إن للطريقة التي يربى بها الطفل في سنواته الأولى دور مهم في تكوينه النفسي، فأسلوب التربية الذي يثير مشاعر الخوف وانعدام الأمن في مواقف التفاعل يترتب عليه تعرض الطفل لمشكلات نفسية أو اضطرابات نفسية أو تأخر في نواحي مختلفة من النمو.
فإن سلوك بعض الآباء مع أبنائهم أنماطاً من السلوك تدفعهم إلى الشعور بأنهم غير مرغوب فيهم مثل إهمال الطفل من ناحية المأكل والملبس أو انفصال الطفل عن والديه يومياً فترات ليست بالقصيرة، أو تهديده بالعقاب أو الطرد من المنزل أو كثرة التحذيرات أو السخرية ولوم الطفل أو إطلاق أسماء تهكمية عليه، أو مديح أصحاب الطفل دون الطفل أو انفعالات الأم المستمرة ومزاجها المتوتر مع الطفل فكل هذه تؤدي إلى حدوث آثار سيئة في نفسية الطفل وسلوكه وحرمانه من إشباع الكثير من حاجته النفسية.
مما ينشئ في نفوس بعض الأطفال الرغبة في إزعاج وتعذيب وإذلال الوالدين أو من يقوم على رعايتهم بعدم طاعتهم والإذعان لوصاياهم والكذب عليهم والمماطلة معهم والكراهية والعناد والغش والمعاكسة في التعامل.
وقد يصل الأمر من السوء بالطفل إلى العمل للإيقاع بالوالدين وتخريب علاقاتهما بإفشاء أسرارهما والتنديد بهما من منطلق الرغبة الكامنة داخله للتشفي بهما كرد فعل لما يراه أو يتلقاه أو يحصل عليه بالفعل من تعسفهما وعنفهما معه فيما سبق.
العلاج:
ولكي لا يقع الطفل والأهل معاً في مثل هذه الإشكاليات النفسية يجب الإنطلاق من المسببات وإيجاد الحلول الناجعة لها ويبدأ العلاج بـ:
1- تنمية العلاقات بين الزوجين والتكيف الزواجي:
من العوامل الهامة المؤثرة في العلاقات بين الزوجين التكيف الزواجي، خبرات الزوجين السابقة، أساليب تكيفهما في فترات ما قبل الزواج، فقد أوضحت الدراسات أن الأفراد الذين ولدوا في أسر سعيدة أكثر ميلاً لتحقيق السعادة من سواهم.
وبوجه عام يجب على الزوجين أن يقيما علاقة صداقة بينهما ويضحيا ببعض رغباتهما من أجل أن يعيشا معاً في استقرار وهدوء وسكينة وطمأنينة ليكونا أكثر قدرة على تطبيع أطفالهما بعادات اجتماعية واحدة مناسبة وبسلوك قويم وأخلاق حميدة بأساليب التربية الإسلامية الصحيحة وعدم اللجوء إلى العنف الزائد أو العكس التدليل الخارج عن الحد المعقول..فلا إفراط ولا تفريط..
2- توثيق العلاقة بين الوالدين والأطفال واحترام ذوات الأطفال:
فعلى الآباء أن يحاولوا التحرر من اتجاهاتهم السلبية نحو الحياة الأسرية لينعم الأطفال بالاستقرار والهدوء النفسي ومن الجدير بالذكر أن الديمقراطية والمساواة والحرية (التي هي من سمات الأسرة الإسلامية) قد أعلت شأن المرأة ورفعت قيمة الطفل مما أدى في كثير من الأحيان إلى زيادة التوافق بين أفراد الأسرة وغني عن القول أن العلاقة الأسرية الدافئة والقائمة على أساس من المودة والعدل والتفاهم تؤثر تأثيراً إيجابياً على الطفل حيث تجعله أكثر قدرة على مواجهة مشكلات التكيف وأكثر تمتعاً بالصحة النفسية وتجعله مطيعاً لوالديه بكل حب ورضا مما يؤدي إلى عدم اللجوء لاستخدام العقاب تجاهه.
3- توثيق العلاقة بين الأطفال (الأخوة):
علاقة الطفل بوالديه وبخاصة بأمه ذات أثر كبير على نموه الاجتماعي والعاطفي ولكن الطفل لا يبقى على علاقته بأمه فقط، بل تتسع علاقاته لتشمل أخوته. وعلاقته بهم ذات أثر كبير في تشكل شخصيته ونموها الوجداني وسوائها النفسي. ويمكننا توضيح هذا الأثر من خلال عرض التالي:
الوضع الترتيبي للأخوة: فالكبير يؤثر في الصغير ويعطف عليه في مقابل ذلك يحترم الصغير الكبير وبهذا يسود الود والإخاء بينهم.
علاقات الآباء بالأطفال: فإذا كان الآباء يعاملون أطفالهم بعدل ودون تفرقة فستنعكس هذه المعاملة على الأطفال ويصبحون أكثر ودية وشعوراً بالرضا النفسي.
4- تحسين المستوى الاقتصادي:
من الملاحظ أن الدخل الذي يتلاءم مع احتياجات الأسرة يقلل من احتمالات التفكك والصراع والعنف الأسري.. وأن العمل ساعات منتظمة يجعل الحياة أكثر توافقاً من العمل ساعات غير منتظمة..
5- الحجم المناسب للأسرة:
إن حجم الأسرة المناسب لإمكانياته يساعد على توفير جو من الود والتآلف وإعطاء كل فرد فيها حقه من الرعاية والتربية والتعليم بالطرق السليمة.. وتوفير الاحتياجات التي يحتاجها الطفل مع الاهتمام به وعدم إهماله واللا مبالاة به وبسلوكه وقدراته.
6- إيجاد مشاعر الحب والاحترام بين أفراد الأسرة.
7- سيادة العلاقات الديمقراطية والاتفاق على بناء الدور داخل الأسرة.
8- التوافق الزواجي في العلاقات الخارجية مع الأهل والأصدقاء وقضاء وقت الفراغ مع الأسرة والأطفال فيسود الجو الودي العائلي ويغطي على جانب العنف الأسري.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد
التعليقات ( 1 )
في دنيا
01:32:04 2020-04-12