من أين يولد العنف والتطرف


 

بسم الله الرحمن الرحيم

ملاحظة أولى: قال طيار أمريكي، من الذين قصفوا كابل: \"كان الأمر أشبه بنزهة.. أسهل من طلعة تدريبية\"..

وسائل الإعلام ذكرت، أنه في تلك الغارة، (التي سماها الأمريكي نزهه) قتل 25 مدنيا أفغانيا..

 

اقتربت من صدره فاحتضنته، ثم تراجعت خطوة إلى الوراء، ويدها ما زالت على صدره وقالت:

- ما هذا يا عبد الله.. ؟

- درع أتقى بها ضرباتهم..

- أتخاف من (الحجاج) يا عبد الله... أتخاف من الموت.. ؟

قلت لها لماذا تخافين أن يكون اسمك على ورقة.. ؟ لماذا تطالبينني أن أكون (عبد الله)، ولا تحاولين أن تكوني (أسماء).. ؟

سكتت وانتهى الحديث.

ثم.. لما جن علي الليل، أخذت أتأمل فيما قلت لها:

- هل قسوت عليها.. هل طالبتها بما لا تستطيع.. ؟ لقد تحدثنا عن التضحية.. عن كيف عانى - عليه الصلاة والسلام -.. حتى يبلغ الرسالة.

إننا دائما نتحدث عن الحاجة إلى الرواد، الذين يتقدمون الصفوف، ليلتقطوا الراية، أو يحملوا المشعل، وكثيرا ما نستخدم مثالا سخيفا، فنقول:

- \"من يعلق الجرس\".. ؟

فتتبادر إلى أذهاننا قصة الفئران والقط.. لهذا السبب، نعاني شحا في الـرواد.. والرائدات..

ما دام المثال فئران وقط، فالمسألة لا تستحق تضحية، فضلا عن أن تكون هناك ريادة.

أستبد بي الأرق، وعافني مضجعي.. وأنا أتأمل فيما قلت. تذكرت حديث صاحبي، الذي قال:

- كنا في مجلس، فحدثنا عن صفة أهل النار، فران علينا صمت كصمت القبور، وما تجد واحد منا يلتفت على صاحبه. ثم حدثنا عن صفة أهل الجنة فارتفع بكاؤنا وعويلنا.

تعجبت...

قال:

لا تعجب. حينما كان يتحدث عن أهل النار، خفنا أن يسمينا، لكثرة ما اقترفنا، فلزم كل منا الصمت خشية أن يقال:

- هو ذا..

وحينما تحدث عن أهل الجنة، وتحدث عن أدنى أهلها، والحوار الذي دار بينه وبين الرب - جل وعلا -، بكينا، وكل واحد يؤمل أن يكون ذلك الأدنى..

 

ثم أضاف صاحبي، فقال:

- ثم حدثنا بعدها حديث الغلام..

سرت في جسدي رعشة، وأنا أردد: حديث الغلام..

هل تذكرون حديث الغلام.. ؟ هذا أعظم الرواد. ليتني قلت لها حديث الغلام. صحيح أنني حدثتها عن أم المؤمنين خديجة، وهي تدثره - عليه السلام -، وتقول:

\"أبشر، والله لا يخزيك الله\"..

... كأني أقول لها كوني خديجة.

لكـن ما حال الغلام؟

- هل تريد أن تقتلني.. ؟ قالها الغلام.

اجمع الناس، وخذ هذا السهم وقل: \"باسم رب الغلام\"، ثم أطلق السهم فتقتلني..

جمع الناس، وقال.. باسم رب الغلام، وأطلق السهم.

مات الغلام، وقال الناس: آمنا برب الغلام.

ومضت في التاريخ قصة أعظم الرواد..

فمن يكون مثل الغلام... لا من يعلق الجرس.. ؟

 

ملاحظة أخيرة:

تأملوا عناوين الصحف العربية، التي يصدرها، ويكتب بها (مسلمون)، كيف تصف دك المدن الأفغانية.. يكاد يتقافز الفرح من بين السطور..

 

ثم يقولون:

من أين يولد العنف والتطرف.. ؟

 

أنا أجيبكم:

سينبت من بين الحطام والركام والأشلاء.. والكرامة الذبيحة.. وسيولد أعمى.. لأنه تخلق، في رحم ظلام كابل الدامس..

ستكـون كابل المدمرة.. هي (الغلام) الذي سوف (يتناسخ)، بالألوف.. ويقــول لـ B52:

- ها أنذا حاسر الرأس.. فصبي حممك.. أمطري الموت.. لكني سأخرج لك في (مكان) آخر.. في عقر دارك.. فأغدو شظايا..

أنا الغلام.. يتناسخ..

أنا كابل المدمرة..

أنا الكرامة الذبيحة..

أنا العدل المفقود..

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply