لباس الجوع والخوف


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

من العادات والمظاهر التي تخالف هدي الإسلام المبالغة والإسراف خاصة في الولائم التي تقام في المناسبات المختلفة، حيث زيَّن الشيطان للبعض رذيلة الإسراف، وقد قال - تعالى -: \"ولا تجعل يدك مغلولة إلى\" عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا (29) \"(الإسراء)، وقال - تعالى -: \"إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا 27 \"(الإسراء).

والناس يقعون في ذلك المنزلق لعدم تفقههم في الدين وإحاطتهم بتعاليم الإسلام، وغلبة شهوات الدنيا على العقول والمفاهيم، وهكذا يفرط أغلب المسلمين اليوم ولا سيما في البلدان الغنية في الحفاظ على نعم الله الكثيرة، كما أن البعض الآخر قد ينبهر بهؤلاء الناس وينسى أن الله منَّ عليه بنعم عظيمة لا يدركها.

قال رسول الله: \"من أصبح منكم آمناً في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها\".

فأي شيء في الدنيا أعظم من ذلك الرصيد الذي لا يقدر بكثرة المال والولد؟! وأي متاع في الدنيا أعظم من ذلك المتاع؟! وأي نعيم يعدل ذلك النعيم إلا نعيم الجنة؟!.

لقد سلطت الدنيا على بعض المسلمين اليوم، وفتكت بمبادئهم وأخلاقهم وسلوكهم إلا من رحم الله، قال رسول الله: \"والله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم\".

وقد وقعت ما حذر منه رسول الله من فتنة الدنيا وزينتها وزخرفها والمنافسة فيها، وأصبحت هي الجوهر والدين هو العرَض، وأصبحت محط الاهتمام والتضحية وصار الدين مهمشاً أمام طغيان الدنيا وفتنتها.

ولما جاهر بعض الناس بالسخرية من النعم وازدرائها، وقابلوا نعم الله باللهو واللعب، والجحود المعصية، كان لابد من التنبيه من الغفلة والتذكير بنعم الله - تعالى - التي لا ينفقونها في أوجه الخير، ولا توزع على الفقراء والمساكين، بل استعانوا بها على معصية الله ورسوله، وإشباع الشهوات واللذائذ المحرمة، بل كان لابد من إشهار سوط العقوبة بعد نفاد المهلة والفسحة للتوبة والندم والاستغفار، قال - تعالى -: \"وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون 112 \"(النحل).

هذه عقوبة لجاحدي النعمة المتطاولين عليها بالهدر والإسراف واستعمالها في معصية الله \"أذاقهم الله الجوع والخوف\"، الجوع ليتذكروا قيمة النعمة المهدرة، وما أنفقوه في غير وجه حق لمراءاة الناس والتنافس والتطاول على بعضهم البعض بالموائد الطويلة والعريضة.

ثم الخوف حيث كانوا يتقلبون في النعيم وهم آمنون مطمئنون بمحاربة الله بنعمه وبركاته، والجزاء من جنس العمل!.

فلا بد إذن من استعمال تلك النعم في مرضات الله وطاعته، وحسب المنهج الذي سنه رسول الله.

 

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply