بسم الله الرحمن الرحيم
غالباً ما يكون سببُ وجود الحبّ من جهة المحبوبº إما وجود كمالٍ, فيه أو حصول نوالٍ, منه.
الحب إن كان لأجل الكمالº فالكمال والجمال والجلال لله وحده لا شريك له في شيء من ذلك، وما يلوح على صفحات بعض المخلوقات والموجودات من معنى كمال، أو يبدو عليها من رونق جمال فهو المكمّل والمجمّل لها - سبحانه وتعالى -..بل هو الموجد لها والخالِق، ولولا أنه أنعم عليها بالإيجاد لكانت مفقودة معدومة!
ولولا ما أفاض عليها من جمال صنعته لكانت قبيحة مشئومة.
وإن كانت المحبة لأجل النوال والمصلحة فلسنا نرى إحساناً، ولا نشاهد امتناناً، ولا نرى إكراماً، ولا نبصر إنعاماً علينا وعلى سائر الخلق إلا والله - تعالى -هو المتفضل بجميع ذلك بمحض الجود والكرم..
فكم من خير قد أسداه إلينا!
وكم من نعمة قد أنعم بها علينا!
فهو سيدنا ومولانا الذي خلقنا وهدانا، والذي له مماتنا ومحيانا، والذي أطعمنا وسقانا، وكفلنا وربّانا، وأسكننا وآوانا..
يرى القبيح منّا فيستره، ونستغفره منه فيغفره..
ويرى الجميل منا فيكثره ويظهره..
نطيعه بتوفيقه ومعونته فينوّه بأسمائنا في الغيوب، ويقذف تعظيمنا وحبنا في القلوب..
ونعصيه بنعمته فلا يمنعه وجود العصيان عن إفاضة الإحسان..
فكيف ينبغي لنا أن نحبّ غير هذا الإله الكريم؟! أم كيف يحسن بنا أن نعصي الرب الرحيم؟!
محكّ الصدق في المحبة أن لا تجيب أحبَّ الخلق إليك إذا دعاك إلى ما يكون سخط الله في فعله كالمعاصي أو في تركه كالطاعات.
وأعلى درجات المحبة أن لا يصير في قلوبنا حب لغير الله البتة.
إن مجنون ليلى قتله حبّ امرأة، وقارون حبّ المال، وفرعون حبّ منصب..
و قُتِل حمزة وجعفر وحنظلة حباً لله و رسوله.. فيا لبعد ما بين الفريقين!
كان أبو عبيدة الخواص قد غلب عليه الشوق والقلق وكان يقول: واشوقاه إلى من يراني و لا أراه، وبعدما كبر كان يأخذ بلحيته ويقول: يا رب قد كبرت فاعتقني، و شوهد يوم عرفة وقد ولع به الوله و هو يقول:
سبحان من لو سجدنا بالعيون له *** على حمى الشوك والمحمى من الإبر
لم نبلغ العـشر من معاشر نعـمته *** ولا العشير ولا عشراً من العشر
هو الرفيـع فلا الأبصـار تدركه *** - سبحانه - من مليك نافـذ القدر
سبحان من هو أنسي إذا خلوت به *** في جوف ليلي وفي الظلماء والسحر
أنت الحبيب وأنت الحب يا أملي *** من لي سواك ومن أرجوه يا ذخر
أجلٌّ المحبة لله وأعلاها كمال المتابعة برسول - صلى الله عليه وسلم - في أقواله وأفعاله وأخلاقه.. قال - تعالى -:{قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} وبحسب المحبة لله تكون المتابعة لحبيب الله إن كثيراً فكثير وإن قليلاً فقليل.. والله على ما نقول وكيل.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد