بسم الله الرحمن الرحيم
من خلال النظر إلى الواقع المؤلم يتبين لنا مدى أهمية التربية كعامل أساسيٍّ, في تنشئة جيل يعمل لخدمة الأمة، ويدفعها نحو العزة والرفعة، ويسمو بها نحو القمة، وعندما نتأمل الواقع جيداً، وننظر بشفافية أكثرº يتضح لنا أن البذور إذا عُني بها خرج الزرع طيبا، فكذلك الطفولة إذا عُني بها خرج لنا جيلاً صالحاً.
وهنا وعند تأمل القرآن الكريم والسنة المطهرة يتبادر لنا سؤال مهم وهو:
هل من الممكن أن يتربى هؤلاء الأطفال من خلال القرآن والسنة وهل يمكن استثمار قصص القرآن أو السنة في هذا المشروع الضخم؟؟؟
للإجابة على هذا السؤال نقول:
بعد الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه
فلاشك أن القرآن الكريم والسنة المطهرة كفيلان بأن يكونا أداة عظيمة في تربية الجيل وإرشاده نحو كل جليل وهذا من المسلمات عند كل مسلم حيث يقول الله تبارك وتعالى:(ذَلِكَ الكِتَابُ لا رَيبَ فِيهِ هُدىً لِلمُتَّقِينَ) (البقرة:2) .
- وفي ظل البيئة السيئة التي ولدّها التأثر بالغرب وسيطرت وسائله الإعلامية المختلفة على بيوت المسلمين وانهماك الوالدين في الأعمال المختلفة كاضطرار بعض الأسر لخروج الأم للعمل وقد يعمل الأب عملاً إضافياً أصبح الآباء بعيدون عن تربية أبنائهم وإذا جلسوا معهم إما أن يكونوا معكري المزاج فلا يجد الأولاد سوى الصراخ والعويل دون كلمة حانية أو بسمة رفيقة أو مداعبة رقيقة ويظن الأب أو الأم أن التوبيخ والنهر هو الطريقة المثلى للتربية بل قد يكون أصلاً لا يعرف سوى هذه الطريقة.
- وكم نسمع من بعض الناصحين اضرب ولدك يصبح مؤدباً!
[اشخط .. أزعق .. زعّق .. كشر .. برطم .. ] ستكون النتيجة ولداً مهذباً صالحاً وهذا خطأ كبير في التربية فالتأديب بتعليق العصا ليراه أهل البيت من السنة ولكن أن يكون الوحيد فهذا أمر مرفوض.
- يجب أن تكون أساليب التربية مستفادة من الوحي العظيم الكتاب والسنة فهذه الشريعة جاءت بكل ما يصلح به البشر شؤونهم ، ومن تلك الأساليب المستقاة منها تربية الأبناء بل المجتمع بالقصة فالتربية بالقصة وتوصيل المعنى بالإحساس وتحقيق الهدف بالمثال من أفضل الأساليب وأكثرها نجاحاً وأنجعها نتيجة إن شاء الله.
فنحن نجد بأن الموعظة بالقصة تكون مؤثرة وبليغة في نفس الطفل، وكلما كان القاص ذا أسلوب متميز جذابº استطاع شد انتباه الطفل والتأثير فيهº وذلك لما للقصة من أثر في نفس قارئها أو سامعها، ولما تتميز به النفس البشرية من ميل إلى تتبع المواقف والأحداث رغبة في معرفة النهاية التي تختم بها أي قصة، وذلك في شوق ولهفة.
فممّا لا شكّ فيه أنّ القصة المحكمة الدقيقة تطرق السامع بشغف، وتنفذ إلى النفس البشرية بسهولة ويسر... ولذا كان الأسلوب القصصي أجدى نفعاً وأكثر فائدةº فالقصة أمر محبب للناس، وتترك أثرها في النفوس والمعهود حتى في حياة الطفولة أن يميلَ الطفل إلى سماع الحكاية، ويصغي إلى رواية القصة...
هذه الظاهرة الفطرية ينبغي للمربّين أن يفيدوا مِنها في مجالات التعليم خاصة وأن إعلامنا أجرم عندما جعل من العاهرة بطلة ومن العاهر بطلا، وإعلامنا أجرم كثيرا في حق أبنائنا فلم يترك عاهرة إلا وصورها وعقد معها لقاء.
لذلك لابد أن يربط الولد بأنبياء الله عز وجل: (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقتَدِه )(الأنعام: من الآية90) وبرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : (لَقَد كَانَ لَكُم فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسوَةٌ حَسَنَةٌ)(الأحزاب: من الآية21)
وتربيتهم على ما كان عليه صحابة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ:
إن لم تكونوا مثلهم فتشبهوا إن التشبه بالكرام فلاح
والقصة خير وسيلة للوصول إلى ذلك ولهذا كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ كثيراً ما يقص على أصحابه قصص السابقين للعظة والاعتبار وقد كان ما يحكيه مقدَّماً بقوله: \" كان فيمن قبلكم \" ثم يقص صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ على مسامعهم القصة وما انتهت إليه.
لقد كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يتمثل منهجاً ربانياً (فَاقصُصِ القَصَصَ لَعَلَّهُم يَتَفَكَّرُونَ)(لأعراف: من الآية176).
وتلك القصص كانت قصصاً تتميز بالواقعية والصدق، لأنها تهدف إلى تربية النفوس وتهذيبها، وليس لمجرد التسلية والإمتاع حيث كان الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين يأخذون من كل قصة العظة والعبرة، كما يخرجون منها بدرس تربوي سلوكي مستفاد ينفعه وينفع من بعدهم في الدارين: في دار الدنيا والآخرة.
- ولكن هل الإعلام الموجه للطفل عموماً استفاد من هذا الأسلوب \" التربية بالقصة \" لتحصيل أسباب تربوية أم أنه إعلام هدّام أو سلبي على أقل وصف ؟ للأسف كثيرٌ منه سلبي فالقصص التي تعرض في أفلام الكرتون فيها محاذير ومنكرات عديدة منها :
1- قصص تثير الفزع والرعب والرهبة
القصص التي يغلب عليها طيف الفزع والرهبة، تترك في الذائقة اشتياقاً ممزوجاً بالجزع، وفي النفس جبناً وعقداً، وأمثال ذلك: قصص (أمناً الغولة، وقصص المردة، والعفاريت) هذه القصص تهدم الشخصية، وتقتل الحس الفكري لدى الطفل، ولا تؤسس الطفل الشجاع، ولكنها تؤسس الطفل الجبان المتخاذل، الذي يتملك الخوف من فرائسه.
فالطفل يظل معايش الفكرة حتى بعد الانصراف، من لحظة المعايشة الفكرية للقصة، يتخيل بالفعل أن هناك عفاريت تحاصره بالظلام، وأن هناك (أمنا الغولة عند البئر) إلخ...، ولو نظر كل منا لنفسه، لوجد أنه لا يزال يعيش بوجدانه قصصاً قرأها في صباه، فيجب أن نؤسس الطفل على الشجاعة، لكي نبني أمة شجاعة، لا أن نؤسس الطفل على الجبن فنبني أمة ضعيفة.
2- القصص الشعبية التي تحتوي على مواقف منافية للأخلاق:
وأمثلة ذلك: قصص (طرزان- وسوبرمان- والجاسوسية)، التي لا تحتوي على قيم إنسانية أو أخلاقية ، بقدر ما تمجد العنف كوسيلة لحل المشاكل، وتجعل القوة البدنية، هي العامل الأقوى في حسم المواقف.
مثال: طرح شخصية (طرزان)، الذي تربى بين الحيوانات، ولا يعرف وسيلة لحل مشاكله إلا بالقوة البدنية، هذه الفكرة تسقط سلوك الطفل العقلاني، إلى السلوك العدواني، دون استخدام العقل، فيجب طرح قصص تدرب الناشئة على حل المشاكل بإحلال العقل محل القوة.
3- قصص تثير العطف على قوى الشر أو تمجيدها:
القصص، التي تثير العطف على قوى الشر، وتمجده مثل انتصار الشر على الخير،.. الظالم على المظلوم...الشرير على الشرطي.
ويطرحونها بحجة أنهم يكشفون السلوك الخاطئ للطفل كمن يكذب على أولاده ثم يقول هذا كذب أبيض وفي الحقيقة الولد يتربى على الكذب فليس هناك كذب أبيض ولا أسود ، أما عن إثارة العطف على قوى الشر والانتصار له في النهاية قد تجعل الولد يسلك السلوك الخاطئ ، ليبقى ضمن طائفة الأقوياء المنتصرين.
مثال ذلك:(قصص الرجل الخارق، وسوبر مان، الرجل الحديدي ، جلاندايزر )
4- قصص تعيب الآخرين وتسخر منهم:
القصص القائمة على السخرية من الآخرين وتدبير المقالب لهم وإيقاع الأذى بهم، منها السخرية من علة المعاق أو عيب خلقي في نطق البعض وتدبير المقالب للكبير مثلاً وإيقاع الأذى بالأعمى، بإيقاعه في فخ ما أو غيرها، دون تعظيم الأثر الواقع على المخطئ أو مدبر المقلب، ومن الأمثلة الشهيرة لهذا الفكر الخاطئ تربوياً: الأفلام المتحركة في قصة \" توم وجيري \" ، وهذه القصة رغم ما بلغته من شهرة جماهيرية لدى الأجيال إلا أنها فاسدة تربوياً، ترسِّب هذه الأفلام في وعي الطفل نمطاً سلوكياً خاطئاً، يقلده الطفل ويتمثل به ليحقق ذات المتعة والشقاوة الفكرية على من حوله، ويحس بالتفوق على الآخرين، وكذلك تلك الأفلام التي تسخر من الأسود وتؤدي إلى نبذ الجنس الآخر الأسود فهذا يرسب الضغينة والحقد في نفوس الأطفال، ويؤسس التفرقة والتشرذم لا الوحدة والتآلف.
فتلك مقتطفات من واقع القصص المقدمة للأطفال والتي كان يفترض أن تكون تربوية.
ربما يقول البعض إن القصص المناسب طرحها للأطفال قليلة وغير مفيدة وهذا كلام غير صحيح ففي الكتاب والسنة الكثير من القصص المفيد وكل قصص الكتاب والسنة مفيد.
فمن القصص المناسبة للأطفال والتي سنتاول بعضها:
1. قصة يونس في بطن الحوت
2. قصة أبي هريرة مع الشيطان
3. قصة خشبة المقترض
4. قصة الثلاثة أصحاب الغار
5. قصة أصحاب الأخدود
6. قصة أنس مع سر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ
7. قصة عبد الله بن عمر مع الراعي .. \" قل له أكلها الذئب \"
8. قصة أم موسى
9. قصة عمر واللبن
10. قصة يوسف
11. قصة معاذ ومعوذ
12. قصة القُبّرة
13. قصة الجمل
14. قصة صاحبة الوشاح \" ويوم الوشاح من تعاجيب ربنا \"
15. قصة ابن عمر والنخل.
وإليك بعضاً منها مع بيان لكيفية الاستفادة منها وتطبيقها على الواقع ؟
قصة الثلاثة أصحاب الغار
روى البخاري في صحيحه عن عَبدَ اللَّهِ بنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُمَا قَالَ سَمِعتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: انطَلَقَ ثَلَاثَةُ رَهطٍ, مِمَّن كَانَ قَبلَكُم حَتَّى أَوَوا المَبِيتَ إِلَى غَارٍ, فَدَخَلُوهُ فَانحَدَرَت صَخرَةٌ مِن الجَبَلِ فَسَدَّت عَلَيهِم الغَارَ فَقَالُوا إِنَّهُ لَا يُنجِيكُم مِن هَذِهِ الصَّخرَةِ إِلَّا أَن تَدعُوا اللَّهَ بِصَالِحِ أَعمَالِكُم ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنهُم اللَّهُمَّ كَانَ لِي أَبَوَانِ شَيخَانِ كَبِيرَانِ وَكُنتُ لَا أَغبِقُ - شُرب العَشِيّ - قَبلَهُمَا أَهلًا وَلَا مَالًا فَنَأَى بِي فِي طَلَبِ شَيءٍ, يَومًا فَلَم أُرِح عَلَيهِمَا حَتَّى نَامَا فَحَلَبتُ لَهُمَا غَبُوقَهُمَا فَوَجَدتُهُمَا نَائِمَينِ وَكَرِهتُ أَن أَغبِقَ قَبلَهُمَا أَهلًا أَو مَالًا فَلَبِثتُ وَالقَدَحُ عَلَى يَدَيَّ أَنتَظِرُ استِيقَاظَهُمَا ُ [َ فَكَرِهتُ أَن أُوقِظَهُمَا وَالصِّبيَةُ يَتَضَاغَونَ - الصِّيَاح بِبُكَاء بسبب الجوع - عِندَ رِجلَيَّ فَلَم يَزَل ذَلِكَ دَأبِي وَدَأبَهُمَا حَتَّى طَلَعَ الفَجرُ ] حَتَّى بَرَقَ الفَجر فَاستَيقَظَا فَشَرِبَا غَبُوقَهُمَا اللَّهُمَّ إِن كُنتُ فَعَلتُ ذَلِكَ ابتِغَاءَ وَجهِكَ فَفَرِّج عَنَّا مَا نَحنُ فِيهِ مِن هَذِهِ الصَّخرَةِ فَانفَرَجَت شَيئًا لَا يَستَطِيعُونَ الخُرُوج.
َ قَالَ النَّبِيٌّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ الآخَرُ اللَّهُمَّ كَانَت لِي بِنتُ عَمٍّ, كَانَت أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيَّ [ كُنتُ أُحِبٌّ امرَأَةً مِن بَنَاتِ عَمِّي كَأَشَدِّ مَا يُحِبٌّ الرَّجُلُ النِّسَاءَ ] فَأَرَدتُهَا عَن نَفسِهَا فَامتَنَعَت مِنِّي حَتَّى أَلَمَّت بِهَا سَنَةٌ مِن السِّنِينَ فَجَاءَتنِي [فَقَالَت لَا تَنَالُ ذَلِكَ مِنهَا حَتَّى تُعطِيَهَا مِائَةَ دِينَارٍ, فَسَعَيتُ فِيهَا حَتَّى جَمَعتُهَا ] فَأَعطَيتُهَا عِشرِينَ وَمِائَةَ دِينَارٍ, عَلَى أَن تُخَلِّيَ بَينِي وَبَينَ نَفسِهَا فَفَعَلَت حَتَّى إِذَا قَدَرتُ عَلَيهَا قَالَت لَا أُحِلٌّ لَكَ أَن تَفُضَّ الخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ [قَالَت اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تَفُضَّ الخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ ] فَتَحَرَّجتُ مِن الوُقُوعِ عَلَيهَا فَانصَرَفتُ عَنهَا [ فَقُمتُ وَتَرَكتُهَا] وَهِيَ أَحَبٌّ النَّاسِ إِلَيَّ وَتَرَكتُ الذَّهَبَ الَّذِي أَعطَيتُهَا اللَّهُمَّ إِن كُنتُ فَعَلتُ ابتِغَاءَ وَجهِكَ فَافرُج عَنَّا مَا نَحنُ فِيهِ فَانفَرَجَت الصَّخرَةُ [فَفَرَجَ عَنهُم الثٌّلُثَينِ ]
غَيرَ أَنَّهُم لَا يَستَطِيعُونَ الخُرُوجَ مِنهَا
قَالَ النَّبِيٌّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ الثَّالِثُ اللَّهُمَّ إِنِّي استَأجَرتُ أُجَرَاءَ فَأَعطَيتُهُم أَجرَهُم ( أَي : ثَمَنه) غَيرَ رَجُلٍ, وَاحِدٍ, تَرَكَ الَّذِي لَهُ وَذَهَبَ فَثَمَّرتُ أَجرَهُ حَتَّى كَثُرَت مِنهُ الأَموَالُ فَجَاءَنِي بَعدَ حِينٍ, فَقَالَ يَا عَبدَ اللَّهِ أَدِّ إِلَيَّ أَجرِي فَقُلتُ لَهُ كُلٌّ مَا تَرَى مِن أَجرِكَ مِن الإِبِلِ وَالبَقَرِ وَالغَنَمِ وَالرَّقِيقِ فَقَالَ يَا عَبدَ اللَّهِ لَا تَستَهزِئُ بِي فَقُلتُ إِنِّي لَا أَستَهزِئُ بِكَ فَأَخَذَهُ كُلَّهُ فَاستَاقَهُ فَلَم يَترُك مِنهُ شَيئًا اللَّهُمَّ فَإِن كُنتُ فَعَلتُ ذَلِكَ ابتِغَاءَ وَجهِكَ فَافرُج عَنَّا مَا نَحنُ فِيهِ فَانفَرَجَت الصَّخرَةُ فَخَرَجُوا يَمشُونَ .
الفوائد من هذه القصة :
قال الله تعالى : (يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابتَغُوا إِلَيهِ الوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ) ، قال قتادة : تقربوا إليه بطاعته ، والعمل بما يرضيه .
1- الأعمال الصالحة وقت الرخاء يستفيد منها الإنسان وقت الشدة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أحفظ الله يحفظك ، أحفظ الله تجده تجاهك ، تعرف إلى الله في الرخاء ، يعرفك في الشدة) .
2- يجب على المسلم أن يلجأ إلى الله وحده دائماً بالدعاء وخاصة حين نزول الشدائد ، ومن الشرك الأكبر دعاء الأموات الغائبين ، قال الله تعالى : (وَلاَ تَدعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرٌّكَ فَإِن فَعَلتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ) - الظالمين : المشركين .
3- مشروعية التوسل إلى الله بالأعمال الصالحة ، وهي نافعة ومفيدة ، ولا سيما عند الشدة ، وعدم مشروعية التوسل بالذوات والجاه .
4- حب الله مقدم على حب ما تهوى النفوس من الشهوات .
5- من ترك الزنى والفجور خوفاً من المولى نجاه الله من البلوى .
6- من حفظ حقوق العمال حفظه الله وقت الشدة ، ونجاه من المحنة .
7- الدعاء إلى الله مع التوسل بالعمل الصالح يفتت الصخور .
8- بر الوالدين وإكرامهما على الزوجة والأولاد .
9- حق الأجير يحفظ له ، ولا يجوز تأخيره ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أعطوا الأجير حقه قبل أن يجف عرقه) .
10- استحباب تنمية مال الأجير الذي ترك حقه ، وهو عمل جليل ، وهو من حق الأجير .
11- شرع من قبلنا هو شرع لنا إذا أخبر به الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وسلم على طريق المدح ، ولم يثبت نسخه ، وهذه القصة قصها علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مدح هؤلاء النفر الثلاثة لنقتدي بهم في عملهم .
12- طلب الإخلاص في العمل حيث قال كل واحد ( اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه) .
13- إثبات الوجه لله سبحانه من غير تشبيه ، قال الله تعالى : (لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) .
قصة خشبة المقترض
وهذه قصة خشبة المقترض الأمين فلننظر كيف يمكن أن نربي أبنائنا على الأمانة ورد الأمانة من خلال سرد القصص ؟
روى البخاري رحمه الله في صحيحه : عَن أَبِي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ عَن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلًا مِن بَنِي إِسرَائِيلَ سَأَلَ بَعضَ بَنِي إِسرَائِيلَ أَن يُسلِفَهُ أَلفَ دِينَارٍ, [في رِوَايَة أَبِي سَلَمَة \" أَنَّ رَجُلًا مِن بَنِي إِسرَائِيل كَانَ يُسلِف النَّاس إِذَا أَتَاهُ الرَّجُل بِكَفِيلٍ, \" وفي رواية بها مجهول أنه النجاشي ]
فَقَالَ ائتِنِي بِالشٌّهَدَاءِ أُشهِدُهُم فَقَالَ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا قَالَ فَأتِنِي بِالكَفِيلِ قَالَ كَفَى بِاللَّهِ كَفِيلًا قَالَ صَدَقتَ [ فَقَالَ \" سُبحَان اللَّه نَعَم \" ] . رضي بكفالة الله, مما يدل على إيمان صاحب الدين , وثقته بالله عز وجل .
فَدَفَعَهَا إِلَيهِ [ أَي الأَلف دِينَار ] إِلَى أَجَلٍ, مُسَمًّى .
فَخَرَجَ فِي البَحرِ فَقَضَى حَاجَتَهُ [ وفِي رِوَايَة : فَرَكِبَ الرَّجُل البَحر بِالمَالِ يَتَّجِر فِيهِ فَقَدَّرَ اللَّه أَن حَلَّ الأَجَل وَارتَجَّ البَحر بَينهمَا ]
ثُمَّ التَمَسَ مَركَبًا يَركَبُهَا يَقدَمُ عَلَيهِ لِلأَجَلِ الَّذِي أَجَّلَهُ فَلَم يَجِد مَركَبًا [ زَادَ فِي رِوَايَة أَبِي سَلَمَة \" وَغَدَا رَبّ المَال إِلَى السَّاحِل يَسأَل عَنهُ وَيَقُول : اللَّهُمَّ اُخلُفنِي وَإِنَّمَا أَعطَيت لَك \" ]
فَأَخَذَ خَشَبَةً فَنَقَرَهَا [ أَي حَفَرَهَا , وَفِي رِوَايَة \" فَنَجَرَ خَشَبَة \" ] . فَأَدخَلَ فِيهَا أَلفَ دِينَارٍ, وَصَحِيفَةً مِنهُ إِلَى صَاحِبِهِ [ وجاء في حديث آخر \" فَعَمِلَ تَابُوتًا وَجَعَلَ فِيهِ الأَلف ]
ثُمَّ زَجَّجَ مَوضِعَهَا [ قَالَ الخَطَّابِيٌّ : أَي سَوَّى مَوضِع النَّقر وَأَصلَحَهُ , وَهُوَ مِن تَزجِيج الحَوَاجِب وَهُوَ حَذف زَوَائِد الشَّعر , وَيَحتَمِل أَن يَكُون مَأخُوذًا مِن الزٌّجّ وَهُوَ النَّصل كَأَن يَكُون النَّقر فِي طَرَف الخَشَبَة فَشَدَّ عَلَيهِ زُجًّا لِيُمسِكهُ وَيَحفَظ مَا فِيهِ , وَقَالَ عِيَاض : مَعنَاهُ سَمَّرَهَا بِمَسَامِير كَالزٌّجِّ , أَو حَشَى شُقُوق لِصَاقهَا بِشَيءٍ, وَرَقَعَهُ بِالزٌّجِّ , وَقَالَ اِبن التِّين : مَعنَاهُ أَصلَحَ مَوضِع النَّقر ]
ثُمَّ أَتَى بِهَا إِلَى البَحرِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعلَمُ أَنِّي كُنتُ تَسَلَّفتُ فُلَانًا [يعني كما جاء في رواية أخرى \" استَسلَفت مِن فُلَان \" ] أَلفَ دِينَارٍ, فَسَأَلَنِي كَفِيلَا فَقُلتُ كَفَى بِاللَّهِ كَفِيلًا فَرَضِيَ بِكَ [وفي رواية \" فَرَضِيَ بِهِ \" ]
وَسَأَلَنِي شَهِيدًا فَقُلتُ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا فَرَضِيَ بِكَ وَأَنِّي جَهَدتُ
أَن أَجِدَ مَركَبًا أَبعَثُ إِلَيهِ الَّذِي لَهُ فَلَم أَقدِر وَإِنِّي أَستَودِعُكَهَا [ وَزَادَ فِي حَدِيث \" فَقَالَ اللَّهُمَّ أَدِّ حَمَالَتك \"]
فَرَمَى بِهَا فِي البَحرِ حَتَّى وَلَجَت فِيهِ [أَي دَخَلَت فِي البَحر ]
رماها وهو واثق بالله , متوكل عليه , مطمئن أنه استودعها من لا تضيع عنده الودائع .
ثُمَّ انصَرَفَ وَهُوَ فِي ذَلِكَ يَلتَمِسُ مَركَبًا يَخرُجُ إِلَى بَلَدِهِ فَخَرَجَ الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ أَسلَفَهُ يَنظُرُ لَعَلَّ مَركَبًا قَد جَاءَ بِمَالِهِ فَإِذَا بِالخَشَبَةِ الَّتِي فِيهَا المَالُ فَأَخَذَهَا لِأَهلِهِ حَطَبًا فَلَمَّا نَشَرَهَا [قَطَعَهَا بِالمِنشَارِ ] وَجَدَ المَالَ وَالصَّحِيفَةَ ( وَجَدَ المَال ) فِي رِوَايَة النَّسَائِيِّ \" فَلَمَّا كَسَرَهَا \" وَفِي رِوَايَة أَبِي سَلَمَة \" وَغَدَا رَبّ المَال يَسأَل عَن صَاحِبه كَمَا كَانَ يَسأَل فَيَجِد الخَشَبَة فَيَحمِلهَا إِلَى أَهله فَقَالَ : أَوقِدُوا هَذِهِ , فَكَسَرُوهَا فَانتَثَرَت الدَّنَانِير مِنهَا وَالصَّحِيفَة , فَقَرَأَهَا وَعَرَفَ \" .
قال صلى الله عليه وسلم : ثُمَّ قَدِمَ الَّذِي كَانَ أَسلَفَهُ فَأَتَى بِالأَلفِ دِينَارٍ, فَقَالَ وَاللَّهِ مَا زِلتُ جَاهِدًا فِي طَلَبِ مَركَبٍ, لِآتِيَكَ بِمَالِكَ فَمَا وَجَدتُ مَركَبًا قَبلَ الَّذِي أَتَيتُ فِيهِ قَالَ هَل كُنتَ بَعَثتَ إِلَيَّ بِشَيءٍ, قَالَ أُخبِرُكَ أَنِّي لَم أَجِد مَركَبًا قَبلَ الَّذِي جِئتُ فِيهِ قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ قَد أَدَّى عَنكَ الَّذِي بَعَثتَ فِي الخَشَبَةِ فَانصَرِف بِالأَلفِ الدِّينَارِ رَاشِدًا .
قَوله : ( وَانصَرَفَ بِالأَلفِ الدِّينَار رَاشِدًا ) وفي حديث آخر \" قَد أَدَّى اللَّه عَنك , وَقَد بَلَغَنَا الأَلف فِي التَّابُوت , فَأَمسِك عَلَيك أَلفك \"
يعني لما تيسرت للمدين العودة إلى بلده ,جاء بسرعة إلى صاحب الدين , ومعه ألف دينار أخرى , خوفا منه أن تكون الألف الأولى لم تصل إليه , فبدأ يبين عذره وأسباب تأخره عن الموعد , فأخبره الدائن بأن الله عز وجل الذي جعله الرجل شاهده وكفيله , قد أدى عنه دينه في موعده المحدد .
قَالَ أَبُو هُرَيرَة وَلَقَد رَأَيتنَا عِند رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَكثُر مِرَاؤُنَا وَلَغَطنَا , أَيّهمَا آمَن \" ؟
وَفِي الحديث من الفوائد:
- فَضل التَّوَكٌّل عَلَى اللَّه وَأَنَّ مَن صَحَّ تَوَكٌّله تَكَفَّلَ اللَّه بِنَصرِهِ وَعَونه .فما أحوج الإنسان في زمن طغت فيه المادة , وتعلق الناس فيه بالأسباب إلا من رحم الله, إلى أن يجدد في نفسه قضية الثقة بالله , والاعتماد عليه في قضاء الحوائج , وتفريج الكروب , فقد يتعلق العبد بالأسباب , ويركن إليها , وينسى مسبب الأسباب الذي بيده مقاليد الأمور , وخزائن السماوات والأرض , ولذلك نجد أن الله عز وجل يبين في كثير من المواضع في كتابه هذه القضية , كما في قوله تعالى : {وكفى بالله شهيدا} (الفتح 28) , وقوله : {وكفى بالله وكيلا } (الأحزاب 3) , وقوله : { أليس الله بكاف عبده } (الزمر 36) , كل ذلك من أجل ترسيخ هذا المعنى في النفوس , وعدم نسيانه في زحمة الحياة , وجاءتنا السنة بقصة هذين الرجلين من الأمم السابقة , اللذين ضربا أروع الأمثلة لهذا المعنى .
- إن هذه القصة تدل على عظيم لطف الله وحفظه , وكفايته لعبده إذا توكل عليه وفوض الأمر إليه , وأثر التوكل على الله في قضاء الحاجات , فالذي يجب على الإنسان أن يحسن الظن بربه على الدوام , وفي جميع الأحوال , والله عز وجل عند ظن العبد به , فإن ظن به الخير كان الله له بكل خير أسرع , وإن ظن به غير ذلك فقد ظن بربه ظن السوء .
- إذا بلغ العبد الغاية من الزهد ، أخرجه ذلك إلى التوكل
فإذا اتكلت فكن بربك واثقاً لا ما تحصل عندك الموثوق
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لَو أَنَّكُم كُنتُم تَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكٌّلِهِ لَرُزِقتُم كَمَا يُرزَقُ الطَّيرُ تَغدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا .
(...وَمَن يَتَوَكَّل عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمرِهِ قَد جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيءٍ, قَدراً) (الطلاق:3)
قصة جرة الذهب
كما جاء في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : اشترى رجل من رجل عقاراً له (أرضاً) فوجد الرجل الذي اشترى العقار في عقاره جرة فيها ذهب !!
المشتري (للبائع) : خذ ذهبك مني ، إنما اشتريت منك الأرض ، ولم أشتر منك الذهب !!
البائع (ممتنعاً) : إنما بعتك الأرض وما فيها . – يحتكمان إلى رجل - .
الحكم : ألكما ولد ؟
أحدهما : لي غلام .
الآخر : لي جارية .
الحكم : أنحكوا (زوجوا) الغلام للجارية وأنفقوا عن أنفسكما منه ، وتصدقا .
من فوائد القصة
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد