بسم الله الرحمن الرحيم
زوجي رجل صالح، حسن الخلق، طيب المعشر، كريم، منذ تزوجنا أخبرني أنه مشغول جدا بأمور الدعوة وأنه اختارني لحرصه على ذات الدين لتحمل عنه مسؤولية البيت والأولاد ويتفرغ هو لدعوته، فسعدت بهذا الرأي ووعدته أن أعينه، وبالفعل سارت السنين على هذا، لكن الآن كبر أبناؤنا ووصلوا إلى سن المراهقة وازداد العبء علي، وزوجي ازدادت أشغاله، وحين أفاتحه بالموضوع يذكرني بوعدي من جهة وبآثار دعوته وحاجة الناس له من جهة أخرى، أنا مقتنعة بكلامه لكني أشعر بضغوط نفسية كبيرة، برأيكم ما أفضل طريقة للتأثير عليه؟
عرضك لهذه المشكلة، حيث إن هذا الزوج اختارك لحرصه على ذات الدين وهذا مرتكز جيد للرجوع إليه حين الاختلاف وخاصة أننا بشر نصيب ونخطئ، ولكن كتاب الله - سبحانه وتعالى - وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - لم يتركا شاردة ولا واردة إلا وتناولاها بالعلاج، قال - سبحانه -: {ما فرطنا في الكتاب من شيء} [الأنعام: 38] ومما يجعل حل هذه المشكلة سهلا ما يتمتع به زوجك من الصفات الحميدة كما ذكرت في مقدمة عرضك لها وهي أنه رجل صالح وحسن الخلق وطيب المعشر، وكريم الصفات وهذه الصفات ما اجتمعت في شخص إلا وكانت كفيلة بإذن الله لتفهمه الوضع الصحيح، كما أن من يتمتع بها سوف يتولد لديه صفة أخرى في الغالب هي صفة المرونة وقبول الاعتذار والصفح عن الخطأ لو وجد، كما أن مما يعين كذلك على حل هذه المشكلة هو أنك أنت شخصية مقتنعة فيما يظهر بشخصيته، وكذلك بآثار دعوته وحاجة الناس إليه مما يولد لديك القناعة الداخلية بمضاعفة الجهد لتغطية النقص الحاصل من جراء ذلك.
أما الخطوات العملية في حل هذه المشكلة من وجهة نظري فإنها تكمن فيما يلي:
- أولا: لا بد من فهمك أنت شخصيا، ثم محاولة نقل هذا الفهم إلى زوجك بالأساليب المختلفة والمتنوعة بأن مسؤولية التربية مسؤولية مشتركة بين الطرفين، وأنهما في ذلك مثل جناحي الطائر لا يمكن أن يستغنى عن أحدهما حال قيامه بواجبه في الطيران.
ثانيا: لا بد من تحديد المهام والواجبات لكل واحد منكما تجاه الأبناء سواء كان ذلك داخل المنزل أو خارجه، ولسنا بحاجة لتوضيح ذلك بالتفصيل خاصة مع الدعاة والمربين أمثالك وزوجك، كما أن هناك مهام مشتركة بينكما في ذلك ويمكن الرجوع في ذلك إلى كتب التربية وتربية الأطفال خاصة، ودور الرجل والمرأة في ذلك ثم يتم تقديم هذه المهام والواجبات.
ثالثا: لا بد من تحديد أولويات العمل الدعوي خاصة بالنسبة لزوجك، حيث يبدو لي من خلال عرضك لهذه المشكلة أن زوجك يحتاج إلى من يقف معه ويدارسه هذه الجزئية من جزئيات الدعوة إلى الله، حيث إن اهتمام الداعية بأهله ومن يعول هو أهم من الاهتمام بالآخرين كما قال - تعالى - لنبيه - صلى الله عليه وسلم - {وأنذر عشيرتك الأقربين (214)} [الشعراء: 214]، حيث يغيب عن كثير من الدعاة مثل هذا الأمر في ترتيب الأولويات التي هي غاية الأهمية، ويمكنك الحديث معه في ذلك ليس بأسلوب التعالي ولكن بأسلوب المذاكرة والمدارسة فإنك تستطيعين إقناعه والتأثير عليه واحذري اليأس في ذلك، بل واصلي تذكيره من وقت لآخر مع التنويع في الأساليب والوسائل مع وجود العاطفة والحرص على المصالح العامة لجميع العائلة.
رابعا: بما أن الأبناء وصلوا إلى سن المراهقة، فلا بد لكما جميعا من التعرف على هذه المرحلة العمرية المهمة وصفاتها الخاصة بها ليتسنى لكما جميعا التعامل الصحيح معها في هذه المرحلة الحساسة، وخصائص هذه المرحلة توجد في الكثير من كتب التربية خاصة التربية الحديثة.
خامسا: بالنسبة للضغوط النفسية الكبيرة التي تعانين منها فهي أمر طبيعي جدا وهو نتيجة لما يسمى بتأنيب الضمير في هذه المرحلة خاصة شعورك بأنك مقصرة فيما تم الاتفاق عليه بينكما عند الزواج وهي تحملك عنه مسؤولية البيت ليتفرغ للدعوة، ولكن الصحيح هنا كما يظهر لي أن أمر لوم النفس يجب أن يكون فقط حسب النقص، والمبالغة في الإحساس بالضغوط النفسية مدخل من مداخل الشيطان ربما يصرفه عن العمل الصالح ويجعله دائم الحسرة فقط والصحيح أن يتحقق الإنسان من هذه الضغوط وذلك بأن يبدأ بالعمل وأن يكون منتجا حقا، لأن الإنتاج ورؤية النتائج المثمرة تخفف من هذه الضغوط ولا تترك مجالا لليأس وتلاعب الشيطان بالإنسان ويراعى في ذلك بذل الأسباب ومراعاة الوسع والطاقة وعدم التقصير المتعمد في المهام والواجبات المناطة بذلك على وجه الخصوص.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد