بسم الله الرحمن الرحيم
في الأسبوع الماضي قال وزير الصحة الدكتور حمد المانع أن مرض السكر في طريقه للتحول إلى (وباء) حقيقي في السعودية.. فنسبة انتشاره الحالية تصل إلى 28% من عدد السكان ولا يفصلنا عن تعريفه كوباء غير ارتفاعه إلى نسبة 30%.. ليس هذا فحسبº بل اتضح أنه ينتشر بسرعة مخيفة بين صغار السن وتلاميذ المدارس (حيث أثبتت بعض الدراسات انتشاره بين طلاب الرياض دون علمهم بنسبة 15% إلى 20%)!!
ورغم خطورة هذه البيانات إلا أنها في الحقيقة لم تثر دهشتي - بل كنت أعتقد أنها أسوأ مما صرح به معالي الوزير..
فالسكري يعد بدون مبالغة آفة القرن الواحد والعشرين وأحد الأسباب الأربعة الرئيسية للوفاة حول العالم.. وتعد دول الخليج من المناطق المنكوبة بهذا المرض حيث يعاني منه 30% من سكان الإمارات والبحرني و28% من سكان السعودية و16% من سكان قطر و13% من سكان الكويت و11% من سكان عمان (في حين لا تتجاوز النسبة في عموم أوروبا 10%)!
وانتشاره الكبير - حول العالم - يثير الدهشة كونه اكتشف قبل 3500عام ولكنه لم يكن يوما بمثل هذا الانتشار المخيف (حيث يؤثر حاليا على 335مليون شخص في العالم).. ومن الواضح هنا أن التغييرات التي طرأت على أسلوب الحياة في دول الخليج كان لها دور كبير في ظهور وانتشار المرض.. فشعوب المنطقة انتقلت بطريقة مفاجئة تقريبا من حياة البداوة والنشاط إلى حياة الترف والكسل. كما خفت لديها نسبة تناول الأطعمة البروتينية والطازجة لصالح الأطعمة الكربوهيدراتية والمصنعة.. أضف لهذا هناك عوامل وراثية وعرقية تقف وراء انتشار السكري لدى شعوب معينة دون غيرهاº فعند مقارنة العرب بالأوروبيين مثلا نجدهم أكثر مقاومة للأنسولين ونسبة الغلكوز رغم تشابة مستويات السمنة لدى الطرفين.. وبوجه عام يأتي العرب (من المحيط للخليج) كثاني مجموعة عالمية (بعد الهنود الحمر في أمريكا الجنوبية) من حيث انتشار المرض!!
... والسكر - كما يعرف معظمكم - له نتائج وخيمة مالم يحظى بعناية دقيقة. فالغالبية العظمى من المرضى معرضون للإصابة بالفشل الكلوي والجلطات القلبية والسكتات الدماغية وفقدان النظرº وفي السعودية يتحمل السكري مسؤولية 50% من حالات العمى و20% من أمراض القلب والكلى و70% من بتر الأطراف (ولدي إحصائية قديمة تشير إلى أنه في الرياض وحدها يتم يوميا بتر 36قدم بالمتوسط بسبب السكر (حسب الشرق الأوسط في 1998/6/19م)!!
... وغني عن القول أن جهود الدولة (التي تصرف خمسة مليارات في العام لمواجهة المشاكل الصحية للسكري) لا تعد بديلا لوعينا وفهمنا لمسببات المرض ومخاطره الكبيرة.. فرغم خطورة السكري وانتشاره السريع إلا أنه \"غير مستعص\" ويمكن تلافيه بشيء من الوعي الاجتماعي والتثقيف الصحي.. فهناك أربعة عوامل رئيسية (في حال راعيناها وحاولنا تلافيها) من شأنها خفض نسبة الإصابة به لأكثر من الثلثين:
- العامل الأول: مكافحة البدانة المفرطة - بما في ذلك لدى الأطفال وصغار السن.
- والثاني: التقليل من الأطعمة الكربوهيدراتية والسكرية لصالح الأطعمة البروتينية والنباتية الطازجة.
- والثالث: ممارسة أي نوع من الرياضة (أو على الأقل رفع معدل المشي والحركة التي نؤديها يوميا)
- أما الرابع فيتعلق بالعامل الوراثي والعرقي الذي (رغم استحالة تغييره) إلا أن إدراكنا لدوره يحدد مستوى وخطورة العوامل السابقة!
... إذاº الوقاية من السكري ليست مسألة صعبة أو معقدة - ولكن التساهل بها قد يجعلها كذلك فعلا.. وما نحتاجه حاليا هو حملة وطنية للتوعية بمسببات ومضاعفات المرض قبل تحوله لوباء راسخ ومستعص...\"حملة وطنية\" نبدأها بالدعوة لجعل (جهاز فحص السكر) جزء من صيدلية كل منزل!
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد