حديثنا التالي - بإذن الله - عن سن السادسة.
سن السادسة هو المتوسط المتوقع لمرحلة جديدة يتمركز فيها الطفل حول ذاته، يتوقع أن يكون ابن السادسة مندفع العاطفة أحياناً قليلة بصورة إيجابيه تجاه غيره، كحنانه على إخوانه الصغار وعطفه عليهم، ولكن الأغلب أن يكون ابن السادسة مندفع العاطفة نحو ذاته، فتجد عنده الأنانية والطمع، يريد أن يكون له الأولوية في كل شيء، يريد أن يكون محبوباً أكثر من غيره، يريد أن يحصل على نصيب الأسد، طمّاع، ما يصح تخيره بين لعبتينº لأنه يريد الاثنتين، واحرص ألا تأخذ شيئاً من ممتلكاته وتعطيها طفلاً آخر يلعب بها إلا بإذنه، ولا تسمح لأحد أن يأخذ دوره في اللعب أو غيره إلا بإذنه، ولا حتى الكبار.
فديننا العظيم الذي علّم الصغار الاستئذان احتراماً لخصوصيات الكبار هو ذات الدين الذي علّم الكبار الاستئذان من الصغار، سواء في عمر الست سنوات أو غيره احتراماً لخصوصياتهم، وهو ليس استئذان ملاطفة لا قيمة له، لا، بل وهب الصغار حق الرفض أو القبول، وعلّمنا احترام قرارهم، أخرج البخاري ومسلم من حديث سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُتي بشراب فشرب منه وعن يمينه غلام، وعن يساره أشياخ، فقال للغلام: أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟ فقال الغلام: لا والله ما أوثر بنصيبي منك أحداً!! قال: فتله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يده، أي: وضع الشراب في يده، ثم تأمل كيف أقر الصغير حقه في الرفض مع عظم قدر المستأذِن والمُستأذَن لهم وهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وكبار الصحابة.
ابن السادسة لديه رغبة شديدة في الفوز، وإذا انهزم فلا يتحمل، تراه يصيح ويبكي، ويتهم إخوانه أنهم غشاشين، اندفاع عاطفته نحو ذاته يضعف قدرته على التعامل مع لحظات خسارته وإخفاقه وإحباطه، وهذا يجعل ابن السادسة عموماً سريع البكاء، ينفجر ويبكي بسهولة.
إخواني: أبناؤنا يتعلمون منا التعامل مع الحزن والخسارة والإحباط مثل ما يتعلمون منا أي شيء آخر، لذلك فإن طفل السادسة يراك أنت كيف تتعامل مع ما يحزنك أو يحبطك ويضايقك بصبر ورضا، وروح رياضية وابتسامة، في المرحلة السابقة كانت أمه هي مركز العالم بالنسبة له، وهي محور اهتمامه، أما الآن في السادسة فيريد أن يكون هو مركز عالمه الخاص، وبؤرة اهتمامه، ولذلك يتوقع أن تسوء علاقته بأمه نسبياً بسبب تمركزه حول ذاته، وحتى مع غيرها تجده سلبياً مع الآخرين، ينفر من الأوامر ويتملص منها، ويحوّلها على إخوانه، ولا يتقبل النقد واللوم بسهولة، وبما أنه يحتاج بشدة للمديح والثناء فبإمكان الأم الواعية ومن حول الطفل أن يحسنوا علاقتهم معه، ويؤثروا في سلوكه بأن يقللوا من النقد واللوم والأوامر إلى أقل حد ممكن، ويمدحونه على تصرفات محددة وليس مدحاً عاماً، كما ينقلون له ثناء الآخرين عليه، ويدعون الله له بما يحب وتهفو إليه نفسه، فيربطون رغباته التي يتعلق بها بشدة في هذه المدة بمن يقضيها له أي الله - سبحانه وتعالى -، كما يحدثونه دائماً عن الجنة وما فيها من متع ورغبات يشتهيها ويتمناها، فيشوقونه لها، ويغرسون حبها والعمل لأجلها في قلبه
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد