غزوة بني قريظة


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

لما انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - و المسلمون من الخندق راجعين إلى المدينة ووضعوا السلاح أتي جبريل و قال: أو قد وضعت السلاح يا رسول الله؟ قال: نعم، فقال جبريل: فما وضعت الملائكة السلاح بعد إن الله - عز وجل - يأمرك بالمسير إلى بي قريظة

فأمر رسول الله مؤذنا فأذن في الناس أن من كان سامعاً مطيعا فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة

ولما رأي اليهود جيش المسلمين أسرعوا بإغلاق حصونهم وحاصرهم المسلمون خمسا وعشرين ليلة علي رأي ابن إسحاق

فلما أيقنوا بأن رسول الله غير منصرف عنهم حتى يناجزهم قال كعب بن أسد لهم: يا معشر اليهود قد نزل بكم من الأمر ما ترون وأني عارض عليكم خلالا ثلاثة فخذوا أيهما شئتم قالوا: وما هي؟ قال نتابع هذا الرجل ونصدقه فواله لقد تبين لكم إنه لنبي مرسل وإنه الذي تجدونه في كتابكم فتأمنون علي دمائكم وأموالكم وأبنائكم ونسائكم قالوا: لا نفارق حكم التوراة ابدأ ولا نستبدل به غيره

 

قال: فإذا أبيتم علي هذه فهلم فلنقتل أبناءنا ونساءنا ثم نخرج إلى محمد وأصحابه رجلا مصلتين السيوف لم نترك وراءنا ثقلا حتى يحكم الله بيننا وبين محمد فإن نهلك تهلك، ولم نترك وراءنا نسلا نخشى عليه وأن نظهر فلعمري لنجدن النساء والأبناء قالوا: نقتل هؤلاء المساكين فما خير العيش بعدهم؟ قال فإن أبيتم علي هذه فإن الليلة ليلة السبت وإنه عسي أن يكون محمد وأصحابه قد أمنونا فيها فأنزلوا لعلنا نصيب من محمد و أصحابه غرة قالوا: تفسد سبتنا علينا وتحدث فيه ما لم يحدث من كان قبلنا إلا من قد علمت فأصابه ما لم يخف عليك من المسخ قال: ما بات رجل منكم منذ ولدته أمه ليلة واحدة من الدهر حازماً

 

ولما اشتد عليهم الحصار أرسلوا إلى النبي أن يبعث لهم أبا لبابة ـ وهو من حلفائهم الأوس ليستشيروه في أمرهم فأرسله النبي إليهم فلما رأوه قام إليه الرجال وجهش إليه النساء والأطفال يبكون في وجهه فرق لهم أبو لبابة وقالوا له يا أبا لبابة أترى أن ننزل علي حكم محمد؟ قال نعم و أشار بيده إلى حلقة إنه الذبح

 

ثم أدرك لفوره أنه خان رسول الله – صلى الله عليه وسلم - فمضي هائما علي وجهه ولم يأت رسول الله – صلى الله عليه وسلم -بل ربط نفسه في مسجد المدينة إلى عمود من عمده وقال لا أبرح مكاني هذا حتى يتوب الله علي مما صنعت، وعاهد الله ألا يطأ بني قريظة أبدا ولا يرى في بلد خان الله ورسوله فيه أبدا

 

ونزلت توبة أبي لبابة علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ست ليال كانت امرأته تأتيه في كل وقت صلاة فتحله للصلاة ثم يعود فيرتبط بالجذع وفي توبته قال الله - تعالى -: {وَآخَرُونَ اعتَرَفُوا بِذُنُوبِهِم خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيهِم إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }سورة التوبة - آية 102

 

ولما اشتد الحصار ببني قريظة أذعنوا وقذف الله في قلوبهم الرعب فنزلوا علي حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتواثبت الأوس وقالوا يا رسول الله إنهم موإلينا دون الخزرج وقد فعلت في موالى إخواننا (يعنون يهود بني قينقاع) بالأمس ما قد علمت فقال لهم الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ألا ترضون يا معشر الأوس أن يحكم فيهم رجل منكم؟

قالوا: بلي

قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -فذاك إلى سعد بن معاذ فأرسل الرسول – صلى الله عليه وسلم -إلى سعد بن معاذ وهو في خيمة رفيدة يتداوى فلما جيء به قال له بنو قبيلته: يا أبا عمرو أحسن في مواليك فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما ولاك ذلك لتحسن فيهم

فلما اكثروا عليه قال: لقد آن لسعد ألا تأخذه في الله لومة لائم ثم قال سعد فإني أحكم فيهم أن تقتل الرجال، وتقسم الأموال، وتقسم الذراري والنساء

فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة - أي سماوات

وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى سوق المدينة فخندق بها خنادق ثم بعث إليهم فضرب أعناقهم في تلك الخنادق وكان عددهم ما بين ستمائة إلى سبعمائة والمكثر لهم يقول كانوا بين الثمانمائة والتسعمائة ثم قسمت أموال بني قريظة و نساؤهم و أبناؤهم علي المسلمين

 

ويلاحظ أن هذا الحكم الذي حكم به سعد هو ما توصي به التوراة في معاملة الخصوم وفي طرد الأحزاب ودحر بني قريظة نزلت الآيات: {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيظِهِم لَم يَنَالُوا خَيراً وَكَفَى اللَّهُ المُؤمِنِينَ القِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً {25} وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّن أَهلِ الكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِم وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرٌّعبَ فَرِيقاً تَقتُلُونَ وَتَأسِرُونَ فَرِيقاً {26} وَأَورَثَكُم أَرضَهُم وَدِيَارَهُم وَأَموَالَهُم وَأَرضاً لَّم تَطَؤُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ, قَدِيراً} سورة الأحزاب

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply