بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله - تعالى -: (المالُ والبنونَ زينةُ الحياةِ الدّنيا..) فإذا جاء المال تباهى به الإنسان أمام خلق الله، فتناول أطايب الطّعام، وارتدى أغلى الثياب، واشترى المجوهرات، وقاد أفخم السيّارات، وسكن أرقى المنازل.مهما كان هذا المال مصدره.
ربما أتاه من مصدر رزقٍ, حرام أو ربح ورقة يانصيب فانقلب حاله من حال إلى حال. ربما نصب واحتال ولعب الثّلاث ورقات في سوق المال والتجارة. لكنّ النّاس لا يسألون من أين لك المال بل يقولون: معك قرش بتسوى قرش. فكيف يخجل من مال حرام أمام أناس لم يعودوا يفرّقوا بين حلال وحرام؟.
وإذا أتى البنون تباهى الأهل بأبنائهم أمام الأقارب والأصدقاء، انظروا ماذا يفعل، كيف يمشي ويتكلم، اسمعوا إجاباته الذكيّة، لاحظوا لفتاته اللمّاحة.
لكن ماذا يفعل الأهل إذا أنجبوا ولداً معاقاً؟ ماذا يفعلون إذا بدأ الطفل ينمو ويكبر مختلفاً عن أقرانه؟ كيف يصبح هذا الطفل زينة الحياة الدنيا لأهله؟ كيف يعيش هذا الملاك الطاهر البريء الذي لا ذنب ولا حول ولا قوّة له
وهو يرى إخوته يمارسون حياتهم ولعبهم ونشاطهم و دراستهم، أمّا هو فعاجزٌ أو مقعدٌ أو متخلفٌ أو أبكمٌ أو أصمٌ، مخبّأٌ خلف باب الغرفة مرمي كقطعة ثيابٍ, باليةٍ, تنتظر أن يُطرق الباب فتُُعطى لأوّل سائل.
لقد أصبح هؤلاء الأولاد زينةً للمآوي ودور العجزة وفضّلوا أن يتركوا بيوت أهلهم ليلقوا اهتماماً أفضل في بؤس مأواهم.
وأيّ اهتمامٍ, يحصل عليه الطّفل أفضل من اهتمام أمّه؟؟ أيّ حنانٍ, وحبٍّ, وعطفٍ, أفضل من أبيه؟؟ أيّ أصدقاء ورفاق أفضل من الأخوة وأبناء الخالات والخال والعمّات والعمّ.
ألم يرى الأهل أنّ هذا المعاق ليس إلا ملاكاً هابطاً من السّماء يزيّن البيت، وينشر أسباباً للرحمة ويمهّد لهم طريقاً للغنى والمغفرة؟ ألم تفكّر الأم أو الأب قبل وضع طفلهم العاجز المأوى بأنّ الاهتمام بهذا الطّفل والعمل على راحته وسعادته سيكون سبيلهم إلى جنّة الخلد وتكفيراً لهما عن ذنوبٍ, اقترفوها.
فما الذي سيمحو لهما ذنب إبعاده عنهم وعن إخوته. لقد أصبح يتيماً قبل موتهما.
أيلتفتوا لمتع الحياة تاركين واجبهم تجاه هذا الابن كأيّ ولدٍ, من أولادهم؟ أتزور الأمّ ابنها مرّة كل شهرٍ, كأيّة غريبةٍ, أو عابرة سبيل؟.
لا الفقر ولا العوز حجّة لمثل هؤلاء الأهل ولا التخلّف ولا الجهل عذراً، إنّما الإيمان الذي غادر قلوبهم والأنانيّة التي طغت على حياتهم.
أطفالٌ بعمر الزهور يواجهون العجز بابتسامة وشكرٍ, وحمدٍ, لله - تعالى -. يتعلّمون القراءة من بعض المتطوعين لعدم وجود مدارس لأمثالهم، يحاولون استخدام أطرافهم السليمة عوضاً عن تلك العاجزة، يتكلّمون بكلامٍ, غير مفهوم أحياناً، لكنّ الابتسامة الحزينة تقول: أنّ الحياة رغم ظلم الأهل لا تزال موجودة، فقد وجدوا في مأواهم إخواناً خيراً من إخوانهم وأهلاً خيراً من أهلهم هم أهل الخير.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد