السؤال:
ابني يخاف مني، كيف أجعله يراقب الله أكثر من مراقبته لي؟
الإجابة:
\"المراقبة دوام علم العبد وتيقنه باطلاع الحق - سبحانه وتعالى - على ظاهره وباطنه\"(1)، وهي منزلة عالية جعلها النبي - صلى الله عليه وسلم - أعلى مراتب الدين، فقال في حديث جبريل المشهور: \"والإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك\".
وعن عبد الله بن معاوية الغاضري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: \" ثلاث من فعلهن فقد طعم طَعمَ الإيمان، مَن عبد الله وحدهº فإنه لا إله إلا الله، وأعطى زكاة ماله طيبة بها نفسه، رافدةً عليه كلَّ عام، ولم يعط الهرمة ولا الدرنة، ولا الشَّرط اللائمة ولا المريضة، ولكن من أوسط أموالكمº فإن الله - عز وجل - لم يسألكم خيره ولم يأمركم بشره، وزكى عبد نفسه\"، فقال رجل: ما تزكية المرء نفسه يا رسول الله؟ قال: \"يعلم أن الله معه حيثما كان\"(2).
ومما يعين الأب والمربي على تحقيق ذلك:
أ - الوعظ والاعتناء بهº وإنما تعظم ثمرته حين يخرج من قلب صادق، قال أبو حفص لأبي عثمان النيسابوري: إذا جلست للناس فكن واعظاً لقلبك ونفسك، ولا يغرنك اجتماعهم عليكº فإنهم يراقبون ظاهرك، والله يراقب باطنك(3).
ب - الاعتذار عما قد يطلبه المتربي - مما فيه مخالفة لأمر الله أو تقصير- بمراقبة الله واطلاعه.
ج - كثيراً ما يحدث الابن أباه أو معلمه عن بعض ما يراه من مواقف فيها مخالفة شرعية، كالغش والاحتيال ونحو ذلك، وهو في الأغلب يسوقها خبراً عادياً أثاره فيه غرابته، فيجدر أن يعلق المربي على مثل هذه المواقف بأن أولئك الذين لا يراقبون الله - تعالى - لو كان لديهم أحد من البشر يخافونه لما اجترؤوا على المخالفة، وبأنهم سيدفعون ثمناً باهظاً بعد ذلك.
د - الحذر من مراقبة الشاب بالصورة التي تجعله يترك المعصية إرضاء لمن يربيه، بل ربطه بالله - عز وجل - في هذا الجانب، وتنمية الرقابة الذاتية، حتى لو علم المربي بوقوع الشاب في معصية.
ــــــــــــــــــــ
(1) مدارج السالكين 2/68.
(2) رواه البيهقي (4/95)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1046).
(3) مدارج السالكين 2/68.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد