بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله - تعالى -المتفرد بالكبرياء..المنزه عن النقائص والشركاء والصلاة والسلام على سيد الأصفياء وقدوة الأولياء وعلى آله وأصحابه سادة الأتقياء أخي الكريم..أختي الفاضلة إن الأمر خطير جد خطير.. وانتبه وأرعني سمعك وأفتح قلبك.. وتمعن وتمهل وتأنى في قراءتك لهذه الكلمات ولا تخرج من هذه الصفحة كما دخلت فيها
إنه داء عظيم أصاب الكثير من البشر... وهم في غفلة عن هذا الخطر الذي استفحل وانتشر هاهي السنين تمرّ والأعمار تنقضي! ومصائب الزمان لا تنقضي.
أحبتي.. ما من يوم يمرّ إلا وهو يحمل بين ثناياه دروساً وعبراً عظاماً.
ولكن يا تُرى إلى من يحملها؟!
ويا تُرى من يفهمها عنه؟!
أحبتي في الله.. كم هو مسكين هذا الإنسان! يفتح عينيه في كل صباح على آمال عراض وينسى أنه مهما سعى لتحصيلها فلن يدرك منها إلا ما كتب له أحلام ذهبية.. وآمال وردية.. وأخيلة شهية.. ثم لا يكون إلاّ القدر
ولا ينزل إلا قضاء ربّ البشر.
أحبتي في الله:
أتدرون ما هو الداء العضال؟ الذي حار الحكماء في دوائه! وأطال العلماء في وصفات شفائه!
أتدري ما هو هذا الداء؟!
أتدرين ما هو هذا الداء؟!
إنه داء (الغفلة و طول الأمل!! ) وهاك وصفه أخي:
قالوا: هو (الحرص على الدنيا والانكباب عليها! والحب لها، والإعراض عن الآخرة)
وقالوا: (الأمل رجاء ما تحبه النفس من طول عمر وزيادة غنى وهو قريب المعنى من التّمنّي)
أحبتي في الله:
ذاك هو طول الأمل: (داء عضال ومرض مزمن! ومتى تمكن من القلب فسد مزاجه.. واشتد علاجه.. ولم يفارقه داء ولا نجع فيه دواء.. بل أعيا الأطباء ويئس من بُرئه الحكماء والعلماء) الإمام القرطبي
أحبتي في الله.. لقد ذم الله - تعالى -أعدائه بطول الأمل! إذ أن ذلك كان سبباً في إعراضهم عن الهدى فقال - تعالى - مخاطباً نبيه - صلى الله عليه وسلم -: {ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون} سورة الحجر
وقال - تعالى -: {ولتجدنّهم أحرص الناس على حياة ومن الذين أشركوا يود أحدهم لو يُعمر ألف سنة وما هو بمُزحزحه من العذاب أن يُعمر والله بصير بما يعملون} سورة البقرة.
قال رسول - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يزال قلب الكبير شاباً! في اثنتين: في حب الدنيا! وطول الأمل)) رواه البخاري ومسلم.
أخي الكريم.. الا تعلم أن طول الأمل كان سبباً في هلاك كثير من الأمم؟
وهل تعلم أخي أن قصر الأمل والزهد في الأماني كان سبباً في صلاح ذلك الجيل الطاهر من أول هذه الأمة (- رضي الله عنهم -)
وإن شئت أخي الكريم وأختي الفاضلة أخبرتكما عن ذلك بحق وصدق لا مرية فيه.
قال - صلى الله عليه وسلم -: (صلاح أول هذه الأمة بالزّهد واليقين! ويهلك آخرها بالبخل والأمل) رواه احمد في الزهد والطبراني في الأوسط صحيح الجامع.
أخي وأختي حفظكما الله
إن طول الأمل حبالة من حبالات إبليس اللعين يقذفها في طريق ابن آدم فيأسره بها ليتحكم بعدها في أمره كما يشاء!
قال بعض الحكماء (الأمل سلطان الشيطان على قلوب الغافلين! )
أخي.. كم هم مساكين أولئك الذين يظنون أن نسج حبال ألآمال من السعادة! وهم قد تركوا السعادة حيث يكرهون!
قال الفضيل بن عياض - رحمه الله -: إن من الشقاء طول الأمل.. وقسوة القلب وجمود العين.. والبخل
أخي الفاضل أختي الكريمة
كم منّينا هذه الأنفس؟
وكم علّلناها بالآمال العراض؟
ولكن أخي هل حاسبناها؟
هل سألناها؟
ماذا تريدين من هذه الآمال؟
أتريدين بها وجه الله والدار الآخرة؟! أم تريدين بها الرُّكون إلى دار الغرور؟
بل هل سألناها: أما تدرين يا نفس أن الأجل بالمرصاد؟ فقد يأخذك قبل تحقيق آمالك وما أكثر هذا يا نفس هل غفلت؟
أخي في الله وأختي حفظك الله
قفا معي قليلاً: إن سألتك أخي: ما الذي جناه أهل الآمال الطّوال؟
هل أدركوا أمانيّهم؟
هل حصّلوا أحلامهم؟
والتي لطالما داعبت خيالهم
أخي.. وقف معي مرّة أخرى!! أرأيت أن أدرك أهل الآمال آمالهم! هل أدركوها صافية خالية من الأكدار؟
وإن كان ذلك.. هل دام ما أدركوه؟ إن دام طويلاً هل وقفت أنفسهم عنده؟ فقنعوا ولم يحدّثوا أنفسهم بآمال أخرى؟
أخي.. أخيّه
هي نفسك وأنت أعلم الناس بها سلها وظنّي بك أنها لن تصدقك! ولكنك أخي إن حاسبت نفسك عرفت أدواءها وإن عرفت الداء فإن الدّواء سهل
أخي أخيّه
ألا ترى ما في القلوب من قسوة وغفله؟ لا الوعيد يخوفها ولا الوعد يصلحها
كسولة إذا دُعيت إلى الطاعات
نشيطه خفيفة إذا دعيت إلى الشهوات
إن داء طول ألأمل رأس الأدواء.. وداعية الأهواء
فأعجب أخي ثم أعجب معي (كلّنا قد أيقن بالموت وما نرى له مستعداً وكلّنا قد أيقن بالجنة وما نرى لها عاملاً وكلّنا قد أيقن بالنار وما نرى لها خائفاً فعلام تُعرّجون؟ وما عسيتم تنتظرون؟ الموت!!؟
فهو أول وارد عليكم من الله بخير أو بشر
قال - تعالى - {يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا}
تجد والله كل نفس ما قدمت في الأيام من الطاعات والإجرام ذلك يوم المصائب ويوم النوائب ويوم العجائب
يوم هتك الأستار
يوم تُسعر فيه النار
يوم يفوز في الأبرار.. ويندم فيه الفجار وتعرف العباد على الواحد القهار
فالعجب كل العجب ممن قطع عمره في الأغفال، وضيّع أيامه في المحال
وأفنى شبابه في الضلال، ولم يعمل في كتاب ذي المجد والجلال
قال - تعالى -{يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا}
يقول الله - تعالى -يا ابن آدم تطلب موعظة ساعة وتقيم على الذنب سنة.
يا أخي ويا أخيّه
أفيقوا من هذا السبات.. ولا تكونوا من أهل الغفلات
وتذكروا أي وربي تذكروا
إذا وقفوا في أرض القيامة فيقف كل عبد وأمة
إذ نادى المنادي بإسمك يا مغرور على رؤوس ألأولين والآخرين أين فلان بن فلان
أو أين فلانة بنت فلان، هلم إلى الحساب بين يدي رب العالمين
فاستقر في سمعك يا مسكين إنك أنت المنادي من جميع الخلق
فقمت على قدميك قد تغير من الفزع لونك
وانخلع من الجزع قلبك
واضطربت من الهلع مفاصلك
وقد سمع من كان حولك حسيس قلبك بالخفقان وأوصالك قد اشتدت في الطيران
فكادت نفسك أن تزهق من خوف الرحمان
فإذا نظر الملك الموّكل بسوقك وقد تغير لونك وتحير لبك د
علم أنك أنت المنادى بإسمه فإذا كنت من أهل النفاق، والعصيان للملك الخلاّق
نظر على وجهك ظلمة الذنوب فعلم أنك عدو لعلام الغيوب
فجمع بين ناصيتك وقدميك، غضباً لغضب الله عليك
معشر المذنبين اجعلوا أعماركم ثلاثة أيام، يوم مضى ويوم أنتم فيه ويوم تنتظرونه لا تدرون بما يأتيكم من صلاح أو فساد ولعلكم لا تبلغونه
فأصلحوا اليوم الذي مضى بالندم على ما فاتكم فيه من الطاعة والإحسان وما اقترفتم فيه من الذنوب والعصيان
واليوم الذي مضى إنما تصلحونه في اليوم الذي أنتم فيه بالبكاء والندامة وذم النفس مع الملامة
حتى متى نحن والأيام نحسبها
وإنما نحن فيها بين يومين
يوم تولى ويوم أنت تأمله
لعله أجلب الأيام للحين
آنس الله روعتي وروعتكم يوم النشور وآنس وحشتي ووحشتكم في القبور
إنه على ذلك قدير وهو عليه يسير وأماتنا وإياكم على هذه الكلمة
شهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله غير مبدلين ولا مغيرين ولا مبتدعين
آمين يا رب العالمين.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد