بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على حبيبنا الرسول النبي الكريم، وعلى آله وأهل بيته وأصحابه الطيبين، وبعد:
قبل البدء من التأكيد على أنني لست متخصصاً في علوم الشريعة (وإن كنت حاصلاً على شهادة الشريعة، لأن التخصص لا يقاس بالشهادات فقط وإنما بالتفرغ وطول الممارسة بعد الشهادة)، ولهذا فإني لن أتوسع في تناول المسائل الشرعية البحتة، فهي فيما أحسب مشهورة ومتداولة ويمكن الوصول إليها بيسر وسهولة. وسأركز على مسائل طبية تطبيقية عرفتها بحكم تخصصي في الطب تعلماً وممارسة وتعليماً زهاء ربع قرن، والله ولي التوفيق.
وقد رتبت هذه الورقة المختصرة في 14 مسألة. واقتصرت فيها على المسائل ذات الصلة المباشرة بالرقية، أما مسائل الأسباب الغيبية للأمراض (السحر والمس والعين) فذكرتها هنا تفريعاً لا أصالة.
[1] ما المقصود بالاستشفاء بالرقية؟
[2] هل كل أنواع الرقية الموجودة حاليا مشروعة؟
[3] مقصد التشريع في الاستشفاء بالرقية
[4] هل الرقية نافعة فعلاً في علاج الأمراض؟ وما الرأي الطبي في ذلك؟
[5] في زمن الرقية، وكيف يرقي؟.
[6] إذا مرض الشخص فهل يتعالج بالرقية أولا أو يتعالج بالطب الحديث أو يمكن الجمع بين الرقية والعلاج الطبي؟
[7] ما الأمراض التي تعالج بالرقية؟
[8] من يقوم بالرقية
[9] كيف تساعد الرقى في علاج الأمراض؟
[10] هل العلاج بالرقية تنطبق عليه قوانين البحث العلمي، ويمكن قياسه وإجراء التجارب عليه؟ أم هو أمر غيبي غير خاضع لقوانين البحث العلمي؟
[11] كيف نستفيد من مفهوم الرقى، في العلاج الطبي؟..
[12] لماذا يحصل نفور بين بعض الأطباء وبعض الرقاة؟
[13] ملاحظات طبية حول بعض الممارسات والطقوس في الرقية (تنظيم العلاج بالرقية).
[14] خمسة اقتراحات لتنظيم العلاج بالرقية وتطويره
[1] ما المقصود بالاستشفاء بالرقية؟
الرقية هي\"قراءة آيات وأذكار وأدعية على الشخص بقصد العلاج والتداوي أو وقايته من الأمراض\"، وتسمى أيضاً تعويذة أو عزيمة.وهي من العلاجات الإيمانية الغيبية. ولم تدخل الرقية إلى الآن في الطب المعاصر، على قاعدته في عدم الاعتداد بالغيبيات وما وراء الطبيعة، وهو يصنفها عموماً ضمن الطب البديل في قسم الروحانيات والعلاج الديني.
[2] هل كل أنواع الرقية الموجودة حاليا مشروعة؟
ليست كل التعاويذ مقبولة في الشرع، لأن أكثرها يفتح باب التعلق بغير الله - تعالى -وبالأوهام، ويفتح باب الشعوذة والدجل، لكن منها ما هو مقبول في الشرع أو حتى منصوص عليه صراحة، وحديثنا في هذا البحث عن النوع المقبول شرعاً، دون المنهي عنه(1).
[3] مقصد التشريع في الاستشفاء بالرقية
إن الفكرة الأساسية في تشريع الرقية أنها علاج إيماني غيبي، مصلحة التشريع فيه ربط الناس بالله وزيادة إيمانهم وتعميق معاني الالتجاء إلى الله والتعلق به والروحانية.
إن حاجة الناس إلى العلاجات الإيمانية في الجملة ومنها العلاج بالرقى أمر ظاهر نحسه نحن الأطباء في عياداتنا ومستشفياتنا وغرف العمليات وأجنحة الطوارئ. نحسه ونلحظه في المرضى الذين ندرك بحكم الخبرة أنهم بحاجة إلى روح قوية وإيمان راسخ ونفسية مرنة، تساعدهم على التكيف مع أمراضهم وسرعة الشفاء منها، كما أنهم بحاجة إلى طلب المدد والغوث من الرب العظيم الكريم الذي بيده مقاليد الصحة والمرض والعافية والسقم، فليست مفاتيح الشفاء عند الأطباء، إنما هم أدلاء على هذه المفاتيح، - سبحانه وتعالى - (وإذا مرضت فهو يشفين).
ومن العبارات التي أكررها كثيراً وأؤكدها على المتدربين في الدراسات العليا أن \"المعاناة ليست دائماً على قدر المرض\"، والمعنى أنك قد تجد مريضين مصابان بنفس المرض، وأنت تدرك من معارفك الطبية أن درجة قوة المرض عند الأول شديدة وقاسية ومع ذلك فتراه مطمئناً مرتاحاً منشرح الصدر، لا يشتكي إلا بالقدر الذي يوضح فيه الأعراض. أما الآخر فدرجة المرض طبياً عنده ليست قوية ولا عنيفة ومع ذلك فهو شاكٍ, باكٍ,، يتذمر من حاله ويندب حظه ويصيح من ألمه!.
ومن مقاصد الشريعة أيضاً في هذا الباب: أن العلاج بالرقية في الشريعة بسيط سهل لا تعقيد فيه ولا تكلف ولا طقوس مبالغ فيها، وأية طقوس إضافية عليه تخرجه عن مقصد التشريع فهي بدعة بغيضة مقيتة، فإذا صارت هذه الطقوس المبتدعة توقع الناس في شرك الوهم ومتاهة الشك ودوامة القلق، أو تصرفهم عن التعلق بالله إلى التعلق بالأشخاص، فهو لا شك خروج بالرقية عن مقصودها ووقوع في المحذور.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد