وعندما اقترب موعد العيد، وجدتني أفكر في شيء غريب ومختلف لم يخطر ببالي من قبل، ففكرت كيف يكون العيد، وكيف تكون مظاهره في الفضاء الخارجي؟! لا أعرف لماذا خطر لي هذا الخاطر؟.. ووجدتني أشارك فيه من حولي وأطرح عليهم نفس السؤال الذي طرح نفسه على ذهني:
كيف تكون مظاهر العيد في الفضاء؟!
وكانت المفاجأة أن كل من حولي قد استنكر عليّ السؤال، وقام بعضهم بترديد بعض التعليقات الظريفة وربما السخيفة على هذا السؤال، وأعتقد أن هذا هو ما جعلني أبحث عن إجابة أو بمعنى أصح أتخيل تلك الإجابة، فتخيلت كيف يكون العيد في العوالم الأخرى!! وإذا كانت هناك مخلوقات تعيش على سطح الكواكب والمجرات فماذا سترتدي يوم العيد؟! هل عندهم ثياب جديدة يرتدونها مثلنا.
ولكن قابلتني مشكلة صعبة التخيل! ماذا لو وجدت \"مراجيح\" في الفضاء؟! وماذا سيكون شكلها وهيئتها؟! \"فالمراجيح\" أهم ما يميز العيد ومظهر هام من مظاهر الفرحة به، أعتقد أنها لو وجدت هناك فلا بد أنها ستكون على شكل أقمار صناعية صغيرة متشابكة مع بعضها البعض فيما يشبه المجموعة الشمسية تدور في الفراغ حول نفسها دون أي جاذبية. تخيلات غريبة جدًّا تلك التي أصابتني، والأغرب منها هو لماذا أتخيلها وأبحث فيها؟!! هل هذا نتيجة طبيعية لكل التطورات الحديثة التي تمر بنا ونتعامل معها في هذا العصر؟ أو نتيجة لقدوم الألفية الجديدة؟ وأن هذا هو أول عيد فيها، وربما أيضًا يكون نتيجة لأنني أتعامل الآن وبشكل يومي ومباشر مع فضاء آخر من نوع جديد ألا وهو الفضاء الإليكتروني، حيث أصبح لي عالم آخر ودنيا جديدة أعيش وأتعايش معها على شبكة الإنترنت.
هذا العالم الجديد الذي فرضته علينا كل مستحدثات التكنولوجيا الحديثة من سرعة هائلة تكاد تكون مخيفة، ومن تطورات سريعة ومتلاحقة في مختلف المجالات والعلوم والفنون، هذا العالم الذي اختلفت حوله الأقوال والآراء وكثر الحديث عن إيجابياته وسلبياته أصبح لي فيه دنيا حياة خاصة جدًا.
فمن خلال تلك الشاشة الصغيرة ومن خلال لوحة المفاتيح التي كنت دوما أعتقد أنها مجرد مجموعة من المفاتيح التي تؤدى دور الكتابة والحروف، ومن خلال هذا الجهاز الصغير اطلعت على هذا الفضاء الإليكتروني وأصبحت كل الأشياء ذات صفات ومعانٍ, جديدةº فأصبحت الشاشة الصغيرة عالمًا كبيرًا وفضاء حقيقيًّا أسبح فيه كل يوم وكل ليلة، وأصبحت تلك المفاتيح البيضاء (Key board) هي اللغة الموحدة للتخاطب مع العالم بأكمله بالرغم من اختلاف اللهجات واللغات والجنسيات.
في البداية خفق قلبي بشدة وشعرت بالفعل أنني رائدة فضاء ولكنني في فضاء لا أعرف عنه شيء، ولكن بمرور الوقت واكتساب بعض الخبرات أصبحت أملك هذا العالم الجديد، أملك دنيا مختلفة تماما عن تلك التي أعيش فيها، فأصبح لي عبر تلك الشاشة صداقات حقيقة مع أشخاص ربما يكونون غير حقيقيينº فهم أشخاص لم أقابلهم، ولم أتعرف على صورهم، ولكني أعرف شخصياتهم، ولى أيضا بخلاف الأصدقاء أسرة وأخوة وأخوات وزملاء دراسة وعمل، والعجيب في الأمر أن يكون لي أبناء أيضا!!
كل هذا الفضاء الخيالي أو الإليكتروني أصبح جزءاً هامًا من حياتي لا يمكن الاستغناء عنه، وأصبح لي موعد محدد لا بد أن انطلق فيه إلى عالمي الخاص. وربما يثير الدهشة والابتسام أيضا أن لي عملاً خياليًّا، ولى دفتر أوقع فيه كل يوم بالحضور والانصراف، وأحيانا نفرض بعض الغرامات على المتأخرين عن موعد الحضور أو المتغيبين دون عذر مسبق، هذا كله بخلاف خبرات وعلاقات العمل والتي اكتسبت منها الكثير بالفعل، وأضافت لي ولعملي مهارات جديدة ومفيدة.
وإذا كنا في البداية تخيلنا العيد في الفضاء فالعيد في فضائي الإليكتروني له شكل مختلف وطابع خاص، فالكثير والكثير من المواقع الإليكترونية على شبكة الإنترنت قد خصصت جزءًا كبيرًا ومواقع خاصة لإرسال كروت التهنئة بعيد الفطر، وكذلك جميع الأعياد والمناسبات، وتلك الكروت الإليكترونية هي بمثابة برقيات التهنئة والمعايدة، وبالطبع لا تخلو هذه المواقع من بعض الكروت ذات الطابع الفكاهي الظريف، والتي نرسلها لبعضنا البعض من باب الدعابة وإدخال السرور (مقالب يعنى) كذلك فقد اتفق معي بعض الأصدقاء على القيام بنزهة خلال إجازة العيد بالرغم من اختلاف البلاد التي نعيش فيها لكننا اتفقنا على أن يصحب كل واحد منا الآخرين معه في نزهة خاصة داخل بلده ليعرفهم عليها ونستمتع سويا بزيارة كل هذه البلاد، وليصبح العيد الإليكتروني عندنا شيئًا جديدًا ومفيدًا.
وبالطبع فلم ننس كعك العيد حيث تهتم به الكثير من البلاد العربية، فلقد اتفقنا أيضا على إرسال عينات من هذا الكعك على البريد الأليكتروني (E-mail) الخاص بكل منا على أن يكون ملف (File) محشو بالعجمية والمكسرات ومحفوظ (Save) بالسكر.
أعلم أنه عالم غريب وربما خيالي ولكنني بالفعل أعيش فيه وأتفاعل معه كل يوم وليلة، وأصبح فضائي الإليكتروني كوكبًا جديدًا أعيش على سطحه وأخوض تجربته بكل ما فيها من إيجابيات وسلبيات وأفراح وأعياد، ولعلنا نكتشف المزيد من تلك الكواكب ونصبح روادًا حقيقيين في عالم غير حقيقي.
وكل عام وأنتم بخير
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد