لماذا أسلم هؤلاء ؟


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

لقد أكرم الله - تعالى - هذه الأمة بختم الدين بالإسلام، فكان الإسلام الخاص بهذه الشريعة بعد الإسلام العام الذي كان دين جميع الأنبياء و هو التوحيد. وجعل الله هذه الأمة مميزة بدينها و أخبرها بأنه لا يقبل دين غيره ((و من يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه)) و ميزها بهذا الدين فمنعها من التشبه بأي دين آخر سواه، و أخبرها رسولها - صلى الله عليه وسلم - بأنه من تشبه بقوم فهو منهم. و تعلم هذه الأمة عندما تمر أعياد الكفار أنه لا سبيل إلى المشاركة فيها، لأن مشاركتهم أعيادهم نوع محبة و مودة، و قد قال - تعالى - ((لا تتخذوا النصارى و اليهود أولياء)). و تعلم أن العيد قضية دينية عقدية، و ليست مجرد عادات و تقاليد، بل إنها تميز الأمم، ((لكل قوم عيد و هذا عيدنا)) كما قال - عليه الصلاة والسلام -. و تعلم أن الذين لا يشهدون الزور من عباد الله المؤمنين، و من الزور أعياد المشركين، و أنوارهم، و أشجارهم، و مأكولاتهم الخاصة بذلك. و أن تهنئتهم بها محرمة لأنها تهنئة بشعائر الكفر الخاصة بهم، و أن ذلك عند علماء الإسلام أشد مقتا من التهنئة بشرب الخمر و قتل النفس و انتهاك الفرج الحرام. كل ذلك معلوم مستقر، لكننا نريد بهذه التذكرة، أن ننظر قليلا في حال أولئك القوم من غير المسلمين، ماذا عملنا من أجلهم، أي واجب قمنا به نحوهم، ما هي درجة الاهتمام التي أوليناهم إياها. قمنا بالمطلوب، ألسنا خير أمة أخرجت للناس، أليس علينا واجب الدعوة لهذا الدين، إذا كان ديننا هو الدين الأتم الأكمل الذي رضيه الله - عز وجل - ((اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي)) فإذا كان هذا كذلك، فهل قمنا بنقل هذا الدين الأتم الأكمل لغير المسلمين؟ إذا كانت النتائج مشجعة جدا، فما هي الجهود التي تواكب هذه النجاحات، إذا غير المسلمين بعضهم يهتدي للإسلام دون جهد منا على الإطلاق، بل توفيق إلهي محض، بشيء يسمعه يفتح الله به قلبه، و عينه و أذنه للحق، فكيف سيكون الحال إذا لو اجتمعت الجهود، و صارت هناك أعمال متواكبة لنشر هذا الدين و خدمته، إذا كان التكريم من الله لنا بهذا الدين واضحا جليا ((و إنه لذكر لك و لقومك)) فهل قمنا بالدعوة إليه كما ينبغي، لأن القضية فيها مسؤولية كما قال الله في ختام الآية ((و سوف تسألون)). عباد الله...إن المراجع لهذه المسألة العظيمة و هي الهداية إلى الإسلام، ليجد أمور عجيبة، تنطق بها قصص المؤمنين، و قوافل العائدين، و جموع المسلمين المهتدين لهذا الدين، إنها نعمة عظيمة، ربما لا يدركها الذي ولد مسلما من أبوين مسلمين، لكن الصحابة أدركوا ذلك عندما أسلموا، و قال الله لهم ((كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم))، و قال ((بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين))، و لما أحسوا بذلك قالوا: اللهم لولا أنت ما اهتدينا و لا تصدقنا و لا صلينا و قد اقتضت حكمة الله - سبحانه وتعالى-أن تنقسم البشرية إلى مؤمنين و كفار، و أبرار و فجار ((قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين)).لكن ((خلقكم فمنكم كافر و منكم مؤمن)) ((و لو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين)). إنها الهداية العظيمة و التوفيق الكبير من الله - عز وجل -، قد دعا الناس إلى ذلك فقال - تعالى -لنبيه - عليه الصلاة والسلام - ((قل يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه و من ظل فإنما يظل عليها و ما أنا عليكم بوكيل)) لما رأى أعداء الإسلام هذا الدين بعظمته أجمعوا كيدهم و أتوا صفا، و ظنوا أنهم قد استعلوا، ((يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم و يأبى الله إلا أن يتم نوره و لو كره الكافرون)). إن لله إرادة عظيمة ((هو الذي أرسل رسوله بالهدى و دين الحق ليظهره على الدين كله و لو كره المشركون)) فقاموا بمكر الليل و النهار ((يريدون أن يطفئوا نور الله)) فهل أطفأوا نور الشمس، (ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل و النهار، و لا يترك الله بيت مذ و لا وبر، إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل عزا يعز الله به الإسلام و ذلا يذل به الكفر)، المدر بيوت الحجر و الحواضر و المدن، و الوبر بيوت البوادي و الشعر. و قد وصل ملك المسلمين في الفتوحات إلى أماكن نائية للغاية، إنه دين دخل الناس فيه أفواجا، و قد أصبح في بلدان الكفرة و عواصم الكفر من أعداد المسلمين كثير كثير. أيها الأخوة... لماذا أسلم هؤلاء الذين شرح الله صدورهم لهذا الدين؟؟ أسلموا لأسباب متعددة، و بأسباب متعددة، شاء الله لهم أن يهتدوا. أسلم بعضهم لأنه لما درس الإسلام، لم يرى فوضى، و إنما رأى نظاما عقديا، و نظام صلى بين العبد و الرب، و نظام عبادة، و نظام اقتصاد، و نظام سياسة، و نظام اجتماع، و نظام بناء. إنها أنظمة تكفل السعادة للبشرية، إنها تحل المشكلات، و تزيل الخلافات، تروي العطش الذي يحل بنفوس الشاربين عن هذا الدين، إنها تأتي بالسكينة و السعادة للشقاء الذي يعيش فيه المعرضون، و لذلك قالوا إن الإسلام هو أفضل دين للبشرية على الإطلاق لأنه يتغلغل في حياة المسلم بكل تفاصيلها، و إن العقل ليحتار كيف تأتي هذه الآيات بهذه الشرائع العظيمة، و الأحكام التي تضبط الأمور. لقد اعتنق بعضهم هذا الدين لأنه وجد أنظمة دقيقة جاء بها نبي ظهر في العرب، و هم أمة أمية لا يقرؤون و لا يكتبون، فكيف يأتي من أمة الجهل مثل هذا النظام البديع، إذا هذا شيء رباني. و قال أحد قائليهم: أننا نحن النصارى نزعم أن الإسلام انتشر بحد السيف، فقلت لنفسي فلماذا تقبل الناس الإسلام اليوم، و الإسلام الذي يحارب بالسيف اليوم!! و لماذا ما زالوا يعتنقونه في كل ركن من أركان العالم؟ و لماذا و الهجمة الشرسة الآن عليه و يدخل فيه يوميا من أصقاع الأرض أناس دون إكراه و لا إجبار، و إنما باختيار تام، و الدين تحت الضغوط و الهجمات. عندما دخل بعضهم في هذا الدين، و ربما دخل فيه من باب التجربة، و قال قائلهم: بعد الدراسة سأعتنق الإسلام و أجرب كيف ستكون حياتي، فرأوا انقلابا جذريا و سعادة و سكينة ثبتت قلوبهم على الحق، و كانت دراسات مستفيضة شغلت أوقات و تفكير الكثير منهم ليتوصلوا بعد ذلك إلى عظمة هذا الدين و صدق هذا النبي الأمين. لقد كان سبب إسلام بعضهم أنه وجد في القرآن آيات فيها خطاب شديد للنبي - صلى الله عليه وسلم -، كمثل قوله - تعالى -((عبس و تولى * أن جاءه الأعمى * و ما يدريك لعله يزكى)) ((و تخشى الناس و الله أحق أن تخشاه)) ((و لولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا إذا لأذقناك ضعف الحياة و ضعف الممات))، فهل يأتي بالنقد لنفسه، و بالشدة عليها!! إذا ليس هو القائل، و إنما الله - عز وجل - الذي أوحى بذلك إليه. لقد أسلم بعضهم لأنه رأى نظام الصلاة في الإسلام، قائد يقود و جموع تتبعه، لا يتخلفون عنه، الحركات واحدة، الأوقات واحدة، ثم يسمع قراءة و لو لم يفهم معناها لكن السكينة و الخشوع من الإمام المخلص تمس شغاف القلب. لقد أسلم بعضهم لأنه لما جاء لبلد المسلمين ليعمل رأى يغشون دور عبادة في البلد يصلون فيها، و في أماكن أخرى إذا حضرتهم الصلاة صلوا، رآهم يصلون في حديقة مرة، و على طريق السفر مرة أخرى، و في مكان في المستشفى مرة ثالثة، لماذا شد انتباهه هذا التنوع في أماكن العبادة، يعني أنه في كل وقت و حين، و لو لم يوجد مسجد، فإنهم يصلون، سواء كانت أماكن مخصصة، أو إذا حضرتهم الصلاة في أماكن أخرى بعيدة عن المساجد، ما هذا؟ هل لكم ملك تعبدونه؟ قالوا نعبد ملك الملوك، فأسلم. لقد أسلم بعضهم من جراء سماع الأذان، ما هذا الأذان؟ ما معناه؟ لماذا يعلن به؟ لماذا هذه الأوقات؟ لماذا يستجيب الناس لهذا الصوت؟ فكان ذلك سبب الإسلام. لقد أسلم بعضهم عندما رأى دينا سهلا، يدخل المسجد صاحبه بهدوء و طمأنينة، و قد رأى من قبل ما في الكنيسة من الموسيقى و الطبول و التماثيل و الزخارف و النقوش و التحف، فعلم أن هذا الدين الميسر السهل، أن هذا الدين البعيد عن التكلف في أداء العبادة إنه دين الحق. لقد أسلمت خادمة لأنها أحست أنها شاذة في المنزل، الجميع يصومون، فلماذا لا تصوم هي. لقد أسلمت أخرى لأن بنتا صغيرة في المنزل لم يعجبها أن هذه الخادمة لا تصلي، والجميع يصلي، فقالت: لازم تصلين معنا، و ألحت و أصرت، حتى أسلمت تلك الخادمة. لقد أسلم بعضهم عندما ناقشة داعية من دعاة الإسلام، ما تقول في عيسى؟ ابن الله، و ماذا؟ قتل و صلب فداء للبشرية، كيف لو أن لك زوجة و أبناء؟ قال: نعم لي. قال: لو أخذت سكينا لأقتل ابنك به و أضربه أمامك ماذا ستفعل؟ قال: أنتزع السكين منك و أغمدها في صدرك، و أدافع عن ابني. قال: فكيف تقول أنه سمح لابنه أن يقتل و يصلب و يبصق عليه و يهان ويبقى مشدودا على الخشبة، هذه الأيام يسكب على رأسه الخل، و هو ينظر و لا يحرك ساكنا. فاقتنع بالحق و أسلم. و آخر لما خدم في الكنيسة اثنين و عشرين من الأعوام و السنين، و كان يساعد القس في جمع الأموال، و يرى هذا الأسقف كيف يأكل أكثرها و يأخذه في جيبه، و عندما حضر لبلاد المسلمين، و رآهم كيف يجمعون زكاة الفطر لتنقل و توزع على الفقراء، شعر أن هنا في الدين صدق لا يوجد مثله في غيره. و قد يريد الله الخير بشخص فيريه مناما عجيبا، فيكون ذلك سبب هدايته، كما أن إحدى الخادمات، لما جيء بها إلى مركز دعوة الجاليات فسمعت درسا، ثم ذهبت إلى منزلها فنامت، فرأت في المنام رعدا و برقا و أمطارا، و في الخوف جعلت تقول لا إله إلا الله في المنام، فاستيقظت و هي تقولها، فأتت المكتب تسأل ما معنى هذه الكلمات، فلما شرحوا لها أسلمت في الحال. كانت المدرسة الإنجليزية ذات الثماني و العشرين ربيعا، تعيش في بلد مسلم، كانت تشاهد المسلمين و هم يصلون، و تقرأ ما يصل إليها من ترجمات القرآن الكريم، قالت: فأحسست بالغيرة لماذا لا أنتمي إلى هؤلاء القوم؟ لماذا هم على الدين و لست منهم؟ فقد كانت غيرة امرأة سبب في إسلامها. و آخر لما كان في المستشفى، و جاء زوجان بصحبة امرأة مسنة، و هما بغاية القلق، و سائر أنواع الاهتمام، لهذه الكبيرة في السن. من هي؟ قالت: أم زوجي. و لماذا هذا الاهتمام الكبير؟ قالت: هكذا أوصانا الإسلام. ما شأنها و شأن أم زوجها؟ و لماذا تتعب هذه الشابة نفسها من أجل هذه الكبيرة؟ و هي الطبيبة غير المسلمة تقول إن أمي قد ألقيت إليها زجاجة عطر في عيد الأم عندما قدمت إليها في المرة السنوية في الملجأ، فلماذا هذه زوجة ابنها تتعب و تسهر معها في المستشفى، و تنام مرافقة لها؟ تقول هكذا أوصانا الإسلام، فكان ذلك سبب إسلامها. كتاب عن حقوق الوالدين و آخر من كبار باحثيهم، درس القرآن دراسة متأنية، و مما لفت نظره أمور، مثل: أن القرآن الكريم فيه سورة باسم مريم، و ليست في نظره من المنتسبين إلى هذا الدين، بل إنها محسوبة على دين النصارى، و ليس في القرآن سور باسم خديجة أو فاطمة أو عائشة، من نساء هذا الدين فلماذا؟ ثم مر بقوله - تعالى -(أو لم يرى الذين كفروا أن السموات و الأرض كانتا رتقا ففتفناهما و جعلنا من الماء كل شيء حي) فرأى أن هذا الخطاب للكفار (أو لم يرى الذين كفروا) الذين اكتشفوا نظرية أن السموات و الأرض كانتا كتلة واحدة ثم تم الانفصال، و هذا عين ما في القرآن (أو لم يرى الذين كفروا أن السموات و الأرض كانتا رتقا) متصلتين (ففتقناهما) فصلناهما (و جعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون) و (من الماء كل شيء حي) و هم يعرفون ذلك. كيف اهتدى إلى هذا رجل أمي عاش قبل ألف و أربعمائة سنة إلا أن يكون هذا شيء جاء من الله. و هزه قوله - تعالى -(أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) و قام القائل فيهم ليقول للمسلمين في أحد المؤتمرات: يا أيها المسلمون لو أدركتم فضل ما عندكم إلى ما عند غيركم لسجدتم لله شكرا أن أنبتكم من أصلاب مسلمة و رباكم في محاضن مسلمة و من عليكم بهذا الدين لو نظرتم إلى مدلول الإلوهية و الرسالة و النبوة و البعث و الحساب و الجنة و النار عندكم بالمقارنة بما عند غيركم لسجدتم لله شكرا أن جعلكم مسلمين لأن هذه الأشياء عند أصحاب الديانات الأخرى لا يرتضيها عقل سوي و لا فطرة سليمة و لا منطق صحيح. كلف أحد الشباب من قبل الكنيسة النصرانية بدراسة القرآن الكريم بعد أن رقوه مراتب لديهم، و أغدقوا عليه من أنواع المنصب و الجاه و المال، السبب المهمة المكلف بها محاولة استخراج الأخطاء من القرآن الكريم و المتعارضات و الأوهام الموجودة فيه، و بعد بحث طويل تبين له أن القرآن مليء بالمزايا و الحسنات، و أنه لا يوجد فيه أخطاء بل يوجد فيه تحدي في قوله - تعالى -((و لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا)) و وجد التحدي في قوله - تعالى -((قل لأن اجتمعت الإنس و الجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله و لو كان بعضهم لبعض ظهيرا))، و التحدي في قوله - تعالى -((فأتوا بعشر سور مثله مفتريات)) ((فأتوا بسورة من مثله)) ((فأتوا بمثله))، و لم يستطع أحد على كر العصور و مر الدهور أن يأتي بمثل هذا القرآن. و هكذا هدى الله - سبحانه وتعالى-أناسا إلى كتابه، و كان من الذين يدخلون في الدين يشعر الواحد منهم بالسعادة عندما يمارس العبادات و الشعائر في هذا الدين. و لما أسلم أحدهم فسئل عن سبب إسلامه، و عنده ملايين، و لديه موظف هندي مسلم لا يستلم إلا مالا قليلا، و لكنه مبتسم سعيد دائما، فلفت نظره هذا و هو صاحب الثروة الكبيرة في حياة شقاء و نكد، فسأل ذلك المسلم الهندي مرة لماذا أنت سعيد و مبتسم؟ قال: لأني مسلم، قال: ألا تمر بك مشكلات و صعوبات ألا تحصل لك مصائب؟ قال: بلا، و لكن عندنا حديث من نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - (عجب لأمر المؤمن إن أمره كله له خير إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له و إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له)، قال: و كيف تدخلون في هذا الدين، قال: أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمد رسول الله، فكان ذلك سبب الإسلام. و كذلك أحس بعضهم براحة نفسية كبيرة و هو يردد سورة الفاتحة، و طلب أن يتعلم ما هذا الذي تقرؤون في صلاتكم، فلما علمه و قرأ عليه، فقرأه خلف من ردده عليه، كان ذلك سبب إسلامه. اللهم إنا نسألك أن تفتح للحق قلوبنا و أن تهدينا لما تحب و ترضى اللهم وفقنا لليسرى و جنبنا العسرى أقول قولي هذا و استغفر الله لي و لكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله الواحد القهار مكور الليل على النهار، أشهد أن لا إله إلا هو العزيز الغفار، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله الذين جاءنا بالحق و الهدى من عند ربنا، و نشر الله به الأنوار صلى الله عليه و على آله و صحبه أجمعين ما تعاقب الليل و النهار. اللهم صل و سلم على نبيك و عبدك محمد و على آله و صحبه أجمعين، أشهد أنه رسول الله حقا، و الداعي إلى سبيله صدقا. عباد الله إن هؤلاء عندما يرو الصلة بيننا و بين خالقنا مباشرة، إذا أردنا شيئا سألناه، و إذا خفنا شيئا استعذنا به، عندما يروا التوبة تطلب من الله، و الاستغفار لله، عندما يرون هذا العبادات مباشرة من العبد إلى الرب يتساءلون و لماذا يتحتم علينا أن نذهب إلى الكهان و أن يتوسطوا بيننا و بين الخالق، أليسوا مخاليق مثلنا، و بعض هؤلاء قد حاول أن يندس بين المسلمين ليجمع عنهم التقارير و يكتب عنهم الأبحاث، و رأى من لوازم ذلك أن يلبس مثلهم، و يأكل مثلهم، و يتعلم لهجتهم، و يؤدي الصلاة معهم، و لكن بعد هذه التمثيلية اقتنع أن يقلبها إلى حقيقة، و أنه فعلا قد فر و انشرح صدره بهذه التمثيلية التي أرادها في البداية تمثيلا لتنقلب بعد ذلك إلى حقيقة. عندما قام طالب شاب يعيش في الغرب بالاقتراب مباشرة و الإسراع لأخذ كيس قمامة كبير من عجوز تخرج من بيتها لتلقيه، فيأخذه منها ليمشي به إلى مكان القمامة لإلقائه، استغربت هذه المرأة ما الذي دفع هذا الشاب لهذا العمل مجانا، و هي تجد نفسها مهملة في مجتمع ينظر إليها على أنها غير منتجة و عالة عليه لا مكانة لها، و لذلك يقدم الكثيرون منهم على الانتحار لأنهم لا يجدون مكانا لهم في المجتمع بل يجدون إهمالا من أقرب الناس إليهم، أفلا يكون ذلك السبب الوجيه في إسلامها. عندما استأجر مسلم ملحقا عند عائلة تؤجر الملحقات لتأتي زوجة صاحب المكان الكافرة يوما لتقول له: إنني أتعجب حقيقة من نظافة الحمام لديك، إنه لم يمر علينا مستأجر قط كان حمامه نظيفا بهذه الدرجة هلا أخبرتني لماذا؟ لماذا لا تخلف شعرة واحدة في حمامك. قال: لأن ديننا دين النظافة و دين الطهارة و دين إزالة النجاسة و دين الإحسان إلى الجار و دين الائتمان على المستأجر و أنا أعتني به و أنظفه و أطهره. حدثني عن هذا الدين ما هو، من هو صاحبه، من هو الذي اخترعه، حدثني عن تعليماته. فكان نظافة الحمام سببا في إسلامها مع زوجها. عندما يحكم من قبل المحكمة الشرعية لعامل مسكين على صاحب العمل القوي، يكون ذلك سببا في إسلام هذا الكافر، لأنه رأى العدل في شريعة الإسلام. عندما يرى بعض الكفار المسجد الذي هو في بلدهم الكافر فيه الأسود و الأبيض و المخلط و الكبير و الصغير معا سواء، و هم أصحاب التمييز العنصري الذي يضطهدون أصحاب البشرة السوداء، إن ذلك يلفت نظرهم جدا ليتساءلوا: ما هذا الدين الذي يساوي بين الناس؟ كان شيخ كبير في السن من المسلمين طاعن، دائما إذا رأى شخصا يقول له يا ولدي كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن، سبحان الله و بحمده سبحان الله العظيم، هذا ديدنه، فلما دخل المستشفى مغمى عليه و فتح عينيه على السرير وجد أمامه رجلا صدارا أبيض، قال: يا ولدي قل سبحان الله و بحمده سبحان الله العظيم كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن، فسأل ذلك الطبيب الهندوسي من حوله: ماذا يقول هذا الشيخ ترجموا لي أول ما فتح عينيه خاطبني بهذه الكلمات. فترجموا له ذلك ليكون سبب إسلامه. عندما يأتي فاسق ببغي إلى غرفة معه فيها صديق مسلم أسمه صالح، ثم يخرج هاربا لأنه لم يعطها أجرتها الفاحشة، فيقول هذا المسلم: أخرجي من غرفتي، قالت: ليس لي مأوى، و هذا الرجل خدعني أين أذهب؟ و أنا ليس مال. قال: إذا امكثي أنت و أنا سأخرج. و ألقى إليها ببعض المال، فاستغربت لماذا، لماذا يخرج هو لماذا!! و عندما سألت و عرفت و ذهبت إلى المركز الإسلامي و لبست الحجاب أحست بذلك الشعور العظيم الذي تحس به المسلمة إذا دخلت هذا الدين. عندما يرى النصارى التناقض يقول بعضهم يقرأ إذا لم تأكل جسد المسيح و تشرب دمه فلن تنجو من عذاب جهنم الأبدي، ولدت في الخطيئة و عليك السخط و الغضب حتى تؤمن بصلب المسيح. فيرفض بفطرته ببقية فطرته أنه ولد في الخطيئة و لماذا؟ و ما ذنبه أن يولد في الخطيئة؟ و أن تلاحقه خطيئة آدم التي يزعمون، و أنه لا بد أن يأكل من جسد المسيح و يشرب من دمه، ما هذا الهراء؟ و ما هذه السخافات؟ و ما هذه الترهات؟ و عندما يصبر الدعاة على الأذى، يدخل المسجد ليلقي المحاضرة و يرى وجوها غريبة فلا يبالي لهؤلاء الأشرار الذي يتعمدون إلقاء الأقذار على المصلين، و ربما نثروا الزجاج المكسور على السجاد ليجرحوا جباههم، فيلقي تلك الآيات بأسلوب العقل الطيب لتنتهي المحاضرة، فيقوم الزعيم ليقول لأصحابه من كان منكم يريد أن يرجم المسلمين بالحجارة فليرجمني معهم فإني مسلم، فألقوا الحجارة و أعلنوا إسلامهم. ((فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام و من يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء)) و يؤلف المسلم منهم كتابا في معناه في عنوانه مدلول عظيم \' ربحت محمدا و لم أخسر المسيح \'، و نحن نؤمن بموسى و عيسى و محمد - صلى الله عليه وسلم - و سائر الأنبياء و المرسلين. و هكذا يسير المشوار مشوار المهتدين تعطرت لكن بعطر المدينة: و أطلقت روحا بجسمي سجينة و غادرت جسمي الكثيف و طينه:: ثناء صفاء نقاء سكينة هكذا يعبرون بعد الدخول في الدين عن حالتهم النفسية، فماذا علينا يا عباد الله من المسؤولية الضخمة الكبيرة تجاه العالمين، و نحن أصحاب هذه الرسالة الذين كلفنا بنقلها إلى الناس و أن ندعو إلى سبيل الله. إن القضية ضخمة و علينا مسؤولية، و لا بد من سلوك السبل المختلفة بجميع الإمكانات التكنولوجية و التقنية و غيرها لأن هذا الدين العظيم لا بد له من طرق عظيمة لنشره. اللهم إنا نسألك أن تجعلنا في سبيلك دعاة عاملين، و بسنة نبيك مستمسكين اللهم إنا نسألك أن تفتح القلوب لدعاة المسلمين يا رب العالمين و أن تكلل جهودهم بالنجاح يا أرحم الرحمين اللهم انشر رحمتك على العباد اللهم إنا نسألك أن توفقنا لما تحب و ترضى و أن تجعلنا من المستمسكين بالعروة الوثقى اغفر ذنوبنا و كفر عنا سيئاتنا، و توفنا مع الأبرار و آمنا في دورنا يا رب العالمين و اجعل بلدنا هذا آمنا مطمئنا و سائر بلاد المسلمين اللهم اختم بالصالحات أعمالنا سبحان ربك رب العزة عما يصفون، و سلام على المرسلين، و الحمد لله رب العالمين.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply