركة، ولم يقل علانية ما يؤخذُ به فيقاد إلى الحد، إنَّما كان يهمسُ به بين ملئهِ الذين يطمئنُ إليهم ولا يشهدوا عليه، وهكذا بدأ سياقُ هذه الآيات التي تتحدثُ عن الإفك ببيان تلك الحقيقة، ليكشف عن ضخامةِ الحادث، وعمق جذورهِ، وما وراءهُ من عصبةٍ, تكيدُ للإسلام والمسلمين هذا الكيد الدقيق اللئيم.

 

((لَا تَحسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَل هُوَ خَيرٌ لَّكُم)).

ومن خير يتهِ أنَّه كشف عن الكائدين للإسلام في شخص رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وأهل بيته، ويكشفُ للمسلمين عن ضرورة تحريم القذف، وأخذ القاذفين بالحد الذي فرضه الله، وبيَّن مدى الأخطار التي تحيقُ بجماعة المسلمين لو أطلقت فيها الألسنة، تقذفُ المحصناتِ الغافلات المؤمنات.

 

وهو خيرٌ أن يكشف الله للمسلمين عن المنهج القويم، في مواجهة مثل هذا الأمر العظيم، وأمَّا الآلام التي عاناها رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وأهل بيتهِ والمسلمين كلهم، فهي ثمنُ التجربة، أمَّا الذين خاضوا في الإفك، فلكلِّ منهم بقدر نصيبه من تلك الخطيئة، وذلك الذنب، ((لِكُلِّ امرِئٍ, مِّنهُم مَّا اكتَسَبَ مِنَ الإِثمِ)). ((وَالَّذِي تَوَلَّى كِبرَهُ مِنهُم لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ)).

 

يناسبُ نصيبه من ذلك الجرم العظيم. والذي تولى كبره، وقاد حملته، هو عبد الله بن أبي سلول رأس النفاق، وحاملُ لواءِ الكيد، ولقد عرف الخبيثُ كيف يختار مقتلاً لولا أنَّ الله كان من ورائه محيطاً، وكان لدينهِ حافظاً، ولرسوله- صلى الله عليه وسلم - عاصماً.

 

 فلمَّا مرَّ صفوان بعائشة وابن سلول في قومه، قال: (من هذه؟ فقالوا: عائشة، فقال: والله ما نجت منهُ ولا نجا منها، وقال: امرأةُ نبيكم باتت مع رجلٍ, حتى أصبحت، ثم جاءَ يقودها).

 

وهي مقولةٌ خبيثة راح يذيعها عن طريق عصبةِ النفاق، بخبثٍ, ودهاء، ووسائل مكتوبة، بلغ من خبثها أن تموجَ بها المدينة، وتلوكها ألسنة المسلمين غير متحرجين، وإنَّ الإنسانَ ليدهشُ كيف أمكن أن تروج هذه الفرية الساقطة في المسلمين آنذاك، بحيثُ لو استشار كل مسلمٍ, قلبه يومها لأفتاه، ولو عاد إلى منطق الفطرة لهداه، والربٌّ - سبحانه - يدل المسلمين إلى هذا المنهج في مواجهة الأمور، ((لَولَا إِذ سَمِعتُمُوهُ ظَنَّ المُؤمِنُونَ وَالمُؤمِنَاتُ بِأَنفُسِهِم خَيرًا وَقَالُوا هَذَا إِفكٌ مٌّبِينٌ)) (سورة النور: 12).

 

فكان هذا هو الأولى أن يظنَّ المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً، وأن يستبعدوا سقوطَ أنفسهم في مثلِ هذه الحماقة، وامرأةُ نبيهم الطاهرة وأخوهم الصحابي المجاهد، هما من أنفسهم، فظن الخيرُ بهما أولى، فإنَّ ما لا يليقُ بهم لا يليق بزوج رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، ولا يليقُ بصاحبهِ الذي لم يعلم عنه إلاَّ خيراً، وهذا الذي يروى عن أبي أيوب وامرأته- رضي الله عنهما-، أنَّ أبا أيوب قالت له امرأتهُ أم أيوب: (يا أبا أيوب: أما تسمعُ ما يقولُ الناس في عائشة- رضي الله عنها -؟ قال: نعم، وذلك الكذب، أكنت فاعلةً ذلك يا أم أيوب؟ قالت: لا والله، ما كنتُ لأفعله، قال: فعائشة والله خيرٌ منك.

ويروى: أنَّ أبا أيوب قال: لأمِّ أيوب: ألا ترين ما يُقال؟ فقالت: لو كنتَ بدل صفوان، أكنت تظنٌّ بحرمةِ رسول الله- صلى الله عليه وسلم - سوءاً؟ قال: لا. قالت: ولو كنتُ أنا بدل عائشة- رضي الله عنها- ما خنتُ رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، فعائشة خيرٌ مني، وصفوان خيرٌ منك).

فهذه هي الخطوةُ الأولى في المنهج الذي يعرضهُ القرآن لمواجهة الأمور، إحسانُ الظنِّ بالمسلمين، ومراجعةُ النفس وحملُ ما يحصلُ على أحسنِ المحامل.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply