بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وبعدº
ذكر الله لنا في كتابه العزيز في مواضع عن الخسف.
فما معنى الخسف؟
وهل ظهر في الأمم السابقة؟
وهل يظهر في هذه الأمة؟
تعال معي أخي صاحب القلب الحي لنتدبر الآيات، ونجيب على الأسئلة الماضية، نسأل الله أن يرقق قلوبنا التي قست، فأصبحت الآيات تمر علينا مر السحاب، فلا تدبر، ولا اتعاظ، ولا خشوع، اللهم ارحمنا برحمتك.
وهذه بعض الآيات.
1 - قال تعالى: \" أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَن يَخسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الأَرضَ أَو يَأتِيَهُمُ العَذَابُ مِن حَيثُ لَا يَشعُرُونَ \" [النحل: 45]
قال ابن كثير: يُخبِر تَعَالَى عَن حِلمه وَإِنظَاره العُصَاة الَّذِينَ يَعمَلُونَ السَّيِّئَات وَيَدعُونَ إِلَيهَا وَيَمكُرُونَ بِالنَّاسِ فِي دُعَائِهِم إِيَّاهُم وَحَملهم عَلَيهَا مَعَ قُدرَته عَلَى أَن يَخسِف بِهِم الأَرض أَو يَأتِيهِم العَذَاب \"مِن حَيثُ لَا يَشعُرُونَ\" أَي مِن حَيثُ لَا يَعلَمُونَ مَجِيئَهُ.ا.هـ.
2 - وقال تعالى: \" أَفَأَمِنتُم أَن يَخسِفَ بِكُم جَانِبَ البَرِّ \" [الإسراء: 68].
3 - وهذا قارون ماذا قال الله فيه؟
اقرأ وتمعن وتدبر: \"فَخَسَفنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ, يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ\" [القصص: 81].
قال ابن كثير: لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى اِختِيَال قَارُون فِي زِينَته وَفَخره عَلَى قَومه وَبَغيه عَلَيهِم عَقَّبَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ خَسَفَ بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرض كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيح عِند البُخَارِيّ مِن حَدِيث الزٌّهرِيّ عَن سَالِم أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: \"بَينَمَا رَجُل يَجُرّ إِزَاره إِذ خُسِفَ بِهِ فَهُوَ يَتَجَلجَل فِي الأَرض إِلَى يَوم القِيَامَة\".ا.هـ.
4 - وقال تعالى في صور من العذاب ومنها الخسف: \"فَكُلًّا أَخَذنَا بِذَنبِهِ فَمِنهُم مَن أَرسَلنَا عَلَيهِ حَاصِبًا وَمِنهُم مَن أَخَذَتهُ الصَّيحَةُ وَمِنهُم مَن خَسَفنَا بِهِ الأَرضَ وَمِنهُم مَن أَغرَقنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظلِمَهُم وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُم يَظلِمُونَ\" [العنكبوت: 40].
قال ابن كثير: وَمِنهُم مَن خَسَفنَا بِهِ الأَرض \"وَهُوَ قَارُون الَّذِي طَغَى وَبَغَى وَعَتَا وَعَصَى الرَّبّ الأَعلَى وَمَشَى فِي الأَرض مَرَحًا وَفَرِحَ وَمَرِحَ وَتَاهَ بِنَفسِهِ وَاعتَقَدَ أَنَّهُ أَفضَل مِن غَيره وَاختَالَ فِي مِشيَته فَخَسَفَ اللَّه بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرض فَهُوَ يَتَجَلجَل فِيهَا إِلَى يَوم القِيَامَة\".ا.هـ.
5 - وقال تعالى مبيناً لنا حلمه بنا: \"أَفَلَم يَرَوا إِلَى مَا بَينَ أَيدِيهِم وَمَا خَلفَهُم مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرضِ إِن نَشَأ نَخسِف بِهِمُ الأَرضَ أَو نُسقِط عَلَيهِم كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبدٍ, مُنِيبٍ,\" [سبأ: 9].
6 - وقال تعالى: \"أَأَمِنتُم مَن فِي السَّمَاءِ أَن يَخسِفَ بِكُمُ الأَرضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ\" [الملك: 16].
قَالَ اِبن عَبَّاس: أَأَمِنتُم عَذَاب مَن فِي السَّمَاء إِن عَصَيتُمُوهُ.
بعد ذكر هذه الآيات التي تهز القلوب الحية نأتي على الإجابة على الأسئلة التي طرحتها:
أولا: تعريف للخسف:
عرفه القرطبي بقوله: وَالخَسف: أَن تَنهَار الأَرض بِالشَّيءِ ; يُقَال: بِئر خَسِيف إِذَا اِنهَدَمَ أَصلهَا.
وَعَين خَاسِف أَي غَارَت حَدَقَتهَا فِي الرَّأس.
وَعَين مِن المَاء خَاسِفَة أَي غَازٍ, مَاؤُهَا.
وَخَسَفَت الشَّمس أَي غَابَت عَن الأَرض. وَقَالَ أَبُو عَمرو:
وَالخَسِيف البِئر الَّتِي تَحفِر فِي الحِجَارَة فَلَا يَنقَطِع مَاؤُهَا كَثرَة.
وَالجَمع خُسُف.ا.هـ.
ثانياً: هل ظهر في الأمم السابقة؟
الآيات السابقة واضحة في ذلك.
ثالثا: هل يظهر في هذه الأمة؟
وما المانع، لقد وقع في هذا الزمن كثيرٌ من الخسوفات، ونسمع عنها في أماكن متفرقة من الأرض، وهي نذير بين يدي عذاب شديد، وتخويف من الله لعباده، وعقوبة لأهل البدع والمعاصيº كي يعتبر الناس، ويرجعوا إلى ربهم، ويعلموا أن الساعة قد أزفت وأنه لا ملجأ من الله إلا إليه.
ولا يكاد يخلو مؤلفٌ في أشراط الساعة الصغرى إلا ويذكر أن مِن أشراطها ظهور الخسف والمسخ والقذف، ولولا الإطالة لذكرتها ولكن سنفرد لها مقالا آخر.
نسأل الله أن لا يعاملنا بذنوبنا، وأن لا يؤخذنا بما فعل السفهاء منا. آمين.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد