بعد أن مضى على الإسرار بالدعوة ثلاث سنين كثر دخول الناس في دين الإسلام من أشراف القوم ومواليهم: رجالهم ونسائهم، وفشا ذكر الإسلام بمكة وتحدث به الناس، فأمر الله - تعالى -رسوله - صلى الله عليه وسلم - بالجهر بالدعوة وأنزل عليه: (فَاصدَع بِمَا تُؤمَر وَأَعرِض عَنِ المُشرِكِينَ) فبادر بامتثال أمر ربهº وأعلن لقومه الدعوة إلى دين الله - تعالى-º وصعد على الصفا ونادى بطون قريش.
فلما اجتمعوا قال لهم: أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقيّ. قالوا: نعم ما جربنا عليك كذبا، فقال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد. فقام أبو لهب من بينهم وقال: تبا لك ألهذا جمعتنا، فأنزل الله - تعالى - في شأنه: {تَبَّت يَدَا أبي لَهَبٍ, وَتَبَّ* مَا أَغنَى عَنهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ* سَيَصلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ,* وَامرَأَتُهُ حَمَّاَلةَ الحَطَبِ* في جِيدِها حَبلٌ مِّن مَّسَدٍ,}، وقد كانت امرأة أبي لهب تمشي بالنميمة في نوادي النساء وتتقول الأكاذيب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتشعل بذلك نار الفتنة، ثم أنزل الله - تعالى - عليه: (وَأَنذِر عَشِيرَتَكَ الأَقرَبِينَ)، فجمع من بني عبد مناف نحو الأربعين وقال لهم: ما أعلم إنسانا جاء قومه بأفضل مما جئتكم بهº قد جئتكم بخيري الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه، والله لو كَذَبتُ الناسَ جميعاً ما كذبتكم، ولو غررت الناس جميعا ما غررتكم، والله الذي لا إله إلا هو إني لرسول الله إليكم خاصة وإلى الناس كافة. والله لتموتن كما تنامونº ولتبعثن كما تستيقظون، ولتحاسبن بما تعملون، ولتجزون بالإحسان إحسانا وبالسوء سوءاً.إنها لجنة أبدا أو لنار أبدا.فتكلم القوم كلاما لينا، وقام أبو لهب وقال: شدَّ ما سحركم صاحبكم، خذوا على يديه قبل أن تجتمع عليه العرب.فمانعه في ذلك أبو طالب وتفرق الجمع.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد