شباب المساجد .. أمل الأمة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

كثيراً ما أتساءل عن حال أمتنا التي أثقلتها المصائب وأثخنتها الجراح وأغرقتها الفتن وتكالبت عليها الأمم.. والذي يشغل بالي هذه الأيام شباب هذه الأمة.. أين هم؟ ماذا دهاهم؟.. ما بالهم لا يحركون ساكناً؟

لقد رأيت الكثرة الكاثرة منهم لاهين عابثين ضائعين لا يجدون من يوضح غايتهم أو يحدد هدفهم.. لا يستمعون إلى داعية يبعث فيهم روح الإيمان، ويبث في صدورهم حب هذا الدين، والغيرة عليه.

وأما شعاع الأمل في عالمنا المظلم الذي أكاد أطير له فرحاً فهو أولئك الشباب المجاهد في أرض فلسطين الحبيبة.. الذين يمثلون النجم الساطع الذي ننظر إليه في عتمة الليل المدلهم، وهم الشمس التي ستشرق في صباح تعود فيه القوة والعزة للإسلام وأهله، ولذلك لا نستطيع مهما كتبنا عنهم أن نوفيهم حقوقهم.

لكني رأيت أنه من المفيد أن نقف على سر تميزهم حتى يقتدي بهم شباب أمتنا، فهم مثال معاصر وقريب إلى الأذهان.

إن المتطلع إلى سير هؤلاء الشباب يرى أنهم أبناء مساجد، فلا نكاد نقرأ سيرة واحد منهم إلا وجدنا أن المسجد كان له الدور الأساسي في حياته، وهم من الحريصين على صلاة الفجر في جماعة، بل وعلى قيام الليل. هذا فضلاً عن عزمهم الأكيد على إتمام دراستهم والحصول على أعلى الدرجات بالرغم من عدم توافر الإمكانات المادية لدى أغلبهم، فأحدهم استدان مبلغاً من المال ليدخل الجامعة، ولما سئل عن السبب قال: لأكثّر من سواد الإسلاميين في الجامعة، فهم حريصون على طلب العلم النافع لأنهم يدركون أنه من أقوى الأسلحة في وجه الأعداء. ولقد استطاع المجاهدون من خلاله صنع أسلحة وصواريخ من مواد بسيطة قد لا يستطيع الكثير من علمائنا صناعتها.

فهل يتأسى شباب الأمة بهؤلاء الأبطال؟ للأسف إن غالبية شبابنا لا يرتادون المساجد، ولا يصلون الفجر وكأنهم لم يسمعوا قول الشاعر:

لا يُصنع الأبطال إلا

في مساجدنا الفساح

من خان حي على الصلاة

يخون حي على الكفاح

إننا صرنا نعيش في زمن غريب، إنه زمن الموضة والبعد عن الدين، فالصلاة في المسجد أصبحت إرهاباً وتطرفاً.. وسماع كلام الوالدين فيه خضوع وذل لا يتماشى مع الحضارة التي نعيشها!! وأيضاً شبابنا لا يهتمون بدراستهم رغم كل ما يتوافر من أسباب الأمن والراحة فتراهم غير مكترثين لها.. فقط يهتمون بالسيارة والجوال، وبأحدث الصرعات في كل شيء.

ومن ثم أناشد كل مسلم غيور على هذه الأمة وكل مربٍّ, فاضل وكل داعية مخلص أن يكونوا عوناً لهؤلاء الشباب يبصرونهم بالحق ويذكرونهم بأنهم هم الأمل المنشود وهم من سيعيدون القدس ويحررون الأقصى، ويجب أن يكون فيهم عمر الفاروق وخالد بن الوليد وصلاح الدين.. فوالله إن إخواننا في فلسطين برغم كل ما يعانونه من التضييق الصهيوني والاعتقال والملاحقات من قبل أجهزة السلطة، إلا إنهم استطاعوا النهوض بشبابهم ورفع معنوياتهم وتقوية إيمانهم... نحن إذاً نريد مربياً كعماد عقل ويحيى عياش والشيخ أحمد ياسين والإمام حسن البنا.

ولنقف مع الإمام حسن البنا في حديثه، ونظرته الواعية لمكانة الشباب ودورهم الجاد في النهوض بالأمة، يقول - رحمه الله -: \"... الإيمان والإخلاص والحماسة والعمل من خصائص الشباب، لأن أساس الإيمان القلب الذكي، وأساس الإخلاص الفؤاد النقي، وأساس الحماسة الشعور القوي، وأساس العمل العزم الفتي، وهذه كلها لا تكون إلا للشباب، ومن هنا كان الشباب قديماً وحديثاً في كل أمة عماد نهضتها، وفي كل نهضة سر قوتها، وفي كل فكرة حامل رايتها، ومن هنا كثرت واجباتكم، وعظمت تبعاتكم، وتضاعفت حقوق أمتكم عليكم\".

وأنا أرى أن بصيصاً من الأمل بدأ يبرق في عيون الكثير من الشباب، وهذا يبشر بعودة الأمة إلى ربها، وقرب طلوع الفجر.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply