هذا باب نقف فيه سويا وقفاتٍ, سريعة مع صفحات من تراثنا الزاخر، نترك للقارئ فيه مهمة التفكر والنظر، ليس فقط بغرض استخلاص المعاني والعبر والعظات، وإنما للتبصر في مناهج الفهم والفقه الكامنة وراء المواقف والكلمات والأقوال..
· سأل أبو زرعة شيخه البلقيني قائلاً: \"ما تقصير الشيخ تقي الدين السبكي عن الاجتهاد وقد استكمل آلته؟ \" فسكت البلقيني، فقال أبو زرعة: \"فما عندي أن الامتناع عن ذلك إلا للوظائف التي قُدرت للفقهاء على المذاهب الأربعة، وأن من خرج على ذلك لم ينله شيء من ذلك، وحُرم ولاية القضاء، وامتنع الناس عن افتائه، ونُسبت إليه البدعة\" فابتسم البلقيني ووافقه على ذلك...
· قال الإمام ابن القيم في إعلام الموقعين: \"إن الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد. وهي عدلٌ كلها، ورحمةٌ كلها، ومصالحُ كلها، وحكمةٌ كلها. فكل مسألةٍ, خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث، فليست من الشريعة وإن أُدخلت فيها بالتأويل. فالشريعة عدل الله بين عباده، ورحمته بين خلقه، وظلّهُ في أرضه، وحكمته الدّالةُ عليه وعلى صدق رسوله - صلى الله عليه وسلم - أتمّ دلالةٍ, وأصدقها\".
· قال الإمام ابن عبد البر: \"ليس من شيء أضرَّ على العلم من قولهم: ما ترك الأول للآخِر، بل الصواب عندنا: كم ترك الأول للآخر\".
· قال ابن مالك: \"وإذا كانت العلوم منحاً إلهيةً ومواهب اختصاصيةً فغيرُ مستبعدٍ, أن يُدَّخرَ لبعض المتأخرين ما أعسر على كثيرٍ, من المتقدمين، نعوذ بالله من حَسدٍ, يسدٌّ باب الإنصاف ويصدٌّ عن جميل الأوصاف\".
· قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لمالك بن الأشتر حين ولاّهُ ولاية مصر: \"اعلم يا مالك أني قد وجهتك إلى بلادٍ, قامت فيها دولٌ قبلك بالجور والعدل، وإن الناس سينظرون في أمرك في مثل ما كنت تنظر إليه من الولاة قبلك، ويقولون فيك مثل ما كنت تقول فيهم، وإنما يُستدلٌّ على العباد بما يُجريه الله على ألسنة عباده. فليكن أحب الذخائر إليك ذخيرة العمل الصالح، وأشعر قلبك الرحمة بالرعية والمحبة لهم واللطف بهم، ولا تكن عليهم سبعً ضاريا تغتنم أكلهم، فإنهم صنفان: إما خولك في الإسلام، وإما نظيرك في الخلق، يفرطُ منهم الزلل، وتغلب عليهم العلل، ويؤتى على أيديهم بالعمد والخطأ، فأعطهم من عفوك وصفحك مثلما تحب أن يعطيك الله من عفوه وصفحه، فإنك فوقهم ووالي الأمر عليك فوقك، والله فوق من ولاّك.. \".
نقل الكتاني أن سفيان الثوري وابن عيينة وعبد الله بن سنان كانوا يقولون:\"لو كان أحدنا قاضياً لضربنا بالجريد فقيها لا يتعلم الحديث، ومحدِّثاً لا يتعلم الفقه\"
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد