بسم الله الرحمن الرحيم
عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -قال: \"من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة\" (رواه مسلم).
الإنسان مخلوق متميز في هذه الأرض بما زوده الله - تعالى - به من العقل وحرية الإرادة والاختيار، فأصبح بذلك أهلاً لتلقي الخطاب الرباني وحمل الأمانة الشرعية التي هي التكاليف التي أنزلها الله - تعالى - على عباده المرسلين وبلغوها للناس من أجل أن تصلح هذه الأحكام أحوالهم في هذه الدنيا، إذا هم التزموا بها وعملوا بمقتضاها، وليفوزوا بالجنة في الآخرة وينجوا من النار كما قال - تعالى -: إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا (72) ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما (73) (الأحزاب).
وليس بين أن يدخل الإنسان الجنة، إذا آمن بالله - تعالى -، وعمل بمقتضى تلك الأمانة الشرعية، ومات على ذلك إلا أن تفارق روحه بدنه، ويوضع في قبره، أو أن يدخل النار إذا كفر بالله - تعالى - وخالف مقتضى الأمانة الشرعية ومات على ذلك لقوله - صلى الله عليه وسلم -: \"القبر أول مراحل الآخرة، فإما روضة من رياض الجنة وإما حفرة من حفر النار\". ومن هنا قال - صلى الله عليه وسلم -: \"من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة\"، ومقتضى أنه يعلم أنه لا إله إلا الله، \"أي لا معبود بحق إلا الله - تعالى -، فهو المشروع وحده دون سواه، فلا يجوز أن تقدم طاعة أحد على طاعة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -: \"يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم\" (1) (الحجرات).
ومقتضى ذلك أن يعمل المرء بما يعلم من هذه الحقيقة التي هي توحيد الله - تعالى - في ألوهيته، لأن ترك العمل بالعلم يوجب غضب الله - تعالى -: يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون (2) (الصف). فلا ينبغي للإنسان أن يظن أن الجنة بعيدة عنه ولا النار، فيحمله ذلك على التساهل في العمل الصالح أو العمل السيئ، اعتماداً على أمل أن يتوب في المستقبل، فإن الموت قد يأتيه فجأة بحادث معين أو بسكتة قلبية، فيغلق كتابه ليبدأ حسابه الأولي في القبر وينال جزاءه الأولي فيه لأن القبر أول مراحل الآخر، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: \"الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله، والنار مثل ذلك، لأنه ليس بينه وبين التمتع بنعيم الجنة أو معاناة عذاب جهنم إلا أن تفارق روحه بدنه.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد