بسم الله الرحمن الرحيم
كان هناك رجل من بلادٍ, يقال لها (الصين الشعبية) شاء له مدبر الأقدار أن يسافر من بلاده ليعمل في بلاد المسلمين، وأن يتغرب عن أهله ووطنه لكسب عيشه، وكانت الأيام تمر عليه وتشحذ نفسه بالشعور بالغربة والشوق للأصحاب، وكان صاحبنا هذا على عقيدة أهل بلده.. ! فهو ممن يشهد أنه لا إله والكون مادة!!. هذه العقيدة التي أثبتت مع مر الأزمان أنها وباختصار لا تخرج إلا من أناس صم وبكمٍ, وعميان..
و ما حصل للرجل بعد ذلك، بأن غربته عن بيئة الإلحاد والخلو بالنفس معظم الأوقات، أيقظت فيه حقيقة ذاته التي أفرغت من كل المعاني التي تخصه كإنسان، فأصبح يعيد النظر فيما فات، ويفكر في ما وراء هذه الحياة.
و في يوم من الأيام خرج إلى الشارع الذي يغلي بالحركة والناس يهيم على وجهه كالذي ينشد ضالته، وهو في الطريق أوقفه بناء ليس كغيره من الأبنية وهو من الطُرز غير المألوفة لديه فلم يسبق له أن شاهد مسجداً!!،،،
فنظر إلى بوابته فلم يجد له حراساً، والبوابة مفتوحة يدخل فيها كل من الفقير والغني، ذو الجاه وصاحب المسألة، و الصغير والكبير، يخلعون نعالهم ويبدؤون بميامنهم يتمتمون بكلام لا يفهمه صاحبنا هذا،، وذلك لاختلاف لغته عنهم فلم يكن يحسن بعد إلا التكلم بلغة بلده!!.. وعندما رأى أن داعي الدخول مفتوح شده الفضول لرؤية ما يجول داخل هذا البناء العجيب في رأيه!!
يقول الرجل: وعند دخولي المكان سمعت صوتاً مجلجلاً كالرعد\" الله أكبر... الله أكبر... \" فشعرت بهزةٍ, تهز كل كياني، فخفت، وأجهدني العرق لكن ذلك لم يدفعني للخروج بل زادني رغبةً بالمكوث به، فجلست في إحدى الزوايا أرقب ما يحدث لعلي أكتشف سر هذا المكان لأفسر ما نابني من ذلك الاضطراب.. وبعد برهةٍ, من الزمن عاد الصوت من جديد وفعل بي ما فعله بالأولى ولكن الجديد أن كل من كان في المكان بدأ يصطف باستواء يتلاصقون بالكتف معَ الكتف على وضعٍ, واحد، وكل صف يتلوه صفٌ وراءه وهكذا على ترتيب واحد،،
لا تميز بين الناس.. كلهم سواء من أولهم صفاً إلى آخرهم.. وتابعوا ذلك بحركات من رفع ونزول وهم يرددون كلمات لم أفهمها ولكني خبرت بها أنها عبارات من ذلك الصوت الذي أرعدني، فأصبحت في حيرة مما أصابني، فاختلطت عليَّ نفسي فجأة وشعرت بما لم أشعر به قط في حياتي، فقد أعجبني ما رأيت وأحببت معرفة أمر أهل هذا المكان وسرهم العجيب الذي جمعهم بهذا التوحد الجميل!.
ويكمل لنا صاحبنا قصته فيقول: فوجدني على حيرتي هذه أحدهم،، فأثارت حالي فضوله فحاول أن يستفهم عن ذلك مني!، فتبين له أني لا أتقن أي لغة سوى لغت بلدي، فأخذني إلى السفارة الصينية وحاول أن يتفاهم معي عن طريق مترجم ٍ, بيننا، فعرفت منه بعد سؤالي له أن الصوت الذي سمعت هو الأذان وشرح لي معناه وأن المكان الذي قصدت هو المسجد \"بيت الله\" الذي تعقد به صلوات خمس بمواقيت خمس في كل يوم وليلة وهي إحدى شعائر الإسلام التي يقوم بها المسلمون...، ولازلت أسأله ويجيبني حتى اكتملت عبارة \"أشهد أن لا إله\" التي كنت أعتقد بها طوال هذه السنين إلى \" أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله\"، وأصبحت مسلماً بهذه الشهادة بعد أن كنت ملحداً!.. وكأن شيء في نفسي كنت قد فقدته فوجدته فأحسست أني قد اكتملت كإنسان وتبدلت حالي كما يتبدل الليل بالنهار..
ويقول: ففرح بي صاحبي المسلم وأحب أن يصاحبني فرحبت به وتبادلنا الحديث عن طريق \"لغة الإشارة\"..
إن قصة الشاب تذكرنا بقوله - عز وجل - \" ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت، إن الذي أحياها لمحي الموتى إنه على كل شيءٍ, قدير\"..،
فروحه كانت كالأرض الميتة التي أحياها الله بسقيا\"الله أكبر\" فاخضرت وأينعت بالإيمان..
ولازالت تدوي \"الله أكبر.. \" فتحيا بها النفوس ويتجدد بها إيمان القلوب لمن ملك الحس الإنساني الذي تبلد عند البعض فأصبحت كلاماً كأي كلام لا يكون إلا من جهلهم وبعدهم عن حقيقة إيمانهم..
إن من حسن هذا الدين ومن دلائل جماله أنه حتى في كلماته دعوة لتجديد الفطرة وسمو الفكر إلى العلو الذي يتطلع إليه كل إنسان، والله أكبر كانت الوقود لسراج الروح الذي أضاء بقلب صاحبنا فضم لنوره خمسة أسلموا على يديه ولم يمر أسبوع على إسلامه..
والله أكبر هي كلمة المسلمين التي يقول الرافعي لهم فيها \" أيها المسلمون... لن يكبر عليكم شيء مادامت كلمتكم:الله أكبر.... ! \"
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد