تحقيق التراث العسكري العربي الإسلامي ونشره


 

بسم الله الرحمن الرحيم

[1] أهمية التحقيق والنشر:

التراث لغة: هو ما وُرِث، وقد ورث العرب والمسلمون عن أجدادهم من جملة ما ورثوا، مؤلفات قيِّمة في شتى مجالات العلوم والآداب والفنون، فاستطاع الناشرون إخراج كثير من المؤلفات العلمية والأدبية والفنية القيمة إلى النَّاس محققة تارة وبدون تحقيق تارة أخرى.

 

وفي الوقت الذي حظي كثير من التراث العربي الإسلامي الأصيل بالتحقيق والنشر، فإن حظ تحقيق التراث العسكري العربي الإسلامي بقي عاثراً، فلم يحقق حتى اليوم غير عدد محدود من التراث العسكري العربي الإسلامي العريق.

 

وإعادة كتابة المعارك العربية الإسلامية بشكل واضح وأسلوب حديث، بحاجة ماسة إلى تحقيق التراث العربي الإسلامي ونشره، لأنه يعين على تفهم سير القتال في المعركة وطريقة توزيع قوات الجانبين في تشكيلاته تعبوية، وطريقة عمل كل تشكيل قتالي في المعركة، كما يعين على شرح الأسلحة التي استخدمها الجانبان في المعركة، ومزايا تلك الأسلحة، وأسلوب عملها في القتال.

 

ولعل تحقيق التراث العسكري العربي الإسلامي، يكمل إعادة كتابة التاريخ العسكري العريق الإسلامي وإعادة كتابة العسكرية الإسلامية بأسلوب واضح جديد.

 

ولقد انتصر المسلمون الأولون بعقيدتهم الراسخة، ولكن معلوماتهم العسكرية النظرية والعملية كانت على درجة رفيعة جداً من التقدم والرقي.

 

ولم تكن المعلومات مدونة في الكتب أيام الفتوح واستعادة الفتوح، ولكنها دوِّنت في العصر العباسي.

 

أما السلف الصالح من الفاتحين، فقد كانوا قبل عصر التدوين، يتلقون المعلومات العسكرية العملية والنظرية خلفاً عن سلف، ويمارسون تلك المعلومات العسكرية عملياً في ميدان القتال، والممارسة العملية خير مدرسة كما هو معلوم.

 

وبعد تدوين العلوم العسكرية في العصر العباسي وفي العصور التي جاءت من بعده، أصبحت للعرب مؤلفات عسكرية مدونة، فورثها أبناؤهم تراثاً عسكرياً إسلامياً أصيلاً من المؤلفات العسكرية التي لا تقل أهمية عن كتب التراث الأخرى في العلوم والآداب والفنون.

 

والتراث العسكري العربي الإسلامي جزء من الحضارة العربية الإسلامية، وهذه جزء من الحضارة العالمية.

 

وتحقيق التراث العسكري العربي الإسلامي ونشره، خدمة كبيرة للحضارة العربية الإسلامية وللحضارة العالمية أيضاً.

 

فلا ينبغي إهمال هذا التراث، إذ لا يزال ينتظر من يحققه وينشره بين الناس.

 

[2] غزارة التراث العسكري:

إن التراث العسكري العربي الإسلامي، يعمر مكتبات أوروبا ومتاحفها، ويتيسر في مكتبات العالم كافة ومتاحفها، وتزخر به مكتبات المخطوطات العربية في شتى أصقاع العالم، ويحوي معهد المخطوطات التابع لجامعة الدول العربية على جزء مهم من هذا التراث العريق.

 

وحسبنا أن نتصفح كتاب: (فهرست ابن النديم) الذي عدد فيه مؤلفه: ((الكتب المؤلفة في الفروسية وحمل السلاح وآلات الحرب والتدبير والعمل بذلك لجميع الأمم))، لنتلمس بوضوح أي تراث عسكري أصيل كان العرب والمسلمين منذ عدة قرون.

 

ومن مقارنة ما جاء في: ((فهرست ابن النديم)) عن الكتب التي اطلع عليها في عصره وسجلها في كتابه، بالمؤلفات العربية الإسلامية المعروفة في الوقت الحاضر، يتبين لنا أن كثيراً من التراث العسكري العربي الإسلامي لا يزال مفقوداً.

 

ولكن ما وصل إلينا من المخطوطات العربية، يدل على أن العرب المسلمين بلغوا شأواً بعيداً في العلوم والفنون العسكرية، وأنهم لم يقتصروا على علوم الدين والفلسفة والعلوم العقلية والنقلية والتاريخ والأدب، بل كان لهم في العلوم العسكرية باع طويل وقدم راسخة.

 

وهذا التراث قسمان:

القسم الأول: ألَّفه العرب والمسلمون.

 

والقسم الثاني: نقلوه عن الأمم الأخرى، كالفرس والروم والهنود، حسب أسبقية ذكرها في كمية النقل.

 

والتراث العسكري العربي الإسلامي بالنسبة لكتبه عدة أنواع: كتب للتدريب على الرمي، وكتب للتدريب على الفروسية، وكتب في صفات الأسلحة والتدريب عليها وأساليب استعمالها، وكتب في الأسلحة الهجومية ككتاب الدبابات والمنجنيقات والحِيَل والمكاي

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply