وللحقيقة فقط .. ( 2 )


بسم الله الرحمن الرحيم

 

كلا.. إن الإنسان ليطغى:

قصة عاد من أعجب القصص التي تتكرر في بني البشر، وقليل هم الذين يعتبرون بهذه القصة، لما فيها من دلالة على أن الإنسان إذا أنعم الله - تعالى -عليه ولم يتترس بالإيمان ضد الشياطين والشهوات كان الهلاك مصيره، والخسران عاقبته مهما بلغ ماله وجاهه، ومهما كانت قوته وغلبته \" ألم تر كيف فعل ربك بعاد * إرم ذات العماد * التي لم يخلق مثلها في البلاد \" إن الإنسان المعاصر الذي ينتظم في منظمة هذه الحضارة الزاهية، وينعم بترفها قد أنعم الله - تعالى -عليه بنعم لا تحصى، ذلل الأرض حتى مهدها وعبّدها، والجبال ألانها وهدهدها، وأقام عليها بروجا عظيمة، وشيّد عمرانا كثيرا فألان الله لهذا الإنسان الحديد، فابتنى مصانع كثيرة واستخدمه في منافع عديدة حتى اتخذ المراكب التي تنقله في البر والبحر والجو، فصار في مقدوره أن يقطع الأرض من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها في ساعات محدودة معدودة، نعم.. الإنسان بنعمة الله - تعالى - عليه حفر الأرض فاستخرج كنوزها، وشغّل الحديد بطاقاتها، فدارت الآلات في المزارع والمصانع فأخذت تنتج للناس ما يأكلون وما يشربون وما يلبسون وما يتنعمون به ويترفهون، إنها حضارة عتيدة، وعمران في الأرض ضخم، وتقدم سريع، لكن هل اعتبر الإنسان بمن مضى في القرون السالفة، والحضارات البائدة؟ فسخر ما أنعم الله - تعالى -عليه فيما يرضيه \" كلا.. ؟ إن الإنسان ليطغى * أن رأه استغنى \" إن هذا الإنسان الذي يسكن هذه البسيطة طغى على ربه فجحد نعمته، وأعلن إلحاده وكفره حينما ظن أنه مركز الكون، والمتصرف فيه كيف يشاء؟ وأن عصر تدفق المعلومات سيلغي ما يسمونه بالأيديولوجيات بما فيها دين الإسلام والعياذ بالله، ولم يكتفي الإنسان أن طغى على ربه فيجحده ويكفر بنعمته فقط، بل لقد طغى الإنسان على الإنسان فحاربه وجوعه، فقُتلت أمم من بني الإنسان لا تعلم لم قُتلت، ولا فيم قُتلت وأصبحت الدول العظمى ترمي فائض الطعام في البحار في الوقت الذي يموت فيه كل لحظة بشر من الجوع، وتُشيّد في بلاد الغرب البيوت والملاجئ والمستشفيات للقط والكلاب في وقت يموت فيه بشر في العراء يلتحفون السماء ويفترشون الأرض بل تجاوز طغيان الإنسان غيره حتى طغى على نفسه فارتكب ما يوبقها وصنع ما يهلكها من آلات اللهو والفساد، وأسلحة الدمار الشامل وغير الشامل، فقول لي بربك عليك أيها المبارك كيف ستكون حضارة بني الإنسان إذا كان من يسيرها قد أعرض عن ذكر الله - تعالى -وركب هواه.. ؟ والله وبالله وتالله إن حضارته لفي دمار ماحق، وهلاك ساحق عاجل أو آجل..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

 

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply