همسة في أذن الآباء ( 2 )


  

بسم الله الرحمن الرحيم

ماذا نريد من الشباب؟

إنه سؤال متواضع، ولكنه كبير وجليل وخطير. إنه سؤال يحتاج إلى إجابة ليست عابرة، إجابة تدرك الواقع بحقائقه ومشخصاته، وتدرك المسؤولية بأبعادها الكبرى، وتستشرف المستقبل الواعد لهذه الأمة التي بدأت مسيرتها الحضارية بالشباب.

 

إن الأمة التي بوأها الله الشهادة على الخلق، وجعلها الرائدة للبشرية لا بد لها أن تتعامل مع رسالتها بجدية تتناسب مع عظمة تلك الرسالة.

وإن دعوة إسلامية عالمية تضع من أهدافها استئناف الحياة الإسلامية الراشدة وإعادة صياغة المجتمع وفق الصبغة الربانية والمنهج الرباني الهادي لا يسعها إلا أن تضع على رأس اهتماماتها وأولوياتها إعداد الشباب ليأخذ دور الإصلاح والإعمار والبناء.

 

ولئن كان هذا الواجب عاماً يشمل أبناء الأمة الإسلامية وشبابها، فإن أبناء النخبة والصفوة من الأمة بحاجة إلى عناية خاصة تتناسب مع أقدار الآباء الذين يحملون الراية ويتزعمون المسيرة ويضعون أنفسهم موضع الريادة والقيادة لجماهير الأمة الإسلامية.

 

وإذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الأجسام

 

أخي الحبيب:

أدعو نفسي وأدعوك إلى خلوة مع النفس، وتأملات جادة وصادقة يرى الله فيها صدق قلوبنا وعزيمتها على الإصلاح والتغيير، فإن من سننه - سبحانه وتعالى - أنه (لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءاً فلا مرد له وما لهم من دونه من وال) (الرعد:11).

 

أخي الحبيب:

إن سائر الكائنات الحية لا تنمو إلا بالرعاية والعناية والسقاية والتغذية وإبعاد الآفات الضارة، ومعالجة الأمراض الطارئة، والسهر والدأب المستمر حتى تنبت البذرة، وتقوى الساق، ويورق الغصن، ويظهر الثمر|، ويحين القطاف. أفيعقل أن يكون الإنسان نشازاً بين تلك الكائنات؟

تلك هي سنة الحياة والأحياء، فكيف إذا كان التعامل مع قمة الأحياء وسيد الكون وأستاذه، ذلك الإنسان الذي يزعم أنه جرم صغير وفيه انطوى العالم الأكبر؟!!

 

أخي الحبيب:

آن لنا أن نفيق، وآن لنا أن ننفض النوم عن عيوننا، والغفلة عن قلوبنا، وأن نهب لتونا فنتدارك ما فات قبل أن يتجاوزنا القطار فنكون من المخلفين، آن لنا أن نتقدم لئلا نكتب في عداد المتأخرين.

 

تأخرت أستبقي الحياة فلم أجد لنفسي حياة مثل أن أتقدما

 

تعالوا أحبتي لنحيي في جيلنا الأمل بالعمل، تعالوا لنحدث النقلة من الفكرة إلى الخطوة، تعالوا إلى كلمة سواء، إلى تحقيق ما لا خلاف عليه، وإلى أن نتعاون على ما نتفق عليه، ويعذر بعضنا بعضاً فيما نختلف فيه.

 

إنه مما لا يختلف عليه اثنان ضرورة رعاية الأبناء وتربيتهم وتوجيههم وإعدادهم لحمل الرسالة الإسلامية العالمية، وهل يشك في أولوية ذلك أحد؟؟

 

أخي الحبيب:

إن الجيل الجديد الذي هو أمانة في أعناقنا يعيش عصراً يختلف عن عصرنا، وأمامه تحديات أخطر مما واجهنا يوماً ما، وأمامه فرص للنجاح لم تكن مهيأة لنا من قبل، ولئن حملنا آباؤنا وأساتذتنا وشيوخنا الأفاضل الراية والمسؤولية، فلا بد أن نحملها لأبنائنا من بعدنا، حتى تتواصل المسيرة ويستمر الركب يحدوه الشباب.

 

إنه لا بد أن نعشي عصرنا، ولا بد أن نسابق الزمن، ولا بد أن نقدم أبناءنا للتحدي الكبير: العولمة، والإنترنت، والفضائيات والثورة المعلوماتية والإعلامية والتقنية.. و.. و...

 

ولا بد قبل ذلك أن نسعى مستعينين بالله - تعالى - وحده ضارعين إليه، وداعين أن يحفظ هؤلاء الأبناء، وأن يسلمهم، وأن يسدد خطاهم حتى يكونوا ربانيين بحق سيرة وسلوكاً، لا زعماً وادعاءً.

 

ولن يحصل شيء من ذلك دون ثمن وتضحيات وصبر ومصابرة. وكل جهد يبذل في هذا الميدان هو أقل مما ينبغي أن يكون، فأين نحن يا أخي الحبيب؟ وكم قطعنا من الطريق؟ وكم تبقى من المشوار؟ أم أننا نفكر في اتجاه آخر وكأن هذا الحديث لا يعنينا بشيء؟؟

 

أخي الحبيب

لئن فاتنا خير كثير، لقد بقي خير كثير، وأمة الإسلام كالمطر لا يدرى أوله خير أم آخره.

 

فلنشمر عن ساعد الجد، ولنصدُق الله في الطلب. فرسولنا الكريم - صلى الله عليه و سلم - يقول: إن تصدق الله يصدقك، وفي النفس حاجات وفيك فطانة.

 

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا وقائدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply