من مايكل إلى عبد العزيز


بسم الله الرحمن الرحيم

 

أعرفكم بنفسي فأنا أخوكم في الله: عبد العزيز بالاد، وكان أسمي قبل الدخول في الإسلام (مايكل بالاد) وأنا من الجنسية الفلبينية، وسوف استغل هذه السطور القليلة للحديث معكم عن كيفية دخولي في الإسلام.

منذ أن ظهرت على وجه هذه الأرض وأنا أعتنق الديانة المسيحيةº حيث إن جميع أهلي وأصدقائي على هذه الديانة، وقد كنت متمسكاً بها بكل ما تحمله الكلمة من تمسكº لأن أهلي من المتشددين في الدين المسيحي، ومضت عجلة الزمن وكبرت في السن، وبدأت الاعتماد على نفسي بالتفكير، وأصبح لي رأيي المستقل، وأخذت أقرأ الكتب عن الدين المسيحي بنهم وشغف من أجل الاستزادة منه، والتعمق فيهº ولكني لاحظت أنه كلما زاد تعمقي وجدت بعض المتناقضات في أصل هذا الدينº حيث تتوارد إلى ذهني بعض الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات، وعند إجابتها لا يكون الرد مقنعاً، ومن الأمثلة: كيف يكون في الكون ثلاثة من الآلهة الأب والابن وروح القدس أي بمعنى أوضح: كيف يقوم بحكم العالم ثلاثة من الآلهة؟! حيث سيكون لكل منهم رأيه، وسيدعو ذلك إلى التخبط والضياع في الحياة البشرية، وهذا بعكس ما أراهº حيث إن الحياة منظمة، وتسير بدقة، مما يثبت أن هناك ألهاً واحداً فقط، ومن المتناقضات العجيبة أيضاً: أنه إذا كان المسيح هو الرب لهذا الكون فكيف تمكن اليهود من القبض عليه، وصلبه، ولم تستطع قوته الربوبية حمايته أمام مجموعة من البشر؟! ومن ثم يأتي التعجب الأكبر وهو: لو كان الدين المسيحي هو الدين الحق فلماذا لم يكن هو آخر دين على وجه الأرض ولماذا جاء الإسلام بعده؟! وبالنسبة للحساب والعقاب فكيف يكون عن طريق كاهن الكنيسة؟! فعندما أفعل الخطأ من المنكرات فإني أذهب إلى الكاهن في الكنيسة فيمنحني صك الغفران ويغفر لي ذنوبي، وهو بشر مثلي!! وبذلك فما هو الداعي لوجود الرب؟! جميع هذه المتناقضات دعتني إلى الاعتقاد الجازم بأنه ليست هذه هي العقيدة الصحيحةº ولكن أين هي الحقيقة؟! لا أعلم.

كانت حياتي قبل الإسلام حياة خاوية بمعنى الكلمة حتى إنني أخجل من نفسي عندما أتذكرها، فقد كنت مثالاً للشاب الذي يسير في ظلمات التهلكة، وسراديب الظلام، وليس لديه هدف سوى إشباع رغباته الدنيوية بكل الطرق والوسائلº متجاهلاً كل وازع ديني أو نفسٍ, لوامة تردعه وتمنعه عن فعل الخطأ، ولا أتورع عن فعل أي منكر مهما كان عقابه، وسوء فعله، وعظم أمره، وكان تفكيري العقلي منصباً على إشباع تلك الرغبات فقط، وهدفي في الحياة قضاء اليوم مثل الأيام التي سبقته في الضياع والانحراف، وكان مما يزيدني ويشجعني على طغياني، واستمراري في العصيان هو أفراد المجتمع الذين يحملون نفس تفكيري، فكانوا يزينون لي المعصية، ويحثونني عليها، ونتسابق من أجل الفوز بهاº لأنه لا يوجد بيننا من لديه وازع ديني، أو ضمير حي، أو قيم صالحة تحول بينه وبين ما يفعل، وفي نهاية المطاف نذهب إلى الكاهن في الكنيسة، ونطلب منه صكاً للغفران، فنحصل عليه مقابل بعض النقود، ونعود على ما كنا عليه سابقاً وهكذا.

أعود بك عزيزي القارئ لرحلتي مع البحث عن الحقيقة، فبعد ما ذكرت لك من الأحداث التي مرت بي وأنا على الدين المسيحي أصبح لدي شيء من التأكد بأن الدين المسيحي ليس هو الدين الصحيح، وأن هناك ديناً خيراً منه يجب علي البحث عنه، فذهبت وقرأت في الكتب اليهودية ولكن عندما رأيت إسرائيل وما تفعله من اعتداءات وانتهاك للمحرمات اتضح لدي خلل هذا الدين، فتغير تفكيريº لأنه لا يوجد دين صحيح يحث على الاعتداء، وانتهاك المحرمات، ونظرت إلى عبادة النار فوجدت أنها يقضى عليها بواسطة الماء، فكيف أعبد إلهاً لا يستطيع حماية نفسه، ولم أقتنع بها كذلك، ونظرت إلى الإسلام وكانت نظرتي له على أنه دين إرهاب وعنفº لما أقرأه في الصحف والمجلات الأجنبية وبذلك استبعدت الدين الإسلامي كذلك، وازدادت حيرتي في البحث عن الدين الصحيح.

بعدها جاءت نقطة التحول في حياتي، وانقشاع الضباب عن عيني، وظهرت بوادر النور تلوح في السماءº حيث حصلت على عقد عمل بالمملكة العربية السعودية، ومع توالي الأيام وجدت طريقة العيش تختلف في هذه الدولة عن حياتي السابقةº حيث وجدت أن الحياة والأعمال تتوقف في اليوم والليلة خمس مراتº للقيام بأداء فريضة الصلاة، وبعد أدائها يعود الناس وهم في غاية السعادة والنشاط والرضى على ما قاموا بهº لأن لهم هدفاً يسعون إليه وهو الفوز بالحياة الآخرة على الدنيا، كما لاحظت بأن النساء يقمن بستر وجوههن، وجميع أجزاء الجسم بغطاء ساتر حتى لا يتعرف عليهن أحد، ومن أجل حفظ كرامتهن وسمعتهن، مع وجود نقيض هذه الصورة في بلاديº حيث النساء يتواجدن في أماكن الرذيلة، كما لفت انتباهي عدم وجود أماكن شرب الخمر والملاهي الليلة، وعندما سألت كانت الإجابة بأن دين الإسلام يحرم هذه الأشياء، ومن أرتكب معصية وتم اكتشافه فإنه يعاقب بإقامة الحد عليه شرعاً لا فرق بين كبير أو صغير، كما يحرم كشف الوجه للمرأة إلا لمحرم، وإن الدين الإسلامي يدعو إلى العدل بين الناس، ويحفظ الإنسان من المضار الصحية، وهو دين تسامح وتهذيب نفس وأخلاق، ودين سمو ورقي في التعامل، ويحفظ للمرأة شرفها وعفتها، وبذلك فهو كامل في تعاملاته مع أفراده، فترى الناس مقتنعين ومتقبلين للأوامر التي فيهº لأنه دين حق. وبدا لي أن هناك صوتاً من داخل أعماقي يقول لي: أقبل ولا تهرب فهذا هو الخلاص.

بدأت رحلتي لمعرفة الدين الإسلاميº حيث كان هناك أحد الأخوة المصريين، وكنت أثق به جداً، فدعوته وطلبت منه أن يحضر لي كتباً عن الإسلام، ففرح ذلك الأخ كثيراً لطلبي، وأخبرني بأنه على استعداد لمساعدتي في أي شيء، وإن كان لدي استفسار فلا مانع من السؤال، وشعرت بأن هذه هي البداية، وأن الله أرسل هذا الشخص لمساعدتي، وعلى مدار أربعة أشهر كنت أقرأ بتمعن في هذا الدين العظيمº حتى جاءت اللحظة الحاسمة فاستدعيت صديقي المصري، وأخبرته عن عزمي على الدخول في الإسلامº وأخبرته أني خائف من المجتمع المحيط بي من الفلبينيين، فطمأنني وقال لي: لا تخف سوف نكون معك قلباً وقالباً، وسوف نساعدك أنا وجميع إخوانك المسلمين، ويمكنك أن تجعل إسلامك سراً، وفي الوقت المناسب تنشره أمام الملأ، ومن ثم أخذني إلى بيته وشرح لي طريقة الاغتسال فاغتسلت ونطقت الشهادتين، وعلمني أركان الإسلام والصلاة، وبعدها أصبحت أحضر إليه كل يوم لتعلم أمور الدين على يديه، وبعد ذلك بفترة طلب مني الذهاب لأداء الصلاة في المسجد فأخبرته أني أخاف أن يراني أحد من الفلبينيين العاملين معي، فيقوم بعمل المشاكل معي، فذهب وأحضر لي بعض الملابس المغربية، وألبسني حتى لا يتم التعرف على شخصيتي، وذهبنا إلى مسجد بعيد عن الحي الذي نسكن فيه، وأدينا الصلاة، وأصبحت على هذه الحال فترة من الزمن، أظهر متخفياً لأداء الصلاة، ومن ثم أعود لتعلم الإسلام عند صديقي، وفي يوم من الأيام أخبرني ذلك الصديق بأننا سوف نذهب إلى مالك الشركة لأخبره بإسلامي للحصول على دعمه وتأييده، وبالفعل ذهبنا إلى مالك الشركة، وعندما أخبرناه بإسلامي قام وعانقني بقوة، وأخبرني بوقوفه معي في جميع النواحي المادية والمعنوية، ودعا الله أن يثبتني على الدين، ومن ثم خرجنا من المكتب نحن الثلاثة وذهبنا لمنطقة تجمع العمال، وأخبرهم عن إسلامي، وحذرهم من تقديم أي مضايقة لي، ومن يفعل فسيواجه عقاباً رادعاً وحازماً وعانقني مرة أخرى، وهنأني على إسلامي، ثم قام العاملون معي من المسلمين من الجنسيات المختلفة بالهتاف مهللين ومكبرين، وصافحوني مهنئيين لي بهذه الحياة الجديدة، والميلاد الجديد في الإسلام، وكانت هذه هي اللحظة الأولى التي أحسست بها بالفخر، وقوة ترابط المسلمين بعضهم مع بعض والتي اكتسبتها من عزة الإسلام وقوته، وما أعظم هذا الدين الذي أنار بصيرتي، وهداني لطريق الخير.

أخي المسلم، كانت هذه حكايتي مع هذا الدين العظيم وفي ختام حديثي أدعو الله - عز وجل - أن يهدى إخواني الضالين إلى طريق الخير والرشاد كما هداني، وأذكرهم بأن هناك حياة بعد الموت، وأن هناك جنة وناراً وحساباً وعقاباً وفائزاً وخاسراً فعليهم التوبة قبل فوات الأوان.

 

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply