السؤال:
وجدت شيئاً في كتاب قصص الأنبياء لابن كثير، أرجو توضيحاً له عندكم: وقد قيل أيضاً: إن مريم - عليها السلام - ذهبت يوماً وهي حامل إلى خالتها التي أخبرت أنها تحس كما لو كانت حاملاً، فقالت مريم: إنها تخشى أيضاً أن تكون حاملاً، فقالت خالتها: \"أرى أن الذي في بطني يسجد لمن في بطنك\"، والذي يحيرني أن المسلمين لا يسجدون إلا لله!. أرجو التوضيح - وجزاكم الله خيراً -.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
إن ما وقع عليه السؤال ذكره ابن كثير في قصص الأنبياء، ولفظه: وذكر السدي بإسناده عن الصحابة رضي الله عنهم- أن مريم - عليها السلام - دخلت يوماً على أختها، فقالت لها أختها: \"أشعرت أني حبلى؟ فقالت مريم - عليها السلام -: وشعرت أيضاً أني حبلى؟ فاعتنقتها وقالت لها أم يحي: إني أرى ما في بطني يسجد لما في بطنك\".
وليس في هذا ما يدل على جواز سجود المخلوق للمخلوقº لأمور:
أولاً: أن القصة مما بلغنا من طريق أهل الكتاب، ولم يأت في الكتاب والسنة ما يثبت ذلك، فلا نصدقه ولا نكذبه ما لم يعارض أصلاً في شرعنا فنرده عندئذ.
ثانياً: أن هذه رؤيا رأتها أم يحيى، والرؤى لا تثبت بها الأحكام.
ثالثاً: لو صح ما سبق لأمكن حمل لفظ السجود على غير معناه المتبادر، وكلام ابن كثير في بيان معنى السجود واضح جلي، إذ قال بعد إيراده القصة: (ومعنى السجود هاهنا الخضوع والتعظيم، كالسجود عند المواجهة للسلام، كما كان في شرع من قبلنا، وكما أمر الله الملائكة بالسجود لآدم).
وقد ذكر تأويل الإمام مالك لرؤيا أم يحي إذ قال مالك: (أرى ذلك لتفضيل عيسى - عليه السلام -º لأن الله تعالى- جعله يُحيي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص).
هذا -والله أعلم إن صحت القصة فهي من قبيل رؤيا يوسف - عليه السلام - حين قال لأبيه: \"يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوكَباً وَالشَّمسَ وَالقَمَرَ رَأَيتُهُم لِي سَاجِدِينَ\"[يوسف: من الآية4]. والله تعالى- أعلم.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد