مزايا التربية الإسلامية


 

بسم الله الرحمن الرحيم

تقع معظم الدراسات التي تتعرض للتربية الإسلامية بخطأ جسيم حين تُعرض عن الإطار النظري لها كما حدّده القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة. ومن الملاحَظ التفاتُ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - منذ أول ظهور الإسلام إلى أهمية التربية فوجّه النظر إليها، وأمر بتعليم القراءة والكتابة، ولم يكد القرن الثاني الهجري يطلع حتى كان ثَمّةَ \"جهازٌ\" تربويُّ متغلغل في كل ناحية من نواحي المجتمع الإسلامي، جهازٌ خُلُقُه ومَرجِعُهُ القرآن الكريم والسنّة المطهّرة فانتشرت الكتاتيب التي تعلّم الأطفال والصبيان، والمدارس العليا التي تعلّم الكبار وقد ازدهرت الحضارة الإسلامية بسبب دِقّة هذا النظام وانتشارِهِ، فكانت تلك التربية بحقّ \"محقِّقة لروح الإسلام\".

 

ولكي نفهم التربية يجب فهم المزايا والأهداف والوسائل كما هي محدِّدة في الكتاب والسنّة، \"فالتربية تدور حول محور هامّ وهو الإنسان، الذي كرّمه ربٌّه على سائر المخلوقات، وشرّفه باستخلافه، الإنسان كفرد، له حاجات جسدية ودوافع غريزيّة، وله إلى جانبها حاجاتٌ عقلية وروحية ونفسية، والإنسان كفرد يعيش في جماعة، يُعتبر بحكم انتمائه إليها وحياته بينها مسؤولاً عن توفير الحق والخير والرفاهية لها، وهي مسؤولة عن توفير الحق والخير والأمن له. وفي ضوء هذا المحور يمكن فهم التربية الإسلامية، وبدونه يستحيل فهمها\".

 

مزايا التربية الإسلامية:

ومزايا التربية الإسلامية تَتّصف بكونها:

1ـ مسؤولية فردية: فطلُب العلم يُعتبر فرضاً على كل مسلم ومسلمة، فرضَ عين بالنسبة لما يجب تعلٌّمُه من العلوم الدينية، وفرضَ كفاية بالنسبة لغيرها من العلوم. ومعنى ذلك أن الإنسان البالغ الراشد مسؤول في الإسلام عن تربية نفسه، وأنّ وليّ أمرِ الطفل مسؤول عنه وعن تربيته، حتى يبلغ رُشده، والدولةُ الإسلامية مسؤولة عن توفير سبل التربية لأبنائها إذا هم عجزوا عن ذلك.

 

2ـ تربية شاملة: لتتفق مع شمول نظرة الإسلام إلى الإنسان فقد جمعت التربية الإسلامية منذ أول ظهور الإسلام بين تأديب النفس، وتصفية الروح، وتثقيف العقل، وتقوية الجسم، فهي تُعنى بالتربية الدينية والخلقية والعلمية والجسدية، دون تضحية بأي نوع منها.

 

3ـ تربية متكاملة: بمعنى أنها لا تقتصر على مكان دون آخر، فهي تتم في المدرسة والمسجد والشارع والبيت ومَيدان القتال وساحة القضاء. وكل إنسان في هذه التربية المتكاملة معلِّم، طالما كان لديه ما يعطيه. والرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: \"الحكمة ضالّة المؤمن، أنّى وجدها، فهو أَولى الناس بها\" رواه الترمذي بسند ضعيف، ومعناه صحيح. فالكل في الإسلام مسؤول. والتربية في الإسلام عطاء ومن ثم فكل قادر على العطاء معلِّم.

 

4 ـ تربية علمية: يمارس فيها المتعلِّم ما يتعلّمه. وقد كان صحابة الرسول - صلى الله عليه وسلم - يحفظون آيات القرآن: عشر آيات، عشر آيات، يعملون بها ويترجمونها إلى واقع حيّ وسلوك عملي، لينتقلوا بعدُ إلى الآيات العشر التالية.

 

5 ـ تربية تقوم على الحرية: سبيلها الإقناع والقدوة الحسنة. وأبرز ما يُظهر هذه المزيّة أنه \"لم تكن هناك سلطة دينية أو سياسية، تحظّر الآراء أو تحكم على أصحابها بالإعدام أو الإحراق بل كان علماء الشّريعة يتصدَّون للرد على المنحرف منها وبيان زيفها وبطلانها، بالحجة والبرهان\".

 

6 ـ تربية تقوم على الانفتاح: بمعنى أنها تستفيد من كل نافع لدى الحضارات الأخرى.

 

7 ـ تربية تقوم على مسؤولية الجماعة عن التعليم: وليست هذه مناقِضة لمسؤولية الفرد (النقطة الأولى) بل لعلها مكمِّلة لها لأنه لا تناقُضَ في الإسلام بين الفرد والجماعة، فالفرد في الإسلام \"مسؤول عن الجماعة، يعمل ويوجّه وينقد ويصحِّح، منفرداً، وضمن فئة مَن يدركون ويستطيعون، وعليه أن يستنفِدَ في ذلك كلِّه أقصى قدرته\".

 

\"والجماعة مسؤولة عن أعضائها وعملها، على أن لا تطغى على ذات الفرد، وتسلبه حرّيَّتَهُ وحقوقَه بدعوى حمايته أو الوصاية عليه، كما أن الفرد مسؤول عن ذاته، على أن لا ينسى الجماعة، في غَمرَة حِرصه واستمساكه بحقوقه ومصالحه القريبة\".

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply