بسم الله الرحمن الرحيم
قال - تعالى -: ( وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوا رَبَّهُم إِلَى الجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَت أَبوَابُهَا وَقَالَ لَهُم خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيكُم طِبتُم فَادخُلُوهَا خَالِدِينَ).
ومعنى طبتم أي: نُقيتم من المعاصي والذنوب...
أي أنكم إذا لم تكونوا قد طبتم فلن تدخلوا الجنة
وقال - تعالى -: (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ المَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيكُمُ ادخُلُوا الجَنَّةَ بِمَا كُنتُم تَعمَلُونَ)
أي أن شرط دخول الجنة أن نكون أنقياء من الذنوب...
ولكن كيف يكون ذلك، وكلنا ذنوب ومعاصي وأخطاء وغفلات؟؟...
هل معنى ذلك أننا لن ندخل الجنة!
بكل تأكيد لن يدخل الجنة إلا الأنقياء فقط...
ولكن الله - عز وجل - برحمته الواسعة وضع لنا كرما منه وتفضلا أحد عشرة وسيلة للتنقية ينقينا الله بها، لنقبل عليه كما يحب إذا نُقيت من الذنوب من خلال هذه المحطات... تعبر الصراط...
وإن كنت مازلت غير نقى... فلن تستطيع عبوره..
ومعنى ذلك أن تقذف في النار للتنقيك بأهوالها..!
وليس ذلك إلا للمسلم..
فالحمد لله حمدا كثيرا أن جعلنا مسلمين..
محطات التنقية في الدنيا:
1) التوبــة:
التوبة عبادة وقربة قبل أن تكون إستعتابا ورجعة...
بل هي من أعظم العبادات وأجلها وأهمها...
يحتاجها السائر إلى الله في أول الطريق وسطه ونهايته
بها ننال محبة الله - تعالى - كما قال سبحانه: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبٌّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبٌّ المُتَطَهِّرِينَ).
والتوبة تُغفر الذنوب كما قال - تعالى -: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهتَدَى).
والتوبة تُقلب السيئات إلى حسنات... كما قال - سبحانه وتعالى -: (ِإلا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِم حَسَنَاتٍ, وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً).
2) الاستغفار:
الاستغفار عن الذنوب التي نتذكرها وما لا نتذكره...
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستغفر في اليوم مائة مرة هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلم الخلق بربه واتقاهم له... وقد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر...
وهو مع ذلك أكثر الناس توبة واستغفارا...
يقول - عليه الصلاة والسلام -: \"والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة\"
وقال ابن عمر - رضي الله عنهما -:
\"إنا كنا نعد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المجلس الواحد: مائة مرة من قبل أن يقوم يقول:
\"رب أغفر لي وتب عليّ إنك أنت التواب الرحيم\"
3) الحسنات تمحو السيئات:
عن أبى ذر بن جندب بن جنادة وأبى عبد الرحمن بن معاذ بن جبل - رضي الله عنهما - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: \"اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحوها وخالق الناس بخلق حسن\".
وكما قال - تعالى -: (وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين) لذلك يجب ألا نضيع أي فرصة خلال اليوم لاكتساب مزيد من الحسنات وما أكثر أعمال البر التي بين أيدينا وتنتظر همتنا مثل نوافل الصلوات _ بعد الفرائض _ ..
وبر الوالدين... قيام الليل.. الصدقات.. الذكر الكثير.. قراءة القرآن.. مساعدة الآخرين الحجاب... إحسان العمل.. وغيرها.
4) مصائب مكفرة:
يبتلى الله عباده بالمصائب لينقيهم ويطهرهم من الذنوب وليدخلهم الجنة وكثير منا للأسف يتعامل مع المصائب بشعار: (لماذا يا رب.. اشمعنى أنا!!)..
ومثلها من كلمات لا تجوز..
هذه هي محطات التنقية في الدنيا..
فمن لم يتب من ذنوبه... ولم يستغفر...
ولا قام بعمل حسنات كثيرة ... ولم يبتليه الله بمصائب مكفره...
أي لم ينُقى في الدنيا... فإن له فرصة أخرى للتنقية في القبر...
... يا لروعة هذا الدين العظيم...
فالحمد له الذي هدانا لهذا الدين العظيم
محطات التنقية في القبر:
5) صلاة الجنازة:
العبرة في الصلاة ليست بعدد المصلين وإنما بالمؤمنين الصالحين...
وإلا فقد قيل في بعض الجنائز التي ازدحم عليها خلق كثير
مع أن الميت على غير دين الإسلام قيل:
الجنازة حافلة والميت فأر..!
فالعبرة بالصالحين لا بمجرد الكم..
فلنحاول جمع الصالحين في صلاة الجنازة...
فدعاء المؤمنين الصالحين لأخيهم المتوفى ينقيه...
6) فتنة القبر:
المقصود: سؤال الملكين...
ما ربك؟... ما دينك؟...
ماذا تقول في الرجل الذي بعث فيكم؟...
وخوفك وأنت واقف بين أيديهم... ووحدتك في القبر ... وظلمة القبر... وخوفك والقبر يقفل عليك...
كل ذلك تنقية للذنوب.
والأهم من هذا تثبيت الله لك في هذا الموقف العصيب.
7) ما يهديه إليك الأحباء من هدايا: المسلم يموت وما زال يكتسب حسنات تكفر عنه...
وينقى بفضل هذه الهدايا التي تصل إليه ...
وبإجماع علماء الأمة يصل للميت الحج والعمرة والدعاء.
و عنه أبى هريرة - رضي الله عنه -قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: \"إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث:
صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له\"..
إذا كنت تحب شخص قد مات...
قم بأداء عمرة له أو حج عنه...
أو أخرج عنه صدقة من مالك الخاص...
وكلما كانت الصدقة أنفع للمجتمع ثوابها يزيد...
وثق أنك أنت أيضا ستأخذ ثواب على هذا العمل.
محطات التنقية الأربع في يوم القيامة:
8) أهوال يوم القيامة:
وما أعظمها من أهوال يشيب لها الرضيع..
وتذهل المرضعة عما أرضعت، وتضع كل ذات حمل حملها..
وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله عظيم
9) الوقوف بين يدي الله - عز وجل -:
الوقوف بين يدي الله - عز وجل - ... والله يسأل:
عبدي ألم أنعم عليك... ألم أرزقك مالا...
ألم أكن رقيبا على عينيك وأنت تنظر بهما إلى الحرام...
ألم أكن رقيبا على قدميك وأنت تمشى بهما إلى الحرام...
ألم أكن رقيبا على لسانك وأنت تتكلم به الحرام...
عبدي إستهونت بلقائى... أكنت عليك هين...
أتجملت للناس وأتيتني بالقبيح... ما غرك بي عبدي؟.
هذه الوقفة تنقية للذنوب.
10) شفاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم -:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكل نبي دعوة مستجابة تعجل الأنبياء دعوتهم وأجلت دعوتي ليوم القيامة..
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: \"إذا سمعتم النداء فقولوا مثلما يقول ثم صلوا عليّ فإنه من صلى على صلاة صلى الله عليه بها عشرا ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة\"..
ولا ننسى أيضا أن هناك:
شفاعة العلماء لمن كانوا يجلسون في حلقات علمهم..
وشفاعة الشهداء وشفاعة الصالحين لبعضهم البعض..
11) عفو الله - عز وجل -:
وهى أعظم محطات التنقية... شفع الأنبياء والمرسلون عليهم السلام شفع المؤمنون..فيقول الله - عز وجل -: أفلا أعفو أنا.
ومع كل ذلك... هناك من سيسقط من على الصراط...
إنه يستحق الوقوع في النار...
سبحان الله.. ما الذي فعله في الدنيا ولم ينقى بعد 11 محطة تنقية...
يسقط في جهنم بسبب المعاصي والخبث الموجودين فيه...
فتتولى نار جهنم تنقيته...
وحينما يُنقى يُخرج من النار...
مقدار البقاء في النار يكون بمقدار الخبث المتبقي في الإنسان...
وبعد التنقية من كل الخبث تقول له الملائكة (طبتم فادخلوها خالدين).
ولكن من يقوى على نار شمعة ناهيك على نار جهنم الحمراء التي تذيب الجبال الرواسي..!
ومن ثم فعلينا أن نبادر بما نمتلك في أيدينا من محطات التنقية التي ذكرت وهي:
التوبة والاستغفار والحسنات التي يمحو الله بهن السيئات...
فلنكثر من التوبة ومن الاستغفار ومن عمل الحسنات...
وفي ذلك فليتنافس المتنافسون .
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد