بسم الله الرحمن الرحيم
وفيما يلي بعضا من الهموم التي تشغل المسلم:
أولا: الهم الذي يعتري الداعية أثناء دعوته لقومه، وقد نال منه الأنبياء النصيب الأوفى، فهذه عائشة - رضي الله عنها - تحدث ابن أختها عروة أَنَّهَا قَالَت لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - هَل أَتَى عَلَيكَ يَومٌ كَانَ أَشَدَّ مِن يَومِ أُحُدٍ, قَالَ لَقَد لَقِيتُ مِن قَومِكِ مَا لَقِيتُ وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنهُم يَومَ العَقَبَةِ إِذ عَرَضتُ نَفسِي عَلَى ابنِ عَبدِ يَالِيلَ بنِ عَبدِ كُلالٍ, فَلَم يُجِبنِي إِلَى مَا أَرَدتُ فَانطَلَقتُ وَأَنَا مَهمُومٌ عَلَى وَجهِي فَلَم أَستَفِق إِلا وَأَنَا بِقَرنِ الثَّعَالِبِ فَرَفَعتُ رَأسِي فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ, قَد أَظَلَّتنِي فَنَظَرتُ فَإِذَا فِيهَا جِبرِيلُ فَنَادَانِي فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ قَد سَمِعَ قَولَ قَومِكَ لَكَ وَمَا رَدٌّوا عَلَيكَ وَقَد بَعَثَ إِلَيكَ مَلَكَ الجِبَالِ لِتَأمُرَهُ بِمَا شِئتَ فِيهِم فَنَادَانِي مَلَكُ الجِبَالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ فَقَالَ ذَلِكَ فِيمَا شِئتَ إِن شِئتَ أَن أُطبِقَ عَلَيهِمُ الأَخشَبَينِ فَقَالَ النَّبِيٌّ - صلى الله عليه وسلم - بَل أَرجُو أَن يُخرِجَ اللَّهُ مِن أَصلابِهِم مَن يَعبُدُ اللَّهَ وَحدَهُ لا يُشرِكُ بِهِ شَيئًا [رواه البخاري الفتح 3231] وفي سيرة ابن هشام أنه - صلى الله عليه وسلم - دعا فكان مما قال \" إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك، أو يحل علي سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بالله \" [سيرة ابن هشام2/420] وكذلك أصابه الكرب - صلى الله عليه وسلم - لما كذبه قومه في مسراه فروى مسلم - رحمه الله تعالى -عَن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَقَد رَأَيتُنِي فِي الحِجرِ وَقُرَيشٌ تَسأَلُنِي عَن مَسرَايَ فَسَأَلَتنِي عَن أَشيَاءَ مِن بَيتِ المَقدِسِ لَم أُثبِتهَا فَكُرِبتُ كُربَةً مَا كُرِبتُ مِثلَهُ قَطٌّ قَالَ فَرَفَعَهُ اللَّهُ لِي أَنظُرُ إِلَيهِ مَا يَسأَلُونِي عَن شَيءٍ, إِلا أَنبَأتُهُم بِهِ..[صحيح مسلم ط. عبد الباقي، رقم 172] بل بقي هم الدين - صلى الله عليه وسلم - حتى آخر حياته، فعن علي - رضي الله عنه - قال: كان آخر كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - \" الصلاة الصلاة اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم \"[أبو داود ح5156، ابن ماجه ح2698] بل كان طوال حياته - صلى الله عليه وسلم - كان فرحه للآخرة وحزنه وغضبه وعيشه كذلك: فعن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت \" ما انتقم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله بها\" [البخاري ح3560، مسلم ح2327] وكذلك كان غضبه - صلى الله عليه وسلم - للدين فعن أبي مسعود قال: قال رجل: يا رسول الله إني لأتأخر عن الصلاة في الفجر مما يطيل بنا فلان فيها. فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما رأيته غضب في موضع كان أشد غضباً منه يومئذ ثم قال \" يا أيها الناس إن منكم منفرين فمن أم الناس فليتجوز فإن خلفه الضعيف والكبير وذا الحاجة \"[البخاري ح704، مسلم ح466] فأشد ما يغضبه - صلى الله عليه وسلم - هو الدين. وعن عائشة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضاحكا حتى أرى منه لهواته إنما كان يتبسم قالت: وكان إذا رأى غيما أو ريحا عرف في وجهه قالت: يا رسول الله إن الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر، وأراك إذا رأيته عرف في وجهك الكراهية فقال \" يا عائشة ما يؤمني أن يكون فيه عذاب عذب قوم بالريح وقد رأى قوم العذاب فقالوا \" هذا عارض ممطرنا\" [البخاري ح4829، مسلم ح899] وقال له أبو بكر - رضي الله عنه - يا رسول الله قد شبت! قال: \" شيبتني هود والواقعة والمرسلات، وعم يتساءلون، وإذا الشمس كورت\"[الترمذي ح3297] قال أبو الطيب: وذلك لما في هذه السور من أهوال يوم القيامة والمثُلات والنوازل بالأمم الماضية [تحفة الأحوذي 9/131]
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد