رضاعة صلى الله عليه وسلم


 

بسم الله الرحمن الرحيم 

وكانت عادة أشراف مكة أن يعهدوا بأطفالهم إلى نساء البادية ليقمن على رضاعتهم، لأن البادية أصلح لنمو أجسام الأطفال وأبعد عن أمراض الحضر التي كثير ما تصيب أجسامهم فضلا عن إتقان اللغة العربية وتعود النطق بالفصحى منذ نعومة أظفارهم. وكان مقدار العناية والرعاية بالطفل يختلف من قبيلة لأخرى لذا حرص أشراف مكة على أن يكون أطفالهم عند أكثر هذه القبائل عناية، ورعاية وكانت أشهر قبيلة في هذا الأمر هي قبيلة بني سعد

 

ولم تقف شهرة بني سعد على أمر العناية والرعاية بالطفل فقط، بل حازت الشهرة في أن لغتها كانت عربية خالصة لم تشبها شائبة فضلا عما اشتهرت به من أخلاق كريمة طيبة لذا حرص عبد المطلب على أن يكون محمد في بني سعد فلما جاءت حليمة السعدية لتأخذه وأحست هذا الحرص طمعت في جزل العطاء فتمنعت في أخذه فلما أجزل لها أخذته وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفخر برضاعته في بني سعد فيقول: أنا أعربكم أنا قرشي واسترضعت في بني سعد بن بكر.

 

ويذكر المؤرخون أن محمد عرض على جميع المرضعات اللاتي وفدن على مكة فأبين يأخذنه ليتمه وفقره، وأنهن كن يطمعن في أبناء الأغنياء وأن حليمة ما عادت إليه إلا لأنها لم تجد طفلا غيره وهذا غير صحيح فمحمد لم يكن فقيرا فهو في كفالة جده عبد المطلب سيد مكة وكبيرها، ومثله من يطمع في عطائه وقد ذكرت المصادر أن جيش أبرهة في حملته على الكعبة قد حاز مائتين من الإبل لعبد المطلب، كما أنه فدى ابنه عبد الله بمائة من الإبل، وذبح مجموعة كبيرة منها في زواجه لا يصد عنها إنسان ولا حيوان، ويذكر اليعقوبي أن عبد المطلب عند موته لف في حلتين من حلل اليمن قيمتها ألف مثقال من الذهب فمن كان ذلك حاله أيعقل أن يكون فقيرا تترك المرضعات ولده؟ ذلك فضلا عن إرضاع الأطفال في البادية عادة أشرف مكة وأغنيائها، أما الفقير فكانت كل أم ترضع طفلها.

 

قضى محمد - صلى الله عليه وسلم - في حضانة ورعاية (حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية), وزوجها (الحارث بن عبد العزى) أربع أو خمس سنوات ثم حدث ما جعلها تعجل بإرجاعه إلى أمه في مكة إذا أخبرها ابنها الصغير أن رجلين أخذا محمدا فشقا صدره واستخرجا قلبه وأخذا منه علقه سوداء ثم غسلا القلب وأعاداه إلى ما كان عليه، وقد اختلف المؤرخين في حقيقة شق الصدر هل هو حسي أم معنوي؟ ولكن لعله يشير إلى الحصانات التي أضفاها الله على محمد - صلى الله عليه وسلم - فحصنته ضد مساوئ الطبيعة الإنسانية ومفاتن الحياة الأرضية

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply