أحمد طفل عنده 10 سنوات، أعطته أمه مبلغ من المال لشراء بعض المشتريات للمنزل، وهو في طريقه وجد أطفال يلعبون الكرة فلعب معهم، ولكن حدث شيء أزعجه كثيرًا، وهو أنه فقد المال الذي أعطته أمه لشراء المشتريات، فترك الأولاد ووقف جانبًا يبكي لا يدري ماذا يفعل؟ فإذا برجل غريب يقف أمامه ويسأله: لماذا تبكي يا صغير؟ فقال له السبب، فاقترح عليه حلًا أن يأخذه إلى أمه، ويشرح لها ما حدث حتى لا تضربه، فوافق أحمد ومشى مع هذا الغريب إلى بيت أحمد.
وعندما وصلوا إلى باب البيتº فتحت الأم وجرَّت الولد إلى داخل البيت، وضربته قبل أن تعرف سبب تأخره، وفوق ذلك أنه لم يحضر المشتريات التي كانت تحتاجها وتنتظرها.
فما رأيكِ عزيزتي الأم في موقف أحمد؟
وما رأيكِ في موقف أم أحمد من تأخره وضياع المال منه وعدم شراء المشتريات؟
من خلال هذه القصة البسيطة فإننا يمكننا وضع أيدينا على عدة أخطاء من أحمد ومن الأم، ويمكنك أن تشاركي معنا في التفكير.
فمن الأخطاء التي وقع فيها الابن أنه ليس عنده أولويات في العمل، ما المهم وما الأهم؟
وأيضًا بكى عند فقد المال ولم يفكر في حلول أخرى، ومن الأخطاء الفادحة أنه مشى مع الرجل الغريب إلى باب بيتهº ليكلم أمه بالنيابة عنه.
أما عن الأم فكان عليها أن تتناقش مع الابن، وتسأله عن الأسباب وغير ذلك، بدلًا من الضرب الذي لا يعلم شيئًا، أو أن تخصم المال الضائع من مصروفه، وتعلمه ألا يمشي مع رجل غريب... وغير ذلك.
عزيزتي الأم القارئة:
قبل أن ندخل في تفصيل المهارات الحياتية، نسأل أولًا ما معنى المهارات الحياتية؟
المهارات الحياتية هي: القدرة على التكيف والسلوك الإيجابي للمواقف المختلفة، التي تساعد الإنسان على التعامل مع متطلبات وتحديات الحياة اليومية.
والسؤال الآن كيف يمكن تطبيق المهارات الحياتية وتعليمها للأبناء؟
يمكن تعليم الطفل منذ الصغر المهارات الحياتية، ويكون هذا في شكل لعب أو تمثيلية أو موقف أو مشكلة تطلب منه الأم إيجاد الحل، أو حكاية قصة لها موقف، على أن يكمل الطفل القصة باستخدام المهارات الحياتية.
وكل ذلك حتى يستطيع الأولاد التصرف في حل عدم وجود الأم أو الأب، ويحمي نفسه من أي خطر يحدق به.
مثال على ذلك:
طفل ضربك... كيف تتصرف؟
إذا أعطاك أحد شيء لا تعرفه... كيف تتصرف؟
إذا حاول شخص أن يأخذك إلى مكان لا تعرفه... كيف تتصرف؟
إذا كنت في الطريق وفجأة لم تجد \'ماما\' معك... كيف تتصرف؟
إذا طلب منك شخص الساعة أو الموبايل لإعطائها للأب وأنت في السيارة.. ماذا تفعل؟
وأُعلِّم الابن -البنات أو الأولاد- الفرق بين اللمسة العادية واللمسة المشكوك فيها، وهذا يفيد جدًا الطفل في حالات الاعتداء الجنسي ليعرف كيف يتصرف.
وتسأل سائلة: لماذا أعلم أولادي المهارات الحياتية، وهل هي هامة لهذه الدرجة؟
من المهم أن نرى أولادنا أقوياء فطناء، وليسوا ضعفاء أو سمتهم السذاجةº حتى لا يكون مطمعًا للآخرين، ومصدر للسخرية والاستهزاء.
والشرع يأمرنا أن لا نضيِّع أولادنا، ولا نربيهم على الضعف والوهن، ويقول رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - [[المؤمن القوي خير وأحب إلا الله من المؤمن الضعيف]]. رواه مسلم.
والمؤمن أيضًا كيَّس فطن، هكذا تكون صورة المسلم في المجتمع، وما ينبغي أن نربي عليه أولادنا.
ما رأيك الآن عزيزتي الأم أن نعرض لكِ المهارات الحياتية وهي:
1- القدرة على اتخاذ القرار.
2- القدرة على إيجاد الحل المناسب للتعامل مع المشاكل في حياتنا بطريقة بنَّاءة.
3- التفكير النقدي: مثال: التدخين، فقبل أن يَقبَل الولد السيجارة الأولى من الآخرينº يسأل نفسه: ما ميزان قبولي للسيجارة؟ وما عيوب رفضي للسيجارة؟
هل بالسيجارة أصبح رجلًا؟ وعندما يفكر في المواقف بطريقة سليمة يأخذ القرار السليم.
4- التفكير الإبداعي: أي تنمية التفكير بطريقة فيها إبداع، وهذا يساعد في التعامل مع المواقف بطريقة واقعية ومرنة، خاصة في المشاكل اليومية.
5- الاتصال الفعَّال: وهي القدرة على التعبير اللفظي وغير اللفظي.
6- مهارات تكوين علاقات مع الآخرين: وهي القدرة على تكوين علاقات إيجابية بين الناس، وتكوين أصدقاء والإبقاء على هذه الصداقة، وكذلك الإبقاء على العلاقات الطيبة بين أفراد الأسرة.
7- مهارات الوعي بالذات: وهي أن يتعلم الإنسان كيف يكون شخصًا مهمًا، ويتعرف على صفات القوة والضعف في نفسه، وذلك يساعد الشخص على التعرف على صفاته أثناء الأزمات.
8- مهارات التشاعر: وهي الإحساس بمشاعر الآخرين ومحاولة حل المشكلة.
فمثلًا إذا كان الطفل يبكي لا أقول له: \'خليك راجل\' لأنه ليس رجلًا، ولكن أفهمه واسمع منه ما يبكيه.
9- التكيف مع المشاعر: وهي التعرف على المشاعر بداخلنا وبداخل الآخرين، ومعرفة المشاعر التي يمر بها الشخص أثناء أي سلوك يأخذه، مثال: الفرح والحزن، فالإنسان إذا تواجد في فرح تختلف مشاعره إذا تواجد في عزاء مثلًا، فليس من العقل أن يحزن الإنسان في الفرح، أو يذهب للعزاء ويضحك، ويتكلم في موضوعات لا تناسب الموقف.
10- التكيف مع الضغوط: إن الضغوط اليومية الحياتية تؤثر علينا، ولكننا نستطيع التحكم فيها، مثال: الوقوف بثقة أمام ضغوط الزملاء، كموضوع التدخين والمخدرات وغير ذلك، مما يمس الصحة العامة والشرع والأخلاق، يقول الزملاء للشخص: \'خليك راجل وجرَّب!!! \'.
ونخلص من كل ما سبق أن تعليم أولادنا المهارات الحياتية التي ذكرناها هو من الأهمية بمكانº لأن أي مشكلة تواجه الأبناء يمكن التعامل معها، وإيجاد الحلول المناسبة لو عندهم مهارات حياتية، مثل مشاكل الإدمان والاعتداء الجنسي، والمشاكل الدراسية، والتعامل مع الضغوط المدرسية... وغير ذلك.
ولا ننسى عزيزتي الأم أن نربي أولادنا على القوة والفطنة والمهارة والمرونة، وتذكري معي قول رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - [[المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف]]. رواه مسلم.
إننا لكي نضمن السلامة النفسية لأي إنسان -وخاصة الأبناء- لا بد من التعرف على ثلاثة أشياء:
1- طرق الاتصال الجيد.
2- التعرف على مراحل النمو النفسي والاجتماعي للمرحلة التي أتعامل معها.
3- المهارات الحياتية.
وقد فصلنا هذه الثلاثة فيما سبق، ويبقى لنا في هذا الملف أن نتعرف على صفات الأم الناجحة، فتابعي معي وفقكِ الله.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد