يصعد الفرد يسود المبدأ


  

بسم الله الرحمن الرحيم

قبل مدة كنت في حديث مع أخٍ, حول قضايا الإصلاح والتغيير، كان مما تعرض له النقاش أسلوب الإصلاح وإنكار المنكر الذي يمارسه بعض العاملين في حقل الدعوة الإسلامية. يقول الأخ، محدثي: (إنه لا يرى النقد المباشر، والحديث عن الأخطاء أسلوباً من أساليب الإصلاح). ويضيف صاحبي أن الأولى هو التوافق مع الوضع القائم إلى حين، ثم متى ما توفر للفرد القوة المعنوية والنفوذ داخل المؤسسة التي هو فيها، حينذاك يبدأ عملية الإصلاح والتغيير.

 

قلت لصاحبي كأني بك تريد أن يقدم الفرد تنازلاً عن المبدأ حتى (يصل) إلى الموقع المؤثر، ثم يبدأ من هنا التغيير..؟ قال: نعم.. ذلكما أعني… أنت لا تستطيع أن تواجه الواقع، حتى لو كان الحق معك. إن التغيير يفرضه قرار متنفذ أكثر من أن يحققه مبدأ سام. قلت يا صاحبي: هذه أنصاف حلول، والمبادئ لا تقوم على أنصاف الحلول. إن القضايا التي تبدأ بتنازلات، تنتهي باستسلام.

 

بعد هذا الحوار بمدة كنت في القطار إلى لندن مع أحد الإخوة ودار بيننا نقاش حول تشخيص أعراض ظاهرة الترهل والانتكاسات التي طالت مواقف بعض الحركات الإسلامية في الوطن العربي، رغم مد الصحوة الإسلامية المتنامي. كانت الخلاصة التي وصلنا إليها بعد النقاش الذي أشار إليه صاحبي الذي تحاورت معه من قبل. لقد كانت هناك مهادنة وأنصاف حلول من أجل الوصول إلى الموقع الأعلى، وكان الحرص على الوصول إلى الموقع يقتضي بالضرورة تقديم تنازلات، والقبول بأشخاص داخل مظلة الحركة وهم بنصف مؤهلات، أو بنصف الشروط المطلوبة في شخص حتى ينال شرف الانتماء إلى حركة إسلامية، فضلاً عن أن يكون أحد قادتها. كان قبول هذا الشخص أو ذاك ينظر إليه على أن الحركة كسبت موقعاً أعلى داخل هذا النظام أو تلك الدولة. لم يكن ينظر إليه أبداً على أن الحركة ساومت على مبدأ من مبادئ العقيدة. المنهج لم يعد له أي اعتبار، الاعتبار صار لحجم الحركة وامتدادها.

 

عدت لحديث صاحبي الأول فرأيت أن المسألة في ذهنه – وربما أذهان الكثيرين – هي (يصعد الفرد – أو الحزب – ثم يسود المبدأ). ثم تذكرت موقفه - صلى الله عليه وسلم - وقريش تساومه على أنصاف الحلول، وتعرض عليه: إن أردت ملكاً ملكناك، وإن أردت مالاً أعطيناك… إن أردت.. إن أردت. فتكون إجابته - صلى الله عليه وسلم -، كما ذكر - سبحانه -: (قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون). وكان موقفه عليه أفضل الصلاة سلام ما حكاه رب العزة عنه: (ودّوا لو تدهن فيدهنون). رفض المداهنة… ورفض أنصاف الحلول.

 

بأبي أنت وأمي يا رسول الله أبيت إلا أن يسود المبدأ… يسود المبدأ أولاً… ثم يصعد الفرد

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply