لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله


بسم الله الرحمن الرحيم

 

\"من فاته الليل أن يكابده، وبخل بماله أن ينفقه، وجبن عن عدوه إن يقاتله فليكثر من سبحان الله وبحمده\"

هذه الوصية الغالية، والنصيحة الخالدة، قالها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لرجل قال له: إن شرائع الإسلام قد كثُرت عليَّ، فأخبرني بشيء اتشبث به، قال له: \"لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله\"، وكذلك قال - صلى الله عليه وسلم - ناصحًا لأمته عامة، ودالاً لهم على الخير: \"ألا أُنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والوَرِق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ \"، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: \" ذكر الله - عز وجل -\".

لقد ورد في فضل الذكر عن الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - الشيء الكثير، من ذلك:

\"وَلَذِكرُ اللهِ أَكبَرُ\"، \"فَاذكُرُونِي أَذكُركُم وَاشكُرُوا لِي وَلاَ تَكفُرُونِ\".

وعنه - صلى الله عليه وسلم -: \"كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن، سبحان الله بحمده سبحان الله العظيم\".

وعنه كذلك: \"لأن أقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلاّ الله، والله أكبر، أحب إليَّ مما طلعت عليه الشمس\".

قال ابن رجب الحنبلي: (ويروى مرفوعاً وموقوفاً من غير وجه: \"من فاته الليل أن يكابده، وبخل بماله أن ينفقه، وجبن عن عدوه إن يقاتله، فليكثر من سبحان الله وبحمده، فإنها أحب إلى الله من جبل ذهب أو فضة ينفقه في سبيل الله - عز وجل -\").

والذكر منه ما هو مقيد كالباقيات الصالحات، وأذكار النوم واليقظة، والأكل والشرب، ودخول المسجد، وآداب الخلاء، ونحو ذلك، ومنه ما هو مطلق كالتسبيح، والتهليل، والاستغفار، والصلاة على الرسول - صلى الله عليه وسلم -º والذكر عبادة بل من أجل العبادات، والعبادات توقيفية، فلا يحل لأحد أن يذكر الله بأذكار من وضع البشر، وإنما عليه أن يلتزم بما صح عنه، ولا يتشاغل بالضعيف والموضوع، ففي الصحيح غنى وكفاية، ومن أجاز العمل بالضعيف في فضائل الأعمال عَنى بذلك الحسن.

كذلك لا يفهم من فضل الذكر الانقطاع له، وترك الواجبات العينية والكفائية، كالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وجهاد الكفار، والمنافقين، والدعوة إلى الله، فإن لكل مقام مقال، ولكل حال شأن، ففي بعض الأحيان يكون الاشتغال بالجهاد، والرباط، والرد على أهل البدع والأهواء، والذود عن دين الله أفضل وأجل الأعمال.

هذا مع تجنب البدع الشرعية، نحو ضرب الطبول، والرقص والتواجد، والسماع الصوفي، وإحياء الموالد والحولياتº ومن البدع الإضافية الذكر بالاسم المفرد، أو الذكر الجمَاعي، فكل هذا من المحذور الممنوع، وهو يباعد بين العبد وربهº والحذر من أن تظن من أن هناك بدعاً حسنة وأخرى سيئة، بل كلها سيئة بحكم رسولك: \"كل بدعة ضلالة\"، \"ومن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد\"، أي مردود عليه، لا يُقبل منه صرف ولا عدل.

اللهم حبب إلينا الاتباع، وكره إلينا الابتداع فإنه من المهلكات، وصلى الله وسلم على خاتم الرسل محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply