عبر حقب التاريخ وفي كل مراحل التكوين البشريº كان العنصر الشاب هو الأكثر عطاءً والأجدر بفعل ما يعقل وما لا يعقل في سبيل التضحية للمبدأ في أحسن الظروف أو للغاية في ظروف كثيرة.
الأمر الذي يجعل الشباب محط نظر المنظِّرين ومبعث اهتمام المفكرين، والتفنن في جذبهم إلى دائرة الانتماء والتحزب غاية بحد ذاته!
خذ مثالاً شاهدًا:
الثورات الشيوعية وشخصيات (غيفارا وماوستيوج وتيتو) في بداية العمل الثوري الشيوعي وانتشار أحزاب الشبيبة الشيوعيةº بدءًا من الاتحاد السوفيتي آنئذ ونهاية بالعالم العربي ودول أفريقيا.
وقد كان حلم المساواة والحرية والفردوس المنشودº أكاليل شعارات الدعاية الشيوعية. وحمامات الدم والمجازرº وسائط نشر الفكرة!
والشباب وقودها وسر حياتها المتوقد!
هذا أنموذج واحد ساد العالم وصارت نظريته شغلاً شاغلاً للعالم ردحًا من الزمن ومحط نظر الكثير من الشعوب لا تزال شواهده ماثلة للعيان.
لست في مجال حصر لأمثلةِ إمكانيةِ توجيهِ الفكر الشاب وتشكيله كعجينة صلصال بيد رسامº يصورها أربابُ الفكر والنظريات حسب ما يروق وما يرونه الأمثل في سبيل الوصول إلى الغاية المنشودة!
والأنموذج يعفي عن الإطالة!
وفي خضم الصراعات الفكرية والشهوانيةº التي يغذي سعارها ويزيد أوارها عالم معاصر جعل منه الإعلام وبشتى صنوفه ووسائطه وصلة واحدة ولحمة متلاحمةº مما أحال أو كاد أن يحيل على أولي النهى وأرباب العقول ومراكز التفكير وصنع القرارº بل وعلى الآباء والبيوت التحكم في صياغة العقول الناشئةº حسب ما يمليه الدين أو التقليد والعادة في تحد واضح للفطرة وناموس القدوة في تركيبة التفكير والسلوك البشري.. في خضم ذلك بدأ كثير من المنظرين يشطون في نظريتهم عن الحقيقةº بل كادوا يغيبون الواقع عن المعاناة!
فتارة يرمون بالتهمة على الخلفية الدينية أو التركيبة الاجتماعية أو القيادة الفكرية!
وتارة يرمون بها على الواقع الاقتصادي والإحباط واليأس من مستقبل باسمº مما يدفع بالكثير من الشباب إلى استرخاص الحياة واللامبالاة في المستقبل والبحث عن الخلاص أحيانًا لكن بطرق يخيل إليهم أنها مشروعة.
وعلى كل حالº إنك لن تقدر على حل مشكلة قبل سبر غورها وحصر خيوطها وروابطها. وهذا لا يمكن أن يتم عن طريق مقالات وتنظيرات وحواراتº نهاية مطافها وقصارى جهدها البحثُ عن شماعات ومشاجب تعلق عليها القضية أو كبش فداء يُنحر!
ليبق الجمر في خلل الرماد
حري أن يكون له ضرام
إن أنفلونزا الطيور وجنون البقر وسارس.. دفعت بدوائر القرار في دول عدة إلى إنشاء مراكز الرصد، وتفريغ العشرات من ذوي القدرة والشأنº لمتابعة الموقف، وتقديم النصح دون توان أو كسل.
أو ليس الشباب وهم أصل الأمة، وقلبها النابض، وعقلها وهم أمل مستقبلها، وهاجس من يحلم بنهضتها، وينشد عزها أولى بأن تُجند لهم كل الطاقات، ويُبذل في سبيل صلاحهم الغالي والنفيس دون تكاسل أو مللº حتى لا نعطي فرصة لمن يتربص بأمتنا الدوائر.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد