حسن الظن بالناس من أهم صفات صانع الحضارة، ذلك الذي يصغي له الناس، ويجدون في تصرفاته مثلاً حياً لقيم ومبادئ لطالما قرؤا تمجيداً لها وسمعوا حثاً للتخلق بها. صانع الحضارة هو ذلك الإنسان الذي يتبع منهج الإسلام في العقيدة والعبادة والأخلاق والمعاملة وفي كل شؤون حياته . صانع الحضارة هو ذلك الذي تتمثل في أقواله وأعماله مقومات التميز والإبداع، وتصور معي لو أن كل إنسان يعيش على هذه الأرض حاول التمثل بهذه المبادئ كيف سيكون حال العالم؟ بل كيف سيكون طعم الحياة؟ لا شك سيكون عالماً خالياً من الحروب والقلق والظلم والفقر والقهر والجوع، وستكون حياة مليئة بمعالي الأمور، لأن قيم العدالة والتعاون والتكافل والرحمة والتواضع والأمانة وحسن المعاملة وحسن العشرة وحسن الظن وغيرها من منظومة طويلة من هذه الأخلاقيات سوف تكون أنهار عطاء يجد فيها المجتمع سبباً لحياته ومدداً لسعادته.
أعود لحسن الظن بالناس كواحد من هذه القيم الذي أود أن تسود بيننا، فنعيش وقلوبنا نقية تجاه من نجاورهم ونصاحبهم أو من تربطنا بيننا وبينهم روابط القربى. أسمع أحياناً كلمات باعثها حب الخير ولكنها متسرعة في تقديم الشك على اليقين، ومتخذة منهجاً دائماً في اتهام الناس أحياناً بلا بينة واضحة. ليس المقصود هو أن نعيش كالدراويش أو أن ننخدع بحلو الكلام أو أن نبرئ من ثبت انحرافه ولكن الهدف هو أن نقدم حسن الظن بالناس ونعاملهم على ظاهرهم إلا من ظهر فسقه أو أعلن فجوره فهنا نتعبد الله بالبراءة من تصرفه وأيضاً وفق منهج وسط لا إفراط فيه ولا تفريط كما هو منهج العلماء الربانيين، فلا نساوي بين من ظاهره العادلة ومن هو غير ذلك. قد أختلف معك في مسألة معينة ولكن هذا الاختلاف يجب أن يكون في إطاره ولا ينتهي إلى أن تخالفني في كل شئ كما هو الحال عند البعض. ومهما اختلفت معك في مسألة اجتهادية فإن حسن الظن يجب أن يكون حاضراً دائماً سلامةً للقلب وحمايةً للسان من الشطط.
وفي مجتمع النساء تبرز الحاجة ماسة إلى حسن الظن، فالزوجة ينبغي أن تحسن الظن بزوجها باعثة أجواء الثقة في بيتها والرجل كذلك، كما تحسن المرأة الظن بجارتها وزميلتها في العمل والدراسة، بل إن حسن الظن بين المصلحات في المجتمع لهو أشد حاجة لما في ذلك من جمع كلمتهن وقوة صفهن. ولا بد من وقوع الأخطاء بين الزميلات من تصرف متسرع أو كلمات غير مقصودة أو غير ذلك ولكن شيوع الثقة بين أفراد المجتمع من أهم أسباب تماسكه وقلة المنكرات والأخطاء فيه.
أظن أننا بحاجة ماسة إلى تعلم فقه الظن والتأمل في أحكامه ومعرفة متى نحسن الظن ومتى يكون سوء الظن هو المتعين، ومتى يكون حسن الظن واجباً، وأعتقد أننا بحاجة إلى فهم أن سوء الظن أحياناً يوقع في الإثم فلينتبه من همه صلاح قلبه .
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد