بسم الله الرحمن الرحيم
وهو سبب شقاء كثير من الناس حين يخدع الشيطان أحدهم فيصور له أن أمامه عمراً طويلاً، وسنين متعاقبة، يبني فيها آمالاً شامخة، فيجمع همته لمواجهة هذه السنين، ولبناء هذه الآمال، وينسى الآخرة، ولا يتذكر الموت، وإذا ذكره يوماً برم منه لأنه ينغص عليه لذاته، ويكدر عليه صفو عيشه، وقد حذرنا منه الخليفة الراشد علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أشد تحذير فقال:( إن أشد ما أخاف عليكم خصلتان: اتباع الهوى، وطول الأمل، فأما اتباع الهوى فإنه يصد عن الحق، وأما طول الأمل فإنه ينسي الآخرة )، فإذا أحب الإنسان الدنيا أكثر من الآخرة آثرها عليها، واشتغل بزينتها وزخرفها وملذاتها عن بناء مسكنه في الآخرة في جوار الله في جنته، مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.
ويظهر أثر قصر الأمل في المبادرة إلى الأعمال الصالحة واغتنام أوقات العمر، فإن الأنفاس معدودة، والأيام مقدرة، وما فات لن يعود، وعلى الطريق عوائق كثيرة قال عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمنكبيَّ فقال: ( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ) وكان ابن عمر يقول: ( إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك )، وقد أرشد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المؤمنين إلى ما يبعد عنهم طول الأمل، ويبصرهم بحقيقة الدنيا، فأمر بتذكر الموت، وبزيارة القبور، وبتغسيل الموتى، وتشييع الجنائز، وعيادة المرضى، وزيارة الصالحين، فإن كل هذه الأمور توقظ القلب من غفلته، وتبصره بما سيقدم عليه فيستعد له.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد