العنصر البشري هو الأساس لكل نهضة، وهو العماد لكل حركة، وبدونه تموت في مهدها أي فكرة، وعندما يشعر الأفراد في أي أمة أنهم غير قادرين على العطاء فإنما هم بذلك يُصدرون حكماً بالإعدام على أنفسهم ومجتمعهم، شاؤوا أم أبوا.
وذلك أنهم بتقريرهم هذا الشعور يعلنون العزم المبَيّت على تجميد الحركة والعمل ليصبح ذلك المجتمع بعد ذلك كالجثة الهامدة. إن هذه الظواهر الاجتماعية التي يعرفها الخاص والعام قد جاءت نصوص الشريعة بتقرير الحقائق عنهـاº فهـي ثابتـة لا تتغيـر، وكـونيــة لا تتبدل. قال - عليه الصلاة والسلام - : «إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم»(1).
لقد كان يقين السلف بقدرتهم على البذل والعطاء نابعاً من استشعارهم المسؤولية الفردية القائمة على الإحساس بالعزة الإيمانيةº فجعلتهم مشاعل هداية، ونماذج فريدة في البذل والعطاء والتضحيةº فكان الواحد منهم بأمة.
أولئك آبائي فجئني بمثلهم *** إذا جمعتنا يا جرير المجامعُ
إن مما يجدر بنـا أن نستحضـره فـي كـل حـين أنه لا أحد في المجتمع المسلم يمكن أن يوضع في قائمة من هو: (غير قادر على العطاء)، بل الجميع يملكون شيئاً ما ـ إن لم يكن أشياء ـ يستطيعون من خلاله خدمة أمتهم، وهذا النسق الاجتماعي، قد قرره المصطفى - صلى الله عليه وسلم - بقوله وفعله، والتزمته الأمة الإسلامية منذ فجرها الأول.
فلو نظرنا إلى حديث الهجرة مثلاً لتجلّى لنا ذلك في أروع صورةº فالصدِّيق أمين السر ورفيق السفر، والجارية تحفظ السر وترتب الزاد، والصبي ينقل الأخبار ويعفو الآثار، كل ذلك في صورة مشرقة لتنوع البذل وتكامله بحسب القدرة.
وفي المدينة يدعو الرسول - صلى الله عليه وسلم - الناس للبذل قائلاً: «تصدقَ رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع بُره، من صاع تمره، حتى قال: ولو بشق تمرة»(2).
بل في قمة أعمال البذل والعطاء ـ في الجهاد في سبيل الله ـ يبرز هذا المَعلَم الإسلامي في أجلى صورهº فالكل يبذل، والجميع يُضحي، حتى إذا بقي الضعفة والمساكين الذين لا مال لهم ولا قوة يجاهدون بها يبقى لهم دورهم الذي ينبه إليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «إنما ينصُر الله هذه الأمة بضعيفهاº بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم»(3).
إن خطر وأد الذات وتحييدها عن العطاء لا يمكن تجاهله أو تناسيه، خاصة في هذه الحقبة التي يقبع فيها أهل الإسلام في مؤخرة الركب، وإن هذا الخطر مما ينبغي تداركه وعلاجه حسماً لداء المواتِ الذي دبّ في أوصال الجسد الإسلامي المنهك.
ومن صور وأد الذات الذي يمارسه أحياناً بعض من يتولى الريادة والقيادة ما يلي:
1 ـ ألاَّ تُستغل المواهب الخاصة والقدرات الفردية لدى الأفراد كل واحد منهم بحسبه، فتُقتل القدرات ويُخنَق الإبداع، وقد خلق الله الناس مختلفين: منهم (القادة) ومنهم (الساقة) {قَد جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيءٍ, قَدرًا} [الطلاق: 3].
2 ـ ألاَّ يُنظَر إلى الجميع عند توزيع الأعمال، بل تتكرر الوجوه نفسها دائماً لكل الأعمال، وهذا يقتل الفئتينº فالعاملة تُنهك بالأعمال، حتى تصبح غير قادرة على العطاء المثمر، كما تَفُوتُ الاستفادة منهم فيما لا يحسنه إلا هم، وأما الكثرة الباقية فتبقى أرقاماً لا رصيد لها في واقع الحياة.
3 ـ الحكم بالإخفاق المؤبد علـى من يُسـند له عمل مـا، ثم لا يتقنه، في الوقت الذي قد يحسن غيره، بل ربما كان الخلل ابتداءً في إسناد هذا العمل له وهو لا يحسنه(1).
* لماذا نحرص على اكتشاف الطاقات؟
إن القدرة على الاستفادة من مكامن التفوق، والتميز لدى المرؤوسين بأفضل ما يمكن يعتبر من مسلّمات الإدارة الناجحة. ولكي يتحقق هذا كان لزاماً على الدعاة والمربين معرفة وتمييز هذه المكامن لدى المدعوين والمتربين وهو ما نعنيه باكتشاف الطاقات.
إن توفر الرجال (أولاً)، والقدرة على توظيفهم لخدمة أهداف رسمها لهم القادة (ثانياً) هما طرفا المعادلة الإدارية التي ينتج عنها نجاح القادة.
كتبت إحدى أكبر المنظمات العالمية هذه الكلمات لتعبر عن سر نجاحها وتفوقها: «لقد حققنا هذا النجاح من خلال تنظيم إداري وجو عمل يساعدان على اجتذاب أفضل الطاقات البشرية، وتطوير وشحذ المواهب الفردية».
يقول أحد المفكرين: «إن معرفة الرجال بعمق من أدق أعمال الرئيس وأكثرها تأثيراً، إنها ينبوع القوة التي يملكها، إنها سر الرؤساء العظام»(2).
ويمكنا هنا أن نقرر ما يلي:
أولاً: أن توظيف الأفراد في المجالات التي يبدعون فيها يمكنهم من أن يقدموا أفضل ما لديهم لخدمة الأهداف المرسومة.
ثانياً: أن ذلك يعتبر حافزاً لاستمرارية العطاء لدى الأفرادº حيث يحققون ذواتهم بتميّزهم وتفوقهم من خلال إمكاناتهم الحقيقية.
ثالثاً: أن في توظيف أصحاب الطاقات في المجالات التي تميزوا فيها تحقيقاً للمزيد من التألق والإبداع في مجالات عملهم.
رابعاً: أن عدم معرفة الطاقات واكتشافها يفضي إلى وضع الأفراد في أعمال لا تتناسب مع قدراتهم، مما يضعف الأعمال ويتسبب في إخفاقها.
خامساً: أن سد الثغرات بالمرؤوسين الأكفاء الذين أحسن القائد انتقاءهم يمكنه من التفرغ والمراقبة عن كثب لمن هم بحاجة إلى توجيه، وبهذا يستطيع من خلال معرفته للرجال سد الثغرات، والارتقاء بالآخرين دون عناء.
سادساً: أن عدم المعرفة المسبقة بالطاقات الموجودة وتوظيفها في وقت السعة والرخاء يجعل العثور عليها في وقت الضرورة شاقاً وعسيراً، كما أنه حتى وإن ـ تم اكتشافهـا ـ آنـذاك ـ قـد لا يكون هناك وقت لتطويرها وصقلها بالشكل المناسب.
* خصائص المبدعين:
ثمة خصائص كثيرة يذكرها باحثو الإبداع، غير أن من أهمها ما يلي:
1 ـ الخصائص العقلية:
أ ـ الحساسية في تلمٌّس المشكلات: يمتاز المبدع بأنه يدرك المشكلات في المواقف المختلفة أكثر من غيرهº فقد يتلمس أكثر من مشكلة تلح على بحث عن حل لها، في حين يرى الآخرون أن (كل شيء على ما يرام)، أو يتلمسون مشكلة دون الأخريات.
ب ـ الطلاقة: وتتمثل في القدرة على استدعاء أكبر عدد ممكن من الأفكار في فترة زمنية قصيرة نسبياً، وبازدياد تلك القدرة يزداد الإبداع، وتنمو شجرته، وهذه الطلاقة تنتظم:
ـ الطلاقة الفكرية: سرعة إنتاج وبلورة عدد كبير من الأفكار، (اذكر كل الاستخدامات الممكنة لكوب الشاي).
ـ طلاقة الكلمات: سرعة إنتاج الكلمات والوحدات التعبيرية واستحضارها بصورة تدعم التفكير. (اذكر أكبر عدد من الكلمات التي تبدأ بحرف الصاد).
ـ طلاقة التعبير: سهولة التعبير عن الأفكار، وصياغتها في قالب مفهوم.
ج ـ المرونة: وتعني القدرة على تغيير زوايا التفكير (من الأعلى إلى الأسفل والعكس، ومن اليمين إلى اليسار والعكس، ومن الداخل إلى الخارج والعكس، وهكذا) من أجل توليد الأفكار عبر التخلص من (القيود الذهنية المتوهمة) (المرونة التلقائية)، أو من خلال إعادة بناء أجزاء المشكلة (المرونة التكيّفية) مثال: الإمساك بطير وقع في حفرة عميقة.
د ـ الأصالـة: وتعنـي القـدرة على إنتـاج الأفـكـار الجديـدة ـ على منتجها ـ وغير المكررةº فهي (أي الأصالة) تقاس بقيمة الأفكار لا بعددها، بشرط كونها مفيدة وعملية.
هذه الخصائص الأربع حددها (جلفورد)، وتشكل هذه الخصائص بمجموعها ما يسمى بالتفكير المنطلق (المتشعب)، وهو استنتاج حلول متعددة قد تكون صحيحة من معلومات معينة، وهذا اللون من التفكير يستخدمه المبدع أكثر من التفكير المحدد (التقاربي)، وهو استنتاج حل واحد صحيح من معلومات معينة.
هـ ـ الذكاء: أثبت العديد من الدراسات أن الذكاء المرتفع ليس شرطاً للإبداع، وإنما يكفي الذكاء العادي لإنتاج الإبداع.
وزادت بعض الدراسات العربية: الاحتفاظ بالاتجاه، وتعني القدرة على التركيز لفترات طويلة في مجال اهتمامه، برغم المعوقات والمشتتات.
2 ـ الخصائص النفسية:
يمتاز المبدع نفسياً بما يلي:
أ ـ الثقة بالنفس والاعتداد بقدراتها.
ب ـ قوة العزيمة ومضاء الإرادة وحب المغامرة.
ج ـ القدرة العالية على تحمل المسؤوليات.
د ـ تعدد الميول والاهتمامات.
هـ ـ عدم التعصب.
و ـ الميل إلى الانفراد في أداء بعض أعماله، مع خصائص اجتماعية وقدرة عالية على اكتساب الأصدقاء.
ز ـ الاتصاف بالمرح والأريحية.
ح ـ القدرة على نقد الذات والتعرف على عيوبها.
* خصائص متفرقة:
أ ـ حب الاستكشاف والاستطلاع بالقراءة والملاحظة والتأمل.
ب ـ الميل إلى النقاش الهادئ.
ج ـ الإيمان غالباً بأنه في (الإمكان أبدع مما كان).
د ـ دائم التغلب على (العائق الوحيد). (العائق الذي يتجدد، ويتلون لصرفك عن الإنتاج والعطاء).
هـ ـ البذل بإخلاص وتفان، وعدم التطلع إلى الوجاهة والنفوذ، بمعنى أن تأثره بالدافع الداخلي (كالرغبة في الإسهام والعطاء، تحقق الذات، لذة الاكتشاف، والانجذاب المعرفي، ونحوها) أكثر من الدافع الخارجي (المال، الشهرة، المنصب، ونحوها).
هل يتوجب توفر هذه السمات جميعها في الإنسان حتى يكون مبدعاً؟
بالنسبة للخصائص العقلية ينبغي توفرها كلها بدرجة معقولة، أما الخصائص الأخرى فيكفي أغلبها.
وهناك بعض الروائز (المقاييس) التي يطبقها بعض من المعاصرين للتعرف على الشخص المبدع، وتقوم تلك الاختبارات على طرح بعض الأسئلة التي تقيس مستوى الثقافة وحسن التصرف، وتحدد الفارق بين المستوى العمري والمستوى العقلي.
لكن تلك الاختبارات في الغالب ليست دقيقة النتائجº حيث يضعف من مصداقيتها، ودقة نتائجها عوامل متعددة كطبيعة البيئة الأسرية والاجتماعية للفرد، والمستوى الثقافي والحضاري فيهما.
* كيف يتم اكتشاف الموهوبين والمبدعين؟
يعتمد نجاح البرامج المعدة لرعاية الموهوبين إلى حد بعيد على مدى النجاح في تشخيصهم وحسن اختيارهمº ولذلك تعددت وتطورت وسائل طرق التعرف على الموهوبين، والكشف عنهم والتي من أهمها:
1 ـ ملاحظة العمليات الذهنية التي يستخدمها الطالب في تعلم أي موضوع أو خبرة في داخل غرفة الصف أو خارجها.
2 ـ ملاحظة أداء الطالب، أو نتائج تعلمه في أي برنامج من برامج النشاط، أو أي محتوى يعرض له أثناء الممارسة، أو الصور التي يعرضها في سلوك حل المشكلات.
3 ـ تقارير الطلاب عن أنفسهم، أو تقارير الآخرين عنهم، مثل: تقارير المعلمين ومشرفي الأنشطة، والآباء والأمهات، وزملاء الدراسة.
4 ـ استخدام المقاييس النفسية مثل: اختبارات الذكاء، والتحصيل، ومقاييس الإبداع.
إلا أننا يجب أن نتذكر دائماً أنه لا يوجد طريقة واحدة يمكن من خلالها التعرف على جميع مظاهر الموهبةº لذلك فإن التعرف يتحقق بشكل أفضل دائماً باستخدام مجموعة من الأساليب المتنوعة التي تعتمد بشكل أفضل دائماً على عمل الفريق.
كما يجب أن نتذكر أيضاً أنه كلما بكّرنا في اكتشاف الطفل المتفوق أو الموهوب، وهو ما زال في مرحلة عمرية قابلة للتشكيل كان ذلك أفضل كثيراً من الانتظار إلى سن متأخرة، قد يصعب فيها توجيه الموهوب الوجهة المرجوةº نظراً لما يكون قد اكتسبه من أساليب وعادات تجعل من الصعب عليه التوافق مع نظام تربوي، أو تعليمي مكثف.
* صناعة الإبداع:
هل ثمة طريق تتوصل به المجتمعات الإنسانية إلى إيجاد مناخ فكري تُغرس فيه شجرة الإبداع وتُصنع فيه منتجاته؟
بكل جزم: نعم! ذلك أن الإبداع ظاهرة إنسانية اندمجت فيها أسباب عقدية وثقافية ونفسية فكونت إطاراً ـ يستعصي على التجزئة ـ أسهم في إنتاج تلك الظاهرة وفي تشكيلها، ومن ثم ندرك أن الإبداع نتيجة، يمكن الظفر بها متى توافرت وتضافرت أسبابها. وبنظرة خاطفة إلى المجتمعات الإنسانية نتلمس سر نجاح بعضها في صناعة الإبداع في عقول أفرادها على نحو مكنها من النهوض الحضاري.
لقد استطاع اليابانيون ـ مثلاً ـ أن يحدثوا انقلاباً إبداعياً، تمكنت به شركة يابانية أن تلتزم باختراع جهاز كل أسبوع، حتى ولو لم يتم تسويق منتجاتها في بعض الأسابيع بالصورة المطلوبة. قد تتساءل: لماذا لا ينتظرون حتى يتم تسويق المنتجات التي جرى عرضها بشكل جيد، ثم يقومون بعد ذلك بإنزال المنتج الجديد؟
إنهم لا يفعلون ذلكº لأنهم يجزمون بأنهم لو تأخروا يوماً واحداً أو أقل من ذلك فإن شركة أخرى ستقوم بالمهمةº وبذلك يخسرون...! ترى ماذا يخسرون؟
وبالتفاتة عاجلة إلى المجتمعات المسلمة نشعر بـ (دوار حضاري)، ونستنشق تقليدية مقيتة يستوجبان الإسراع في صناعة سفينة الإبداع لتبحر في ذلك الخضمّ صوب بلاد ما وراء التقلـيد فـي طريقهـا إلـى جــزر الاكتشـافات العلميـة والتقنية، ولا سيما أنها تملك الإطار العقدي والقيمي الصحيح الذي يحث على العمل المبدع المخلص، ويجلّ حَمَلَةَ لوائه ورافعي رايته، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه»(1).
وتتأكد أهمية اقتناء سفينة إبداع للعاملين في الحقول الإسلامية في هذا الوقت بالذات الذي تكالبت فيه العوائق والصعوبات، وتفاقمت فيه الانشطارات والانقسامات، وشحت فيه الموارد والمساعدات، والتفكير العلمي والإبداعي الذي يضمن بالإخلاص والمتابعة التغلب على تلك المشاكل والأزمات، ويرسم طريقاً تعرف فيه الأولويات، وترسخ به الثوابت، وتميز به الصفوف، وتلتحم به العلاقات، وينهض به العمل الإسلامي، وتطيب ثماره، وتدار مشاريعه ومؤسساته، وتستكشف آفاقه ومجالاته.
* المواد الأساسية لصناع الإبداع:
وفيما يلي أهم المواد التي تسهم في صناعة سفينة الإبداع بشرط الالتزام بمصدر التلقي كتابـاً وسنـة وبعـد توفـيق الله - تعالى - وعونه:
1 ـ الإيمان بأهمية صنع البيئة الإبداعية وبإمكانياته، وبضرورة انبثاقه من قوله - تعالى -: {إنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَومٍ, حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِم} [الرعد: 11]، الأمر الذي يحتم إحداث (انقلاب فكري) في العقل المسلم الجمعي والفردي على حد سواء، ينشأ معه انجذاب صادق للمعرفة لا للمـعرفة ذاتهــا، ولا لتحصيل لذة عقلية، ولا للظفر بشهرة علمية، ولا لتحقيق رغبة دنيوية وإنما هو انجذاب للمعرفة بقصد تطوير الذات وبنائها، لا للتطوير ولا للبناء ذاتهما أيضاً، وإنما للإبداع وللنهوض وللنماء وللعطاء المراد به وجه الله - تعالى -.
2 ـ الإشاعة في العقل المسلم، والإيحاء في ذاته أن (الإبداع عادة) تُكتسب بشيء من البذل في تعلم وسائلها، والتلبس في خصائصها، والتدرب على تطبيقاتها.
3 ـ تكييف العملية التعليمية والتربوية بما يجعلها دافعاً للإبداع ومحضناً للمبدعين، ومثل هذا التكييف يستلزم بالضرورة إعادة النظر في الأهداف التربوية، ومن ثم في وسائلها وبرامجهاº بمعنى: أنه يجب أن يكون إكساب المتربين طرائق التفكير العلمي والإبداعي من الأهداف الأساسية.
4 ـ صياغة شعارات جذابة ترسخ أهمية الإبداع، وتبشر بنتائجه وتحتفي بكل ملتبِّس به، والاجتهاد في بثها وإذابتها في النفوس وتفعيلها في العقول.
5 ـ تنظيم دورات ودروس في التفكير العلمي والإبداعي لمختلف شرائح العمل الإسلامي.
6 ـ ضرورة تلبٌّس المربين والمعلمين بخصائص الإبداع ـ ولو تكلفاً ـ تجسيداً للقدوة الصالحة.
7 ـ الاحتفاء بالمبدعين، وخاصة الأحداث منهم والاعتناء بهم وتقديرهم معنوياً ومادياً.
* العوامل التي تؤثر في نشاط الإبداع:
أسلوب التربية والتعليم.
المؤسسات الثقافية (الإعلام ـ المنتديات والنوادي والمراكز الثقافية والعلمية والفكرية ـ الثقافة الذاتية بالاطلاع الواسع المتجدد على مصادر المعرفة).
المنزل والأسرة (حيث يمكنها زرع الثقة والدفع للإبداع، ويمكنها كبت الطاقات وقتلها).
المجتمع ومدى الشعور بالانتماء إليهº الألعاب وطريقة اختيارهاº الاهتمام بملكة التأمل والتخيلº فائض الوقت واستثمارهº تأثير الجوائز التشجيعية.
* مشكلات في التعامل مع الموهوبين:
من أهم المشكلات:
1 ـ استخدام فنيَّات ومحكات غير كافية مثل: تقديرات المعلمين والمربين، وتقييماتهم للفردº لأن هذه الأدوات لا تعد كافية لتحقيق هذا الغرض، وفي أحيان أخرى قد لا تعد مناسبة.
2 ـ عدم ملاءمة المناهج التربوية والأساليب المستخدمة للموهوبين.
3 ـ قصور فهم بعض المربين لمعنى (الموهوبين)، وكيفية التعامل معهمº فالمربي هو عماد التربية وأساسها، وهو الذي يهيئ المناخ الذي من شأنه إما أن يقوي من ثقة الموهوب بنفسه أو يزعزعها، ويشجع اهتماماته أو يحبطها، ينمي مقدراته أو يهملها، يقدح إبداعيته أو يخمد جذوتها، يستثير تفكيره أو يكفه، يساعده على التحصيل والإنجاز أو يعطله.
4 ـ عدم توفر اختصاصيين نفسيين كافين يقومون بتطبيق الاختبارات، والمقاييس النفسية كاختبارات الذكاء، واختبارات التفكير الابتكاري، واختبارات القدرات والاستعدادات الخاصة، والتي تعاني هي أيضاً من مشكلة عدم تقنينها على البيئة المحلية.
5 ـ عدم وجود تعريف موحد للطالب الموهوب: حيث نجد أن هناك اختلافاً كبيراً في المسميات بين العاملين في الميدان التربوي لمصطلح (موهوب)º إذ يطلق عليه عدة مسميات مختلفة منها: متفوق، نابغة، عبقري، مبتكر، ذكي، مبدع لامع... إلخ.
كما أن هناك اختلافاً في الطرق المستخدمة في تحديد هؤلاء الطلاب الموهوبين لدى المتخصصينº فمنهم من يعتمد على الوصف الظاهري للسمات الشخصية كوسيلة لتحديد الموهوب، ومنهم من يعتمد على معاملات الذكاء، وفريق ثالث يستخدم مستوى التحصيل الدراسي، وفريق رابع يعتمد على محكات متعددة تبعاً لتعدد القدرات الخاصة.
6 ـ عدم إعطاء الفرد الحرية التامة في اختيار المجال الذي يعمل فيه، ويتعلم من خلاله وفق رغبته وميوله وهواياته.
7 ـ إهمال إنتاج المتربين والطلاب وإبداعاتهم، وعدم إبرازها والإشادة بها، وعدم توفر الحوافز التشجيعية لهم بالشكل اللازم.
8 ـ عدم توفر الأدوات، والآلات، والكتب اللازمة للقيام ببعض الأنشطة(1).
9 ـ عدم توفر مواضع خاصة بكل موهبةº حيث تتم ممارستها داخل هذه المقار المهيأة.
----------------------------------------
(1) رواه مسلم، كتاب البر، رقم (4755).
(2) رواه مسلم، كتاب الزكاة، رقم (1691).
(3) رواه النسائي، كتاب الجهاد، رقم (3127).
(1) أنت قادر على العطاء، د. شاكر بن عبد الرحمن السروي، البيان.
(2) سامي سلمان، بعنوان: (معرفة الرجال من سمات القيادة الناجحة)، البيان، بتصرف.
(1) حديث حسن، صحيح الجامع، 1880.
(1) مختصراً بتصرف من مقال بعنوان: (دور النشاط الطلابي في اكتشاف ورعاية الطلاب الموهوبين) إعداد محمد بن صالح الداود، مدير إدارة الثقافة والمكتبات بإدارة التعليم بمحافظة الطائف ـ السعودية.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد