مما لاشكّ فيه أن الطفل يميل فطريّاً وينجذب إلى الكتب والمجلات المصوّرة فتسحره الصّور الجميلة وينبهر بالصّفحات البرّاقة الملوّنة ويحسّ بمتعة كبيرة ونشوةٌ غامرة عندما يقلّب كتاباً أو مجلّة مصوّرة، إنّه يسأل بفضولٍ, لانهاية له عن كل صورة أو مشهدٍ, يراه، وقد يلاحظ الكثير من الآباء هذه الميول القرائيّة لدى أطفالهم ولكنّهم لا يستثمرون هذه الميول بل يقابلونها بالإهمال واللامبالاة مما يؤدّي إلى قتل بذرة حب القراءة والاستطلاع لدى الطفل وهذا خطأٌ تربوي وخيم بل على العكس يجب على الآباء استغلال هذه الميول واستثمارها وتنميتها وتشجيعها والإكثار من القراءة على مسامع الأطفال ولو كانوا دون سن المدرسة وذلك لأن القراءة المسموعة تكسب الطفل ثروةً لغويّةً
هامّة خاصّةً إذا تناولت تلك القراءة قصصاً مشوّقة حيث يندهش الطفل لأحداثها ويلتقط مفرداتها واحدةً تلو الأخرى.
ومن وسائل تنمية هذه الميول لدى الطّفل أن نختار له كتباً مناسبةً، فكيف تتمّ عمليّة الاختيار؟
يجب اختيار الكتب المشوّقة التي تتناسب مع عمر الطفل، والقصص الجميلة التي تنمّي مخيّلته وتوسّع من آفاقه البريئة وتكسبه أفكاراً ومفرداتٍ, جديدة ونافعة.
تؤكّد الدّكتورة {إلهام رعد}المختصّة بعلم الاجتماع وتربية الطفل: << أنّ الطّفل لن يتعلّم من هذه الكتب بالمفهوم الأكاديمي التّقليدي، ولكنّه سيكتسب بعض القدرات الهامّة لنموّه وذكائه مثل القدرة على الإنصات والتّركيز، والرّبط بين الأشياء >>.
فإنصات الطّفل للقصّة التي تقرأ على مسامعه يحفز لديه القدرة على تركيز الانتباه وتلك فائدة هامّة للأطفال لأنّهم دائماً في حالة استكشاف وبحث عن معارف جديدة، يقول المثل الإنكليزي: {الطفل كالدّجاج دائم البحث والتّنقيب}.
وهناك فائدة أخرى من الكتب المختارة للطفل يكتسبها من خلال تحديقه في الصّور التي تزخر بها صفحات الكتاب، فالصّور تعزّز فهم الطفل لأوجه التّشابه والاختلاف والمقارنة بين الأشياء المحيطة به، كما أنّها تنمّي لديه القدرة على المحاكاة ومعرفة أحداث ووقائع القصّة بحدسه الطّفولي البريء
وانطلاقاً من بحثه الدّائم للوصول إلى ما يريد معرفته، وتلك المعرفة هي الأساس الهام والمتين لبناء
جميع أشكال النّمو ألإدراكي اللاحق في حياة الطّفل.
وتذكر الدّكتورة {إلهام رعد} أنّه ينبغي على الأم عندما تختار لطفلها كتباً مصوّرةً وقصصاً يجب أن تكون الصّور التي تحتويها تلك الكتب جميلةً وواضحة والقصص عذبة ومشوّقة فتلك الخصائص تجذب الطفل وتجعله يعيش أجواء القصّة ويتابع أحداثها بشغف.
كما يجب أن تكون القصص المختارة للطفل قصيرةً، وسهلة العبارات وواضحة، أمّا إذا كانت القصّة طويلة فيجب اختصارها مع استخدام الحركات التّمثيليّة والأداء الصّوتي لجذب اهتمام الطفل وطرد الملل من نفسه ومساعدته على كيفيّة التعبير عن أحاسيسه، كما يجب أن تكون القصص ذات فائدة
وأن تحمل بين طيّاتها مبادئاً وقيماً سامية تترسّخ في ذهن الطّفل، كما يجب أن تبتعد عن الخيال المفرط والنّتائج الحزينة وأن يؤدّي البطل في القصّة دوراً إيجابيّاً يرسّخ فكرةً حسنة لأنّ الطفل غالباً ما يتقمّص شخصيّة بطل القصّة التي تقرأ على مسامعه ويحاول تقليده والإقتداء به.
وأخيراً: هناك ناحية مهمّة يجب أن ننتبه إليها عندما نختار كتاباً للطفل وهي ضرورة التّأكّد من أن الكتاب لا يحمل أفكاراً سامّة تستهدف تخريب عقول الأطفال وإزالة مبادىء الخير من نفوسهم، فهذه النّماذج من الكتب كثيرةٌ اليوم وهي إحدى وسائل الآخر الهدّامة التي تستهدف ناشئتنا وأطفالنا
لهدم الأسس القويمة التي تقوم عليها التّربية الصّحيحة.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد