حلاوة وطعم لا ينالها إلا المتقين معرفة الله


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطان....

اللهم لك الحمد بالإيمان ولك الحمد بالإسلام ولك الحمد بالمال والأهل والمعافاة...

كبت عدونا وبسطت رزقنا ومن كل ما سألناك ربنا أعطيتنا فلك الحمد كله ولك الشكر كله واليك يرجع الأمر كله علانيته وسره.....

والصلاة والسلام على من بفضله بعد الله أنعمنا بالإسلام وبطاعة الرحمن وتذوقنا حلاوة الإيمان فصلي اللهم عليه وعلى آله وصحبه والتابعين له بإحسان إلى يوم الدين....... أما بعد....

نحمد الله أن من علينا وخصنا من عباده فأخرجنا من الظلمات إلى النور وبعث بقلوبنا النور والسرور ورزقنا بانشراح الصدور.........

قال - تعالى - ((أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذالك زين للكافرين ما كانوا يعملون)).....

أيها الإخوة الكرام: مما يغمر قلب المؤمن شعور بحلاوة الإيمان وهذا الشعور من لوازم الإيمان، وقد ورد في الحديث الصحيح في مواضع عدة من أبرزها:

عَن العَبَّاسِ بنِ عَبدِ المُطَّلِبِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: ((ذَاقَ طَعمَ الإِيمَانِ مَن رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ, رَسُولًا)). مسلم، أحمد، الترمذي.

فالإيمان طعم، والقلب يذوقه كما يذوق الفم طعم الطعام والشراب.......

عَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, - رضي الله عنه - عَن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((ثَلَاثٌ مَن كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الإِيمَانِ، أَن يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَن يُحِبَّ المَرءَ لَا يُحِبٌّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَن يَكرَهَ أَن يَعُودَ فِي الكُفرِ كَمَا يَكرَهُ أَن يُقذَفَ فِي النَّارِ)). متفق عليه

الآن أذكر ثمن حلاوة الإيمان: ((أَن يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيهِ مِمَّا سِوَاهُمَا)).

طبعاً لو سألت مليار مسلم: ألا تحب الله ورسوله أكثر من أي شيء آخر؟ لا يتردد واحد من مليار أن يقول: طبعاً أنا أحب الله ورسوله أكثر من أي شيء آخر، لكن هذا كلام، قال شراح الحديث: أن يكون الله في قرآنه والرسول في سنته أحب إلى المؤمن مما سواهما عند التعارض، فحينما تتعارض مصلحتك التي تتوهمها قريبة مع النص الشرعي ومع سنة رسول الله تضع مصلحتك تحت قدمك، وتتبع نهج رسول الله، هذا أول ثمن من حلاوة الإيمان، فكما أن الله - سبحانه وتعالى - يذيقنا طعم الطعام والشراب، أنت حينما تأكل تشعر بطعم، والطعام أنواعه متفاوتة، هناك طعام نفيس جداً، فكما أنك تذوق طعم الطعام والشراب فكذلك حلاوة الإيمان يذوقها قلبك تماماً، فإذا غمر شيء القلب حصلت دهشة، وتفوق، فأول ثمن حينما تؤثر طاعة الله على ما تتوهم من مصالح معجلة الآن دفعت بند من بنود حلاوة الإيمان، ((أَن يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيهِ مِمَّا سِوَاهُمَا))...

 

البند الثاني:

أن تبني علاقاتك على الولاء والبراء، توالي مؤمناً ضعيفاً فقيراً، تحبه، وتزوره، وترحب به، وقد تمتنع عن إقامة علاقة حميمة مع إنسان متفلت بنيتَ علاقاتك على الولاء والبراء، تحب المؤمنين، وقد يكون لهم أخطاء كثيرة، وقد ينالك منهم بعض الأذى، وتبقى على الولاء لهم، المؤمن الصادق يوالي المؤمنين، ولو جاءه منهم متاعب، ويتبرأ من الكفار والمشركين، ولو أغدقوا عليه كل المراتب، البند الثاني هكذا، ((وأن يحب المَرءَ لَا يُحِبٌّهُ إِلَّا لِلَّه))، لذلك أقول: تلبية دعوة الأغنياء من الدنيا، لكن تلبية دعوة الفقراء من أعمال الآخرة.......

 

البند الثالث:

((وَأَن يَكرَهَ أَن يَعُودَ فِي الكُفرِ كَمَا يَكرَهُ أَن يُقذَفَ فِي النَّارِ)) من علامات ضعف الإيمان أيها الإخوة أن الإنسان يعبد الله على حرف، إن أصابه خير اطمأن به، وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة، مادامت الأمور تأتي كما يريد فهو مؤمن، أما حينما تنشأ متاعب من الإيمان يتبرأ من الإيمان، ويعود إلى ما كان عليه، فأنت حينما تحب الله ورسوله، بمعنى أنك تتبع الحكم الشرعي في القرآن والسنة، حينما يتعارض مع مصلحتك، وحينما توالي المؤمنين، وتتبرأ من الكفار والمشركين، وحينما تكون في الأعماق، قال - تعالى -: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين) سورة الأنعام: الآية 162

لا يخفى على كل مؤمن خاف الله واتقاه في كل خطواته وخشيه وراقبه وصبر على هذه الدنيا الفانية.... اللذة وحلاوة الإيمان التي جازاها الله بها والسعادة القلبية والرضا بما قسمه الله.......

لذة في الطاعة واشتياق إلى مناجاة الخالق وانشراح في الصدر وفرج في الهم والكرب واستجابة للدعوات وقوة في التحمل وشدة الصبر ورزق وفير وحصاد من الحسنات والأجر الكثير وفوق هذا كله سعادة تراها على وجهه لا تراها على وجه العاصي.........

قال الله - تعالى -((ومن يتقي الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب))

ومن أعظم الذكر وأول سبيل وأيسر طريق لرضا الخالق ولنيل السعادة التي حرمت منها بفعل يمينك ووسوسة إبليس هي قراءة القرآن......

انظر عبد الله إلى حال من يعرض عن ذكر الله وتصده الشهوات عنه وتسوفه لوقت آخر لا يعلمه هو قال الله - تعالى -((ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال ربي لما حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى))....

انظر إلى حال الغافل يوم القيامة أعمى وقد أبصر النور في الدنيا ولكن لم يكن كنور المؤمن بل هي غمامه ظللت عيناه عن الحق وأعمت بصيرته عن ذكر الله وأضاءت له فقط للمحرمات ومناجاة الشهوات وهي ما جعلته يفقد البصر يوم القيامة إضافة إلى ذلك والعياذ بالله ضنك في الدنيا وعيشة مؤلمه وعبوس دائم وضيق في الصدر وحرمان من الخير وسوء منقلب...........

قال الله - تعالى -: {أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين. الله نزل أحسن الحديث كتابا مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله. ذلك هدى الله يهدي به من يشاء.. } الزمر 22-23

الغاية من قراءة القرآن هي الهداية أعظم نعمة يهبها الله لعباده والهداية نور من الله تنور قلبك وتسعد نفسك وتشرح صدرك وتوسع رزقك........

عبد الله كلمة أخيرة أوججها إلى قلبك قبل عقلك لا تنظر إلى سفهاء القوم ولا من ترى الخير بين أيديهم يتنعمون بالدنيا بما فيها حلال أو حرام تضن أن بقلوبهم سعادة وراحة أبديه لا وربي بل فتش عنهم في خلوتهم ستجد العبوس والضنك والضيق بل أغلبهم ضعفاء نفوس إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت لجؤوا إلى زهق الأرواح يزهقون أرواحهم ضنا منهم أنهم سيجدون الراحة بعد الموت وهم لا يعلمون أنهم يزيدون همومهم هم فوق هم انظر إلى قول الله عنهم في كتابه الكريم ((لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ومأواهم جهنم وبئس المهاد)) يتمتعون بالدنيا لكن والله لجحدهم هذه النعم سيحرقون بها في نار جهنم والعياذ بالله.........

يا من بديناه انشغل *** وغره طول الأمل

وقد مضى في غفلةٍ, *** حتى دنا منه الأجل

الموت يأتي بغتةً *** والقبر صندوق العمل

وانظر إلى وعد الله للمتقين من ترفع عن الحرام وتقلد بسلاح التقوى في الدنيا من أطاع الله وخشي في السر والعلن قال الله - تعالى -((لكن الذين اتقوا ربهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نزلا من عند الله وما عند الله خير للأبرار)) فهل يكفيك عبد الله هذه البشارة جنات عدن تنتظرك وعد الله والله لا يخلف الميعاد.........

إن الله - سبحانه وتعالى - خلق الخلق لعبادته الجامعة لمعرفته والإنابة إليه ومحبته والإخلاص له، فبذكره تطمئن قلوبهم وتسكن نفوسهم، وبرؤيته في الآخرة تقر عيونهم ويتم نعيمهم فلا يعطيهم في الآخرة شيئا هو أحب إليهم، ولا أقر لعيونهم، ولا أنعم لقلوبهم من النظر إليه وسماع كلامه منه بلا واسطة، ولم يعطهم في الدنيا شيئا، ولا أحب إليهم ولا اقر لعيونهم من الإيمان به ومحبته والشوق إلى لقائه والأنس بقربه والتنعم بذكره.

سميع إذا نادي مجيب أذا سئل فاضرع واخشع واخضع وردد أسمه المبارك على لسانك ثناء ً ومدحاً ودعاءً واستغفاراً وسوف تجد السعادة والأمن والسرور والنور

اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحينا ما علمت الحياة خيرا لنا وتوفنا إذا كانت الوفاة خيرا لنا ونسألك خشيتك في الغيب والشهادة ونسألك كلمة الحق في الغضب والرضي ونسألك القصد في الفقر والغني ونسألك نعيما لا ينفد ونسألك قرة أعين لا تنقطع ونسألك الرضى بعد القضاء ونسألك برد العيش بعد الموت ونسألك لذة النظر إلي وجهك ونسألك الشوق إلي لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنه مضله اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداه مهتدين...آمين آمين آمين يا رب العالمين.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply