بسم الله الرحمن الرحيم
تمهيد:
هو الشيخ العلامة محمد سيديا بن سليمان بن اجدود الملقب \"النووي\" وكانت أمه - رحمها الله - قد لقبته بهذا اللقب وهو صغير تيمنا منها أن يكون من علماء الحديث مثل الإمام النووي - رحمه الله - فحقق الله لها ذلك. ولد الشيخ سنة 1379 هـ/1959 م في ضواحي قرية أبي تلميت الواقعة على طريق الأمل 153 كم شرق العاصمة نواكشوط.
تحصيله العلمي:
حفظ القرآن الكريم على يدي والديه قبل أن يكمل السنة العاشرة من عمره، ثم بدأ بدراسة الكتب التي يبتدئ بها الصغار عادة في تلك المنطقة كمختصر الأخضري, والآجرومية, والعبقري, ونظم الغزوات للبدوي, وقرة الأبصار في السيرة النبوية. بعد ذلك التحق بمحظرة (أهل داداه) المشهورة بنشر السنة والعمل بها، وبإتباع الدليل ونبذ التعصب المذهبي، حيث واصل مشواره في التحصيل العلمي بالدراسة على شيخ تلك المحظرةº الشيخ يحي بن الشيخ سيدي المختار بن الشيخ سيديا الذي لازمه سفراً وحضرا لمدة تزيد على عشرين سنة, أخذ عنه خلالها كل العلوم التي تدرس في المحاظر الموريتانية فأعطاه الإجازة في مقرإ الإمام نافع، وهي الإجازة التي لا تعطى في تلك المحظرة إلا لمن أتقن رسم المصحف الشريف، ودراسة نظم ابن بري في مقرإ الإمام نافع وكان ذلك سنة 1975 م.
أما فترة دراسته على شيخه الشيخ محمد يحي الممتدة ما بين 1969-1993 فقد أكمل عليه خلالها دراسة الكتب التالية:
- ألفية ابن مالك في النحو مع توشيحها وشرحها المعروف ب\"احمرار ابن بونه\"
- لامية الأفعال مع توشيح الحسن بن زين لها
- مختصر الشيخ خليل بن إسحاق المالكي في الفقه المالكي
- مختصر العوافي من رسمي العروض والقوافي للشيخ سيدي محمد بن سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم
- ألفية السيوطي في مصطلح الحديث
- سلم الأخضري في علم المنطق
- عقود الجمان..(ألفية السيوطي في البلاغة)
- ورقات إمام الحرمين الجويني في أصول الفقه
- مراقي السعود في أصول الفقه
وقد كان خلال النصف الثاني من هذه المرحلة يساعد شيخه في تدريس الطلاب مما زاد رسوخ قدمه وتمكنه في العلوم التي درسها, وقد نبغ في معرفة علم الأنساب والسير، كما كان خلال هذه الفترة وبعدها يكثر من مطالعة الكتب وخاصة كتب الحديث الذي شغف به قلبه وملك عليه لبه, فسافر بعد تخرجه من المحظرة سنة 1993 لأجل ذلك متنقلا بين المكتبات المشهورة ومشايخ العلم البارزين في هذا الفن حتى حصل على إجازات العديد منهم, من أمثال الشيخ محمد سالم ولد عدود الذي أجازه في كتاب \"فهرس الفهارس للكتاني\" الذي يحوي أمهات الكتب في علم الحديث والفقه واللغة... والشيخ حاتم الشريف المكي الذي أعطاه إجازة في الحديث وعلومه.
نشاطه العلمي والدعوى:
بعد تخرج الشيخ النووي من المحظرة اشتغل بالدعوة إلى الله - تعالى - وتعليم العلم لمن حوله وللوافدين إليه من طلبة العلم دون أن يوقف ذلك مسيرته وجهده في طلب العلم- فكانت مكتبته العامرة بأنواع الكتب وخاصة النادرة منها في قرية \"بئر الخير\" الواقعة على بعد 8 كلم على طريق الأمل غربي أبي تلميت محط رحال الباحثين والدارسين وطلبة العلم الذين أحبوه وأحبهم.
عرف - حفظه الله - بتواضعه وبساطته وبتمسكه بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحبه الشديد لها كما عرف ببعده عن البدع ونبذ التقليد ودعوته الناس إلى الرجوع للأخذ بالدليل من الكتاب والسنة، فلم يبال بما أصابه جراء ذلك من تهميش ومضايقة في جو ينتشر فيه التقليد وتعصب الأتباع لمتبوعيهم فلم يزل صابرا في دعوته محتسبا يحث الناس على التمسك بالهدي النبوي في كل شؤون الحياة بعيدا عن الغلو والمحاباة آخذا بالقصد والاعتدال حتى تأثر بدعوته كثير من شباب المسلمين في شتى المناطق فضلا عن العديد من القرى والمدن التي انتشرت فيها مظاهر الالتزام والتمسك بالسنة تأثرا بدروس الشيخ ومحاضراته مما أغاظ أعداء السنة ودعاة الفساد الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا ويكرهون انتشار الحق والهدى والرحمة بين الناس.
تعرضه للمحنة والابتلاء:
على سنة الأنبياء والصالحين والعلماء العاملين في التعرض للابتلاء نال الشيخ ما استبشر به قلبه وفرحت به نفسه من أذية وابتلاء في سبيل الله - تعالى -, حيث اعتقلته الأجهزة الإجرامية في مخابرات نظام ولد الطايع العميل سنة 1994 التي عذبته ونكلت به تنكيلا شديدا قبل أن تطلق سراحه وتحذره من استقبال طلاب العلم ومن ممارسة الدعوة إلى الله - تعالى -, ثم دأبت على ممارسة الضغوطات المختلفة من تهديد ومتابعة ومضايقة لتثنيه بذلك عن رحلاته الدعوية ودروسه العلمية الثابتة والمتنقلة... وبما أنه لم يأبه بذلك ولم يخضع له فقد تم اعتقاله مرة أخرى بتاريخ 25/04/2005، -وكعادتها- لم تراع مخابرات ولد الطايع الوقحة اللئيمة مكانة للعلماء ولا حرمة لأهل الفضل والصلاح, فأغرت به مجموعة الجلادين الأنذال الذين تدربوا في دويلة الكيان الصهيوني على تعذيب المسلمين وإذلالهم، فأهانوه أهانهم الله ونكلوا به مثلما نكلوا بغيره من إخوانه وطلابه الذين لا يزال العديد منهم معه في السجن إلى وقت كتابة هذه الأسطر- رهن اعتقال تعسفي ظالم... نسأل الله أن يفك أسرهم ويرفع قدرهم أجمعين.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد