بسم الله الرحمن الرحيم
هل تحرم المرأة على زوجها إذا علمت [ أنه من الجنس الثالث ] وما زال يقوم بهذا العمل الفاحش مع أني حاولت أن أرجعه عن هذه الطرق ولكن دون فائدة؟
أما بعد الجواب:
داء اللواط من أخبث الفواحش وأرذلها، وأشدها على دين المرء ضرراً وأشنعها، وأكثرها هدماً للأخلاق وأفتكها. فهو داء عضال، وسم قتال، يردي صاحبه في المهالك، ويودي بفاعله إلى أردى المسالكº وهو انتكاس في الفطرة السوية، وارتكاس في حمأة الخسة والرذيلةº يمجه العقل السليم، ويرفضه الفكر القويمº ولا يقع فيه إلا من بلغ الغاية في النذالة، وتدلى للنخاع في السفالة.
لذلك حرمه الله - تعالى - في كل شرائعه، وعاقب فاعليه بأشد أنواع عقابهº وتظافرت نصوص الوحيين في التحذير منه، وبيان خسة مرتكبيه، وعقوبة فاعليه في الدنيا، وما سيؤولون إليه في أخراهم.
ولقبح هذا الفعل سماه - تعالى - [الفاحشة] فقال - سبحانه - منكراً على قوم لوط فعلهم ومشدداً عليهم في الإنكار [أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحدٍ, من العالمين].
ولقبح هذه الفاحشة لم يختلف علماء المسلمين في تحريمها، وكونها من كبائر الآثام، وأجمع الصحابة - رضي الله عنهم - على قتل الفاعل والمفعول به، فمنهم من قال: يقتل بالسيف، ومنهم من قال: يحرق بالنار، حتى لا يفسد على المسلمين قبورهم، ومنهم من قال: يقذف به من أعلى شاهق في البلد، منكساً على رأسه، ثم يقذف بالحجارة.
ولقبح هذه الفاحشة حكم العلماء - رحمهم الله تعالى - أن الحد فيها يقع على المحصن وغير المحصن، ولا يقال فيها: إن غير المحصن يخفف عنه، بل هو والمحصن سواءº واستدلوا على هذا بقول رسول الله - صلى الله عليه و سلم -: ((من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به)) ولم يستثن رسول الله - صلى الله عليه و سلم - غير المحصن، فدلَّ على أنَّ حكمه مغلظ هنا، وأنَّ القتل يقع على اللوطي، ثيباً كان أو بكراً!
وورد ذكرها في السنة النبوية المطهرة، على لسان خير البرية - صلى الله عليه و سلم -، مع أنَّ العربَ لم يكونوا – في ذلك الوقت – يعرفون هذه الفاحشة، وما سمعوا بهاº وهذا يدل على شناعتها في الشرع، وشدة خطورتها، وضرورة التشديد في أمرها.
قال رسول الله - صلى الله عليه و سلم -: ((لعن الله من عمل عمل قوم لوط)).
وقال - صلى الله عليه و سلم -: ((إن أخوف ما أخاف على أمتي: عمل قوم لوط)).
قال إمام الحرم في زمنه، الإمام الفضيل بن عياض - رحمه الله تعالى -: لو أن لوطياً اغتسل بكل قطرة من السماء لقي اللهَ غير طاهر.
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى تحريم الجنةِ على اللوطي.
والمشاهدُ أنَّ اللوطي لا يُوفق لخير، ولا يمكنه الاستتارُ مهما صنع، حتى لوسترَه اللهُ - تعالى - في صغره فإنَّه يفضحه أشدَّ فضيحةٍ, وأخزاها في كِبَرِه، ولا تجد لوطياً موفقاً لعلمٍ, نافعٍ, ولا لعملٍ, صالحٍ, ولا توبةٍ, نصوح إلا أن يشاء الله - تعالى - ذلك له في صغره أمَّا إذا استمر عليه في كبره فخاتمته سيئةٌ والعياذُ بالله.
وسببُ ذلك شناعةُ جرم اللوطي، وقبيحِ فعله، وخروجِهِ بفعلِه عن الصراطِ السوي، فتجده لا يُقدِمُ على هذا الفعل إلا بعد أن يتجرد من نوازع الخير، ويتملك قلبَه حبٌّ اللواط، حتى يسبي عقله، ولا يمكِّن لخيرٍ, أن يعمر قلبه، فيُعرضُ عن الآخرةِ لأنَّها دارُ طهارة، وهو قد تعلَّق بالعفونات، وأحبَّها وقدمها على الطيبات، وتجد فيه جرأةً على المعاصي، لأنَّ شناعةَ معصيتِه تجعله مقداماً على جميعِ أنواعِ الشرّ فهي عنده أخفٌّ وطأةً من اللواط الذي يحبٌّه ويتعلق قلبُه به، فكيف تعظم الذنوبُ في نفسِه وهو لا يستعظم أقبحهاº وهو اللواط، لذلك يُطفئ اللهُ نورَ بصيرتِه، ويرسل على قلبِه حُجُباً لا ينتفع معها بموعظةٍ, ولا تذكيرٍ, مادام قلبُه متعلقاً باللواط.
ومن شنيع أمر هذه الجريمة: أنَّ اللهَ - تعالى - عاقب قومَ لوطٍ, بعددٍ, من العقوباتِ لم يجمعها لأحدٍ, غيرِهم، فقد أهلكهم، وقلب عليهم ديارهم، وخسف بهم وبدارهم، وأمطر عليهم الحجارة، وما ذلك إلا لأنَّ جريمتَهم جريمةٌُ تكاد الأرضُ تميد من جوانِبِها بسببها، وتفرٌّ الملائكةُ من فاعليها خوفاً من نزول عذابِ الله عليهما، وتعجٌّ الأرضُ إلى ربِّها من سوءِ ما عُمل عليها.
قال العلماء: قتلُ المفعولِ به أهونُ من فعلِ فاحشةِ اللواطِ به، لأنَّ من فَعل به الفاحشةَ قتله قتلةً أشدَّ من إزهاقِ روحِه، فمن أُزهقت رُوحُه رُجي أن يكون شهيداً لكونه قُتل مظلوماً، أمَّا هذا فقد قتله في دنياه وأخراه، في دنياه بأن ألحقه بجملةِ قومِ لوط، وفي أُخراه بأن جعله ممن يُحشر معهم، لذلك كان قاتل النفس أمره إلى ولي الدم إن شاء اقتص وإن شاء عفا، أما اللوطي فيُقتل على كلِّ حال، ولا حقَّ لأحدٍ, أن يتنازل عنه.
واللوطي يُقتل أشنع قِتلَةº إمَّا بحرقِه، وإمَّا بقذفِه من أعلى شاهق في البلد منكساً على رأسه.
قال - صلى الله عليه و سلم -: ((لَعَنَ اللهُ مَن عَمِلَ عَمَلَ قَومِ لُوط، لَعَنَ اللهُ مَن عَمِلَ عَمَلَ قَومِ لُوط، لَعَنَ اللهُ مَن عَمِلَ عَمَلَ قَومِ لُوط)).
وقال - صلى الله عليه و سلم -: ((مَن وَجَدتُمُوهُ يَعمَلُ عَمَلَ قَومِ لُوطٍ,، فَاقتُلُوا الفَاعِلَ وَالمَفعُولَ بِه)).
لذلك وغيره، وما دام أنك قدمت له النصح دونما فائدة، فأرى أن تتركيه، فمثله أحقر من أن تمضي بقية حياتك معه، وحاله أهون من أن تتعلقي بمثله، نسأل الله السلامة والعافية، وله الهداية والرشاد.
والله الموفق.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد