بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الله - تعالى -: \"لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً، قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذاً، فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذابٌ أليم\".
كم قرأنا هذه الآية في كتاب الله وكم سمعناها؟ ولكن هل وعيناها؟ وهل تنبهنا إلى ما فيها من تحذير؟ نعم.. إنه تحذير شديد اللهجة، مصدره ليس أحد من البشر ولا حتى نبي من الأنبياء بل هو صادر عن رب العالمين تبارك وتعالى، ومن ماذا يحذرنا؟ إنه يحذرنا من مخالفة أمر نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -. فللنظر كيف تعاملنا مع هذا التحذير الإلهي العظيم! وكيف كان موقفنا منه؟ هل توقفنا عن مخالفة أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهل اتبعنا هديه في كل ما جاء به؟ فوقفنا عند حدود ما نهى عنه وامتثلنا بما أمر به؟ وقبل الجواب على هذا السؤال دعونا نجري مقارنة بسيطة: تسير بسيارتك في الطريق فإذا بلوحة مكتوب عليها تحذير: منعطف خطير! فهل تستمر أم تهدئ من سرعتك حتى لا تقع في المنحدر؟ مثال آخر: تجد لوحة مكتوب عليها تحذير: خطر تيار عال! فهل تقترب منه وتلمسه بيدك؟! كلا..
إذن ما بالنا أخي في الله نقرأ تحذير علام الغيوب الذي لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء ومع ذلك نصم آذاننا ونغمض عيوننا ونستمر في طريقنا غير آهبين بما حذرنا منه؟!! إن هذا لهو الجنون والتهور والسفه! أما من كان في رأسه ذرة من عقل فإنه بلا شك سيتوقف عند هذا التحذير بدل المرة الواحدة ألفا من المرات.
كم من المخالفات لأوامر الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حياتنا اليوم؟.. أخي الكريم اسأل نفسك هذا السؤال وحاسبها قبل أن تحاسب واعلم أن المولى - تبارك وتعالى - ما كان ليحذر من شيء إلا وفيه خطر علينا في دنيانا وأخرانا.. يقول - تعالى -: \"فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب\" أليم، أي تنزل بهم محنة عظيمة في الدنيا أو ينالهم عذاب شديد في الآخرة. ولعل هذا المخالف يفتتن عند موته ساعة الاحتضار ساعة التمحيص ساعة أن يتسلط عليه الشيطان فلا يصمد أمام هذه الفتنة فيموت على غير شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - فيختم له بشر فيخسر الخسران المبين، وقد لا يصمد إذا ما أفتتن في قبره وجاءه الملكان يسألانه من ربك؟ ما دينك؟ ومن نبيك؟ فينهار أمام هذه الفتنة فلا يجيب... أعاذنا الله وإياكم من فتنة المحيا والممات.
فلابد لكل عقل أن يتفقد نفسه وأن ينظر حوله ويتفحص نهجه وطريقه هل هو موافق لهدي المصطفى - صلى الله عليه وسلم - أم أنه في وادٍ, وهدى خير العباد في وادٍ, آخر؟ الأمر جد خطير والنتيجة لا تظهر إلا في ساعة العسر والشدة فلا يغتر عاقل باستقرار الأمور وهدوء الأحوال فالعبرة بالمآل ومتابعة الصراط المستقيم، المحجة البيضاء التي أخبرنا الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم - أنه تركنا عليها وأنها بيضاء واضحة ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.
فتش أخي في الله عن أوامر المصطفي - صلى الله عليه وسلم - في حياتك وانظر كم من المخالفات قد وقعت فيها: انظر في صلاتك! وتذكر قوله - صلى الله عليه وسلم -: صلوا كما رأيتموني أصلى، انظر في هيئتك، لباسك؟ كم فيها من المخالفات ماأسفل من الكعبين من الإزار ففي النار. تفكر في بصرك: وانظر ماذا نهيت أن تنظر إليه من الحرام. تفكر في سمعك: وانظر ماذا نهيت أن تستمع إليه من الحرام. تفكر في لسانك: الغيبة النميمة قول الزور، وهكذا سائر أعمالك وتعاملاتك من بيع وشراء وأخذ وعطاء وتعامل مع الأهل والأرحام والجيران والخدم والسائقين وفي كل أحوالك.. تفكر في هذه الأمور وحاسب نفسك في ظل هذه الآية واعمل فيها فكرك فما خلق الله لنا العقول إلا لنتفكر بها ونتهتدي بها إلى الحق والصواب. نسأل الله السلامة من كل إثم والفوز بالجنة والنجاة من النار ونسأله أن يجعل أقوالنا وأعمالنا موافقة لهدى المصطفى - عليه الصلاة والسلام - وأن يجعلنا على هديه سائرين وبسنته متمسكين وعلى أثره مقتفين إنه سميع مجيب.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد