رب طاعة أورثت عزا و استكبارا


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

أخواتي في الله

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

ربّ طاعة أورثت عزاً و استكباراً

و ربّ معصية أورثت ذلاً و استغفاراً

سبحان الله..أنها أعمال القلوب و بها يتفاضل الخلق فكم من عباد لله - عز وجل - يؤدون نفس الطاعات و لكن بينهم كما بين السماء و الأرض

قال بعض العلماء: آفة العبد رضاه عن نفسه، ومن نظر إلى نفسه باستحسان شيء منها فقد أهلكها، ومن لم يتهم نفسه على دوام الأوقات فهو مغرور.

فاحذري أخيتي فقد تكون طاعة قمتي بها و فيها شقائك.... إذا أُعجبتِ بنفسك بعد الطاعة فاحذري فالعجب فضلاً على أنه يحبط العمل فإنه يولد في النفس العديد من أمراض القلوب كالغرور و الرياء و حب المدح

لذا قال مورق العجلي: خير من العجب بالطاعة ألا تأتي بطاعة

راجعي نفسك بعد كل طاعة تقومي بها و قولي لنفسك هل أديت بها حق الله - عز وجل - عليّ هل أديت بها شكر الله - عز وجل - على نعمه التي لا تعد و لا تحصى... حينئذ تحتقري عملك و تتخلصي مما قد يشوبه من العجب

قال الشافعي: إذا خفت على عملك العُجب فاذكر رضا من تطلب و في أي نعيم ترغب و من أي عقاب ترهب فمن فكر في ذلك صغر عنده عمله

و قال إسحاق بن خالد: ليس شيء أقطع لظهر إبليس من قول ابن آدم: ليت شعري بماذا يختم لي ؟ عندها ييأس إبليس و يقول: متى يُعجب هذا بعمله

وليس أمر النجاة معلقاً بكثرة الطاعات، فإن أكبر طاعة إذا أصابتها آفة العجب والرياء صارت لا قيمة لها مصداق قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: \" رب قائم حظه من قيامه السهر، ورب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش \"

وإن أقل طاعة إذا سلمت من هذه الآفات أعطى الله صاحبها من الأجر والثواب ما لا حد له. سئل النخعي عن عمل كذا وكذا ما ثوابه؟ فقال: \" إذا قبل لا يحصى ثوابه \"

فاحذري حبيبتي من هذه الآفة المهلكة.... آفة العُجب بالطاعة بعد الانتهاء منها فقد تحبط عملك و لكن المؤمن يسارع في الطاعات ثم يخاف ألا يتقبلها الله - عز وجل - منه

فعن عائشة أم المؤمنين أنها قالت \" سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن هذه الآية: \" الذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون \" (المؤمنون: 60)، قالت عائشة: الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ قال: لا يا ابنة الصديق ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون أن لا يتقبل منهم، أولئك الذين يسارعون في الخيرات \"

وعن الحسن قال: {وَالَّذِينَ يُؤتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُم وَجِلَةٌ} قال: يعملون ما عملوا من أعمال البر، وهم يخافون ألا ينجيهم ذلك من عذاب ربهم.

قال الحسن البصري وهو يصف حال المؤمنين فقال: \" عملوا و الله بالطاعات، واجتهدوا فيها، و خافوا أن ترد عليهم، إن المؤمن جمع إحسانا وخشية، والمنافق جمع إساءة وأمنا \"

فإذا عملتي عملاً صالحاً فلا تمني به على الله - عز وجل - و لا على عباد الله و لا تعجبي بعملك و لا يصيبك الكبر بسببه فإن الله - عز وجل - هو المتفضل عليكِ و هو الذي وفقكِ لهذا العمل الصالح فاشكري الله على هذا التوفيق و اطلبي منه القبول

قال مطرف - رحمه الله -: لأن أبيت نائماً و أصبح نادماً أحب إليّ من أن أبيت قائماً و أصبح معجباً

فاعلمي أن علامة قبول الطاعة أن يوفقك الله إلى طاعة أخرى بعدها و علامة ردها أن يعقبها بمعصية فإن وجدتي إيمانك في زيادة و طاعاتك في نماء فأبشري فإنكِ على الطريق الصحيح

و إن وجدتي غير ذلك و أصابتكِ الحيرة.. و حدثتي نفسك.. \". أقوم بالطاعات و لا أشعر بلذتها و لا أشعر بزيادة في إيماني و لا قربي إلى الله \" فراجعي نفسك أختي الحبيبة فمن أهم الآفات التي تحبط الأعمال إعجاب المرء بنفسه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - \" ثلاث مهلكات: شح مطاع، و هوى متبع، و إعجاب المرء بنفسه \"

قال أحد الصالحين: إن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها يقول - تعالى- ((ويزيد الله الذين اهتدوا هدى)) وإن من عقوبة السيئة السيئة بعدها قال تعالى((قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا))

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply