بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وبعد: من العقائد المتأصلة عندنا كمسلمين الإيمان بالقضاء والقدر والذي هو سلوة الأحزان لأهل الإيمان. والإيمان بأن كل ما يصيبنا في هذه الحياة بقدر الله – تعالى- نطق به الكتاب، قال – تعالى-: (إنا كل شيء خلقناه بقدر) وقال – تعالى-: (وخلق كل شيء فقدره تقديرا)، والسنة أثبتت ذلك ووضحته قال - عليه الصلاة والسلام-:(كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، قال: وعرشه على الماء) رواه مسلم.
لكن هذا الإيمان لا يعفينا من تبعة ما يقع لنا في الحياة من البلايا والشرور، تلك التبعة التي أكدها القرآن العظيم في قوله – تعالى-: (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون) كما أن سلب الخيرات التي في أيدينا وحرماننا من ألوان النعيم تبعة أخرى من تبعات المعاصي والذنوب، قال – تعالى-: (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون).
فمن عمل السوء جوزي به، والجزاء يختلف كبرا وصغرا عِظما وهُونا، قربا وبعدا، قال – تعالى-: (قل عسى أن يكون ردف لكم بعض الذي تستعجلون). فقد يكون الجزاء قسوة القلب وربما حرمان الرزق وأحيانا ألوان الأمراض، ومع الأسف نفسر ذلك كله تفسيرات مادية في غفلة واضحة عن السبب الحقيقي لهذه العقوبات، قال – تعالى-: (وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون).
الذنوب كثيرة والاستغفار قليل!! ذنوب بالليل!! وذنوب بالنهار!! بعض في السر والأكثر علانية!! نقع في الكبائر قبل الصغائر، يزل اللسان وتخون العينان وتخطئ الجوارح والأركان ولا نحس بهذا كله. إن التعامل مع الذنوب على حد قول الشاعر:
إذا لم يغبر حائط في وقوعه فليس له بعد الوقوع غبار
جرأة قاتلة، وتهور مدمر وانحدار خطير. بل هذه الذنوب فواتير مؤجلة ولا بد أن تستوفى في يوم من الأيام، قال – تعالى-: (ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون)، وقال أبو الدرداء - رضي الله عنه- (واعلموا أن البر لا يبلى وأن الذنب لا ينسى). وإن رُمت الحقيقة وأردت النجاة فانظر في حال الذين قرح أجفانهم طول السهر وقرقر بطونهم طول الصيام، تجد أحدهم نسي القرآن بسبب ذنب وقع فيه، لكننا لما كثرت ذنوبنا لم ندر من أين نؤتى. آه على ذنوب مضت وانقضت ذهبت لذاتها وبقيت تبعاتها
إن أحلى عيشة قضيتها ذهبت لذاتها والإثم حل
لقد أشفق الصحابة الكرام - رضي الله عنهم- من سوء عاقبة الذنب وخافوا الانتقام من الملك الحق، لما نزل قوله – تعالى-: (من يعمل سوءا يجز به) شق ذلك عليهم، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: (سددوا وقاربوا، فإن في كل ما يصاب به المسلم كفارة حتى الشوكة يشاكها والنكبة ينكبها) رواه أحمد ومسلم وغيرهما.
ونحن لا ندري ما الجزاء على ذنوب قارفناها؟!ا ولكن نعوذ بالله من سوء العاقبة.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد