رسالة إلى أهل المعاصي والغفلة


 
 
بسم الله الرحمن الرحيم  

الأخ / الأخت.......... سلمه / سلمها الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخي لا تنزعج من رسالتي هذه فوالله إني لك لناصح و أسأل الله إن يشرح قلوبنا لقول الحق وقبوله.

بكل هدوء وسكينة قلب، ا قرأ هذه الرسالة المتواضعة وارفع صوتك قليلاً، وأعلم إنما يراد بك خيراً ً.

 

أخي تصور لو قيل لأحد من الناس نتوجك ملكاً عشرين سنة تنعم بما يحلو لك وتتمتع بما لذ وطاب

ثم بعد تمام العشرين سنة. نسلب منك هذا الملك ولا نبقي لك درهماً واحداً ونسجنك مقيداً لوحدك في غرفة مظلمة لا تستطيع فيها الجلوس ولا النوم ونقدم لك طعاماً وشراباً الجوع خير منه ونجلدك بالسوط كل يوم ألف مرة وذلك باقي عمرك حتى الممات......

هل تتصور بأن هناك عاقلاً سوف يرضى هذا المصير. فوالله من أول يوم سوف ينسى ما مر به من النعيم. فما بال بعض الناس في هذه الدنيا يعيشون حياة كدر وهم ومع ذلك يؤثرون حياة الكدر والمشقة على النعيم المقيم.

 

أخي عذراً على هذه الرسالة ولكن اجعلها نذير

خير إن شاء الله.... ولنكمل معاً ما تبقى منها....

 

هل تعلم لماذا لا تكون السعادة بمعصية الله؟

لم لا يسعد الإنسان بأغنية و مشاهدة حرام أو بأكل حرام؟

لماذا تلومه نفسه وتوبخه ويشعر بالضجر؟

 

لسبب بسيط لأن الله قال: ((وَمَن أَعرَضَ عَن ذِكرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحشُرُهُ يَومَ القِيَامَةِ أَعمَى))

وفي المقابل المؤمن الحق يعيش حياة نعيم قال - تعالى -: ((مَن عَمِلَ صَالِحاً مِن ذَكَرٍ, أَو أُنثَى وَهُوَ مُؤمِنٌ....)) ما النتيجة..((فَلَنُحيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً)) لاحظ أن الوعد من الله بالحياة الطيبة. وقال المفسرون حياة طيبة في الدنيا وفي القبر وفي الآخرة. الله أكبر ماذا يريد بعد ذلك بل ماذا بقي بعد هذا في الدنيا وفي القبر وفي الآخرة هذه فترات حياة الإنسان.

 

أخي تأمل ما قاله - صلى الله عليه وسلم -: ((يؤتى بالرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة)) لماذا؟....... لأن الوزن يومئذ بالأعمال الصالحة.

ولا نستغرب إذا علمنا بأن الدنيا كلها لا تسوى عند الله جناح بعوضه كما جاء في الحديث الصحيح.

 

لذلك انظر إلى الدنيا هي في يد من. إنها في يد الكفرة ومن لا يعرف الله حق المعرفة.... ولذلك قال - تعالى -: ((لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل....)) سبحان الله هذه الدنيا كلها متاع قليل.. ثم ماذا بعد أن تنعم الكفار بهذا المتاع ((متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد)) أعوذ بالله ومن يريد هذا المصير ولو ملك الدنيا بأسرها ما دامت هذه العاقبة.

 

وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((لموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها)) موضع السوط أي مساحته..

هذا هو المقياس الحقيقي عند المؤمن موضع السوط في الجنة للمؤمن لا يساوي الدنيا بل هو خير منها. إذن لماذا أقبل عليها لأصبر سنين معدودة وأتمتع سنين لا انقطاع لها في دار الخلـــــــود في جنة عرضها السماوات والأرض.

 

والله - سبحانه وتعالى - بين للإنسان طريقين الخير والشر ((وهديناه النجدين)) أي طريق الحق وطريق الباطل وأوجد فيك إرادة جازمة وقدرة تامة تثاب على الفعل الصالح وتعاقب على الفعل الباطل وأوجد فيك رغبة واختيار ((إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤتي من لدنه أجراً عظيماً))

فأرشدك إلى طريق الحق وحذرك من طريق الباطل، بالقرآن والأحاديث وتمت عليك الحجة وأوضح لك السبيل ((إنا هديناه السبيلَ إما شاكراً وإما كفوراً)).

 

ويأتي الإنسان ويذنب الذنب بعد الذنب ويسأل لماذا أجدني بطيء عن فعل الخيرات سريع لفعل المنكرات لماذا أشعر بكسل عن فعل العبادة لماذا أتثاقل الصلاة..... وما يدري!

 

أن هذه الذنوب التي يقترفها العبد في دنياه هي الأغطية التي تحجب نور الإيمان عن العبد. قال - تعالى -: ((كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون)) ران أي غطى على قلوبهم وحجبهم عن الطاعة وطريق الحق هذا الران (الغطاء).

طيب ما السبب في وجود تلك الأغطية الحاجبة؟

السبب ما كانوا يكسبون أي ما يقترفونه من الآثام والمعاصي وكل ما كثرت الذنوب كثرت الأغطية الحاجبة والعياذ بالله. ويمكن تصور ذلك لو وضعنا عدة أغطية حول المصباح. هل ينفذ الضوء لا ينفذ فلابد إذن من إزالتها. وكذلك القلب لا بد من إزالة المعاصي العالقة به والإقلاع عنها والتوبة إلى الله حتى يقبل بقلب نقي يحب الطاعة ويبغض المعصية.

 

والمؤمن عندما يعلم ما ينتظره في الجنة يعرف مدى حقارة الدنيا وصغارها ويصحو من هذه الغفلة المهلكة بإذن الله،وإن كان للحرام لذة فهي لذة موهومة زائفة وذنبها حاصل ولذتها ماضية.

 

كيف يشتري العاقل هذا الحطام الزائل ويبيع النعيم الدائم حيث ما لا عين رأت ولا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر في أبد لا يزول في روضات الجنة يتقلب وعلى الأسرة يجلس وعلى الفرش التي بطائنها من إستبرق يتكئ وبالحور العين يتنعم وبأنواع الثمار يتفكه ويطوف عليه من الولدان المخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين لا يصدعون عنها ولا ينزفون و فاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون جزاء بما كانوا يعلمون. ويطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون، في قصور الجنة ينظرون إلى الرحمن تبارك وتعالى ويمتعون أنظارهم. ويلتقون بصفوة البشر سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -.نعيم لا يوصف لا هم ولا كدر. لا عرق ولا أذى ولا قذر ولا حيض ولا نفاس ولا نصب ولا تعب ولا نوم لكي لا ينقطع النعيم بنوم. و لا عبادة تنشأ إلا لمن أراد أن يتلذذ بها فهي دار جزاء لا دار عمل.

 

وأما أصحاب النار فيتبرأ بعضهم من بعض ويود لو يقدم ما يملكه ليعتق نفسه من النار ((يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه، وصاحبته وأخيه، وفصيلته التي تؤويه، ومن في الأرض جميعاً ثم ينجيه، كلا إنها لظى نزاعة للشوى...))

وطعامهم فيها: (ذا غصة وعذابا أليما).

وهذا الشراب: (من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد، يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ).

يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيان حال طعام أهل النار: (لو أن قطرة من الزقوم قطرت في الدنيا لأفسدت على أهل الأرض معايشهم).

فكيف بمن تكون طعامه؟؟، فكيف بمن تكون طعامه.؟؟

يلقى على أهل النار الجوع فإذا استغاثوا أغيثوا بشجر الزقوم.

فإذا أكلوه غلى في بطونهم كغلي الحميم، فيستسقون فيُسقون بماء حميم إذا أدناه إلى وجهه شوى وجهه، فإذا شربه قطع أمعائه حتى يخرج من دبره:

(وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم).

أما سلاسلها وأغلالها فأستمع إلى وصفها:

(ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه).

(فيأخذ بالنواصي والأقدام).

أي أن ناصية رأسه تجمع إلى قدميه من وراء ظهره.

ينشأ الله لأهل النار سحابة سوداء مظلمة، فيقال لهم يا أهل النار أي شيء تطلبون؟

فيقولون الشراب، فيستسقون.

فتمطرهم تلك السحابة السوداء أغلالا تزيد في أغلالهم، وسلاسل تزيد في سلاسلهم وجمرا يتلهب عليهم.

أما عذاب أهل النار وكل ما مضى من عذابها؟

فما ظنك بعذاب دار أهون أهلها عذابا من كـان له نعلان يغلي منهما دماغه، ما يرى أن أحداً أشد منه عذابا، وإنه لأهونهم.

أما حال أهلها فشر حال وهوانهم أعظم هوان وعذابهم أشد عذاب؟

ما ظنك بقوم قاموا على أقدامهم خمسين ألف سنة، لم يأكلوا فيها أكلة، ولم يشربوا فيها شربة، حتى انقطعت أعناقهم عطشا، واحترقت أكبادهم جوعا.

ثم أنصرف بهم بعد ذلك إلى النار، فيسقون من عين آنية قد أذى حرها وأشتد نضجها.

فلو رأيتهم وقد أسكنوا دارا ضيقت الأرجاء، مظلمة المسالك، مبهمة المهالك.

قد شدت أقدامهم إلى النواصي.

قد شدت أقدامهم إلى النواصي، واسودت وجوههم من ظلمة المعاصي.

يسحبون فيها على وجوههم مغلولين.

النار من فوقهم، النار من تحتهم، النار عن أيمانهم، النار عن شمائلهم: (لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش وكذلك نجزي الظالمين).

فغطائهم من نار وطعامهم من نار، وشرابهم من نار ولباسهم من نار، ومهادهم من نار.

فهم بين مقطعات النيران وسرابيل القطران وضرب المقامع، وجر السلاسل يتجلجلون في أوديتها، ويتحطمون في دركاتها، ويضطربون بين غواشيها.

تغلي بهم كغلي القدور وهم يهتفون بالويل ويدعون بالثبور:

(يصب من فوق رؤوسهم الحميم يصهر به ما في بطونهم والجلود ولهم مقامع من حديد كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق).

يتفجر الصديد من أفواههم، وتتقطع من العطش أكبادهم، وتسيل على الخدود عيونهم وأهدابهم.

(كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب).

أمانيهم فيها الهلاك ومالهم من أسرها فكاك.

فما حال دار أماني أهلها إذا تمنوا فيها الموت؟

ما حال دار أماني أهلها إذا تمنوا فيها أن يموتوا؟

كيف بك إذ رأيتهم وقد اسودت وجوههم فهي أشد سوادا من الحمم.

وعميت أبصارهم، وابكمت ألسنتهم، وقصمت ظهورهم، ومزقت جلودهم، وغلت أيديهم إلى أعناقهم، وجمع بين نواصيهم وأقدامهم، يمشون على النار بوجوههم ويطئون حسك الحديد بإحداقهم.

ينادون من أكنافها ويصيحون من أقطارها: (يا مالك قد أثقلنا الحديد، يا مالك قد حق علينا الوعيد، يا مالك قد نضجت منا الجلود، يا مالك قد تفتت من الكبود، يا مالك العدم خير من هذا الوجود).

ومالك هو خازن النار فيجيبهم بعد ألف عام بأشد وأقسى خطاب وأغلظ جواب: (إنكم ماكثون).

فينادون ربهم وقد أشتد بكائهم وعلا صياحهم وارتفع صراخهم معترفين بذنوبهم وأنهم ضالين ويطلبون الخروج ليعملوا صالحاً!!: (قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين، ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون).

فلا يجيبهم الجبار جل جلاله إلا بعد سنين، فيجيبه بتوبيخ أشد من العذاب: (اخسئوا فيها ولا تكلمون).

 

ويومئذ تكون الندامة والحسرة يوم لا تنفعهم ندامة و لا حسرة على عدم طاعة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -: ((يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولَ، وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبرائنا فأضلونا السبيلَ، ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعناً كبيراً))

 

حتى الأصحاب بل الإخلاء التي تخللت مودتهم القلوب تنقلب هذه الخلة إلى عداوة لأنها كانت باطلة لا يرضاها الله، ليست على وفق الشريعة. فقال - تعالى -: ((الإخلاء يومئذٍ, بعضهم لبعض عدو إلا المتقين))

 

ويتوسلون الله أن يخرجهم من النار ليعودوا ليعملوا صالحاً ولكن هيهات ((ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون)) فيجيبهم المولى - سبحانه -: ((قال اخسئوا فيها ولا تكلمون)).

 

وغير ذلك الكثير والكثير....... حتى إنهم من فرط العذاب الذي حل بهم يتمنون الموت ليتخلصوا من العذاب وينادون مالك ((وقالوا يا مالك ليقضي علينا ربك قال إنكم ماكثون، لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون))

 

فعند ذلك أطبقت عليهم النار وغلقت فيئس القوم بعد تلك الكلمة أيما إياس، فتزداد حسراتهم وتنقطع أصواتهم، فلا يسمع لهم إلا الأنين والزفير والشهيق والبكاء.

يبكون على تضييع أوقات الشباب.

ويتأسفون أسفا أعظم من المصاب.

ولكن هيهات هيهات، ذهب العمل وجاء العقاب.

لقد خاب من أولاد أدم من مشى إلى النار مغلول القيادة أزرقا

يساق إلى نار الجحيم مسربلا سرابيل قطران لباسا محرقا

إذا شربوا منها الصديد رأيتهم يذوبون من حر الصديد تمزقا

 

ويزيدهم عذابهم شدة، وحسرتهم حسرة تذكرهم ماذا فاتهم بدخول النار.

لقد فاتهم دخول الجنان، ورؤية وجه الرحمن، ورضوان رب الأرض والسماء جل جلاله.

ويزيد حسرتهم حسرة، وألمهم ألما أن هذا العذاب الأليم والهوان المقيم ثمن اشتروه للذة فانية، وشهوة ذاهبة، لقد باعوا جنة عرضها السماوات والأرض بثمن بخس دراهم معدودة.

بشهوات تمتعوا بها في الدنيا ثم ذهبت وذهبوا فكأنها وكأنهم ما كانوا وما كانت.

ثم لقوا عذابا طويلا، وهوان مقيما.

فعياذا بالله من نار هذه حالها.

وعياذا بالله من عمل هذه عاقبته.

اللهم إنه لا طاقة لنا بعقابك، ولا صبر لنا على عذابك.

اللهم فأجرنا وأعتقنا من نارك ولا تحرمن جنتك.

(ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما، إنها ساءت مستقرا ومقاما).

 

وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((التائب من الذنب كم لا ذنب له)) وحديث ((ومن تاب تاب الله عليه)) والله يفرح بتوبة العبد حين توبته كما في الحديث الصحيح وهو الغني الحميد - تبارك وتعالى -.

وطاعتنا لا تنفعه ومعصيتنا لا تضره - سبحانه وتعالى -. ومع ذلك يفرح فما بالنا نتأخر في التوبة ونسوف. بل علينا أن نسارع ونجاهد أنفسنا للتغلب على المعاصي وندعو الله ونلتجئ إليه ونصدق معه.قال - تعالى -: ((والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا)) هذا وعد من الله ومن أصدق من الله قيلاً.

((ومن تقرب إلى الله شبراً تقرب الله إليه ذراعاً ومن تقرب إلى الله ذراعاً تقرب الله إليه باعاً ومن أتاه يمشي أتاه هرولة..)) كما جاء في الحديث القدسي.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply