نماذج مشرقة من همم الرجال


  

بسم الله الرحمن الرحيم

يا صاحب الهمة:

إن من نعمة الله - تعالى - على شباب الإسلام أن يتوجهوا إلى حلقات العلم ويزاحموا العلماء بالركب، لينهلوا من معين علمهم ويستنيروا بآرائهم وتوجيهاتهم.

 

فبالعلم يعبدوا المسلم ربه على بصيرة، وبالعلم تزول الأحقاد، وبالعلم تصف القلوب وتتآلف.

 

فطالب العلم قدوة لغيره، قدوة في صمته، قدوة في كلامه، قدوة في لباسه، قدوة في جميع شؤؤنه.

 

فهو كالغيث أينما حل نفع: في الحي، في المسجد، في كل مكان.

 

أقول إن القراءة في كتب السلف ومما روي عنهم تجعل همة الإنسان عالية وفي الوقت نفسه تزيل عجب الإنسان بنفسه لأنه قد يصيب أحدنا عجب إذا قرأ أو حفظ شيئاً من العلم.

 

فإذا قرأ عن سير السلف والعلماء ورأى فيها نماذج لا يبلغ معشارهم ذهب عجبه وزال ما بنفسه.

 

لقد أحببت أن اجمع في هذا المقال بعض القصص والأقوال التي أسأل الله أن تكون منطلقاً لشحذ الهمم:

 

قال ابن القيم ـ - رحمه الله تعالى -ـ: ولو لم يكن في طلب العلم إلا القرب من رب العالمين، والالتحاق بعالم الملائكة، وصحبة الملأ الأعلى، لكفى به شرفاً وفضلا فكيف وعز الدنيا والآخرة منوط به، مشروط بحصوله،

 

1- قال محمد بن جرير الطبري مرة لطلابه أن يكتبوا تاريخ الإسلام أو تفسير القرآن في ثلاثين ألف ورقة فقالوا: (هذه مدة تنقطع دونها رقاب المطي) فقال لهم معاتباً: الله أكبرº ماتت الهمم، احضروا ثلاثة آلاف ورقة)

 

 فاختصره لهم في ثلاثة آلاف ورقه.

 

((وقفه)) الأمة تنتظر الرجال فأين الرجـال.

 

2- (إبراهيم الحربي) قال أبو العباس ثعلب: ما فقدته في مجلس نحوٍ, ولا لغة من خمسين سنه. خمسون سنة وإبراهيم الحربي يتردد على حلقات العلم، حتى بلغ في العلم والمنزلة أن شبهه بعض أصحابه بالإمام احمد - رحمه الله -.

 

3- (عبد الله بن محمد) فقيه العراق: طالع كتاب ((المغني)) ثلاثاً وعشرين مرة.

 

((وقفه)) تذلل للعلم يعزك العلم.

 

4- قال أبو العلاء بن نبهان الأديب: (رأيت الحافظ أبا العلاء في مسجد من مساجد بغداد يكتب وهو قائم على رجليه، لأن السرج كانت عالية).

 

(وقفه) هذه همة عجيبة جعلت صاحبها من مشاهير علماء الإسلام، وما أتى له هذا العلم بالتمني ولا بالتحلي، ولكن بشيء وقر في القلب وصدقه اللسان وعملت به الجوارح والأركان.

 

فهؤلاء رجال همتهم كالجبال لا تثـنيهم شهواتهم ولا تثـنيهم فرش ولا طلب الراحة

 

ولكن كما قيل من المحبرة إلى المقبرة.

 

(وقفه) لا راحة الاّ بترك الراحة.

 

5- (الإمام المزني) من همته - رحمه الله - أنه قرأ كتاب الرسالة، في أصول الفقه للشافعي، خمسين مرة.

 

6- (الإمام إسماعيل الجرجاني): كان يكتب كل ليلة تسعين ورقة بخط دقيق.

 

أي أنه كان متأنياً في الكتابة، قال الذهبي: (هذا يمكنه أن يكتب صحيح مسلم في أسبوع).

 

(وقفه) ما أحسن ما روي عن الإمام مالك - رحمه الله تعالى -: بان العلم لا يأتي بالوراثة ولا بالنسب ولا بالحسب، ولكنه منح إلهية وعطايا ربانيه، يتفضل الله بها على من شاء من عباده. أو كما ورد عنه - رحمه الله تعالى -.

 

7- (الإمام الحافظ أبو الفضل احمد بن حجر العسقلاني): كما ذكر عنه: انه قرأ ((معجم الطبراني)) في جلسة مابين الظهر والعصر.

 

إنها همة شحذها وعود نفسه عليها فنفعته بعد توفيق الله - تعالى - بقية دهره.

 

هذا ما تم جمعه، وأسأل الله أن يرزقنا جميعاً الإخلاص في القول والعمل والسر والعلن.

 

اللهم جعلنا قدوة في أقوالنا وأعمالنا وجميع شؤوننا.

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply