غزوة بني المصطلق ( المريسيع )


 

بسم الله الرحمن الرحيم

جرت أحداث هذه الغزوة في السنة السادسة من الهجرة، وسببها أنه لما بلغ الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن الحارث بن أبي ضرار - رأس وسيد بني المصطلق- سار في قومه، وبعض من حالفه من العرب، يريدون حرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد ابتاعوا خيلاً وسلاحاً، وتهيّأوا لذلك، بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بريدة بن الحصيب الأسلمي، ليستطلع له خبر القوم، فأتاهم حتى ورد عليهم مائهم، فوجد قوماً مغرورين، وقد تألبوا وجمعوا الجموع، ولقي الحارث بن أبي ضرار، وكلمه، ورجع إلى رسول الله فأخبره خبرهم، فندب رسول الله الناس، فأسرعوا في الخروج، وخرج معهم جماعة من المنافقين لم يخرجوا في غزاة قبلها لقرب السفر، ورغبة في عرض الدنيا، واستعمل على المدينة زيد بن حارثة.

 

 وبلغ الحارث بن أبي ضرار ومن معه مسير رسول الله إليه، فخافوا خوفاً شديداً، وتفرق عنهم من كان معهم من العرب، وانتهى رسول الله إلى المريسيع وهو مكان الماء، فضرب عليه قبته، ومعه عائشة و أم سلمة، و تهيأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه لملاقاة القوم.

 

وجعل راية المهاجرين مع أبي بكر الصديق، وراية الأنصار مع سعد بن عبادة، ثم أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، فنادى في الناس: قولوا لا إله إلا الله، تمنعوا بها أنفسكم وأموالكم.

 

 والصحيح من روايات هذه الغزوة أنه لم يكن قتال بين المسلمين والمشركين، وإنما أغاروا عليهم عند الماء، وسبوا ذراريهم، وأموالهم، ويؤيد هذا ما ثبت في الصحيح (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أغار على بني المصطلق وهم غارّون - المباغتة في القتال- وأنعامهم تسقى على الماء، فقتل مقاتلتهم، وسبى ذراريهم، وأصاب يومئذ جويرية ) رواه البخاري و مسلم.

 

وذكر أصحاب السير أنّ أم المؤمنين جويرية بنت الحارث - رضي الله عنها - قالت: أتانا رسول - صلى الله عليه وسلم - ونحن على المريسيع، فأسمع أبي يقول: أتانا ما لا قبل لنا به. قالت: فكنت أرى من الناس والخيل مالا أصفُ من الكثرة، فلما أسلمتُ، وتزوجني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ورجعنا، جعلت أنظر إلى المسلمين، فليسوا كما كنت أرى، فعلمت أنه رعب من الله - تعالى -يُلقيه في قلوب المشركين.

 

 وفي هذه الغزوة وقعت حادثة الإفك في حق أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - التي قص علينا نبأها القرآن، وفصلت السنة أحداثها، وقد تحدثنا عنها في مقال سابق من محورنا هذا.

 ولنا أن نستفيد من هذه الغزوة دروساً وعبراً، نستخلصها من الحوادث المصاحبة لهذه الغزوة، وخاصة حادثة الإفك التي أظهرت خطر المنافقين وجرأتهم، حتى نالوا من عرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم ما ينبغي على المؤمن فعله عند سماع الشائعات من حفظ اللسان وعدم الخوض فيها، يضاف إلى ذلك الصبر والتحلي به، وعدم التعجل في الأمور عند الابتلاء أسوة بالنبي - صلى الله عليه وسلم -.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply