بسم الله الرحمن الرحيم
60% من الممارسين للجري يتعرضون لإصابات بدرجات متفاوتة..
كثيراً ما ينصح الأطباء المرضى بممارسة الرياضة، لما لها من فوائد جمة لصحة الجسد والنفس، وغالباً ما تكون رياضة الجري مقترنة بهذه النصيحة، حيث إنها لا تحتاج إلى أماكن أو تجهيزات خاصة..حتى قيل إن الجري هو رياضة الجميع.. لكن الحقيقة أنه ليس كذلك، وأن بعض الإصابات الناتجة عنه قد تكون خطيرة، بل إن بعض المرضى لا يجب أن يمارسوا هذه الرياضة في كثير من الأحيان.
لكن ما الأسباب التي تجعل الجري ليس للجميع؟
د. سعادة سعد استشاري جراحة العظام بمستشفى الحمادي بالرياض وعضو الجمعية الفرنسية لجراحة العظام يجيب على هذه التساؤلات، فيقول:
هناك عدة أسباب تجعل رياضة الجري ليست للجميع، والطبيب قد يكون مدعواً لمعاينة الكثير من الممارسين لهذه الرياضة المحبوبة بسبب الإصابات التي تنتج عنها، وأغلب هذه الإصابات تكون بسيطة (رض، تمزق)، ولكن بعضها قد يكون أكثر خطورة، و60% من الذين يمارسون رياضة الجري قد يتعرضون يوماً ما لإصابة تمنعهم من الركض، ولاسيما المبتدئين المتحمسين قليلي التحضير بدنياً، حيث يتعرضون للإصابات أكثر من غيرهم إما للركض منذ البداية لوقت طويل أو الركض على أرض صلبة بأحذية ذات نوعية رديئة أو غير مناسبة، أما بالنسبة لذوي الخبرة في رياضة الجري فإنهم قد يتعرضون للإصابات بسبب الإجهاد وهذه الإصابات قد تخص الأنسجة الرخوة أو العظم نفسه وخاصة عندما يحاولون زيادة المسافة التي يقطعونها بسرعة زائدة والكثير من هؤلاء يكونون في فترة تحضير للسباق، هذا بالإضافة إلى كثير من الإصابات التي تحدث أثناء التمارين التي لا تتناسب مع مستوى المتسابق، وبالتالي فالجري ليس رياضة للجميع، وبعض أمراض الجهاز الحركي والقلب بشكل خاص تمنع من ممارسة هذه الرياضة ولكن بالإمكان توجيه هؤلاء المرضى إلى ممارسة أنواع أخرى من الرياضة مثل: المشي، الدراجة والسباحة.
ويضيف د. سعادة سعد قائلاً: أثبتت الدراسة العلمية أن ما يزيد عن 30% من الإصابات عند ممارسي رياضة الجري تخص الركبة، وتر آشيل 20%، التهاب السمحاق الظنبوبي وكسور التعب يمثل كل منها 15% والتهاب اللفافة الأخمصية 10% المتسابق، وقد يتعرض الممارس لهذه الرياضة لأكثر من إصابة في نفس الوقت أو أعراض عديدة (متلازمة الإجهاد) قبل أن يستشير الطبيب، وكثيراً ما يلجأ المتسابق إلى العلاج المقترح من أصدقائه المتسابقين أو أن يحاول الركض على الرغم من إصابته وهذا ما يؤدي إلى تفاقم إصابته، أما بالنسبة للطبيب فيجب أن يعرف الجوانب الحيوية للسباق وأهميته في حياة المتسابق، وأغلب الإصابات تحدث بشكل رئيسي في حالتين:
إما في بداية برنامج السباق، أو في مرحلة انتقاله إلى مستوى أعلى، لذلك تم تصنيف ممارسي رياضة الركض إلى الهاوي الذي يركض 5 إلى 8 كم (كيلومتر) بالأسبوع بسرعة 6 إلى 8 دقائق / كم، ثم الهاوي الرياضي فيركض 30 إلى 60 كم بالأسبوع ويشترك في سباقات ولكن كتسلية أو تجارب 5 إلى 10 كم، أما المتسابق المتمرس فيركض 65-100 كم في الأسبوع وبسرعة 4 إلى 5 دقائق / كم ويستطيع أن يشترك في سباقات 10000 متر أو ماراثـون (42 كم)، وأخيراً الماراثوني الممتاز يستطيع أن يركض 110 إلى 320 كم بالأسبوع وبسرعة 3 إلى 4 دقائق / كم.
ومن الإصابات الشائعة عند جميع الممارسين التهاب الصفاق، وتلين الغضروف، والألم العضلي، والالتهابات المأبضية، وآلام أسفل الظهر وذلك بسبب نقص التدريب أو الأحذية غير المناسبة، وبعض المتسابقين المتمرسين يحصل لديهم كسور تعب، متلازمة الإجهاد عندما ينتقل المتسابق إلى مستوى تدريب أعلى وذلك بزيادة مسافة السباق أو سرعته دون إعطاء الوقت الكافي لجسده كي يتأقلم على زيادة الجهد، في حين يلاحظ إصابات التهاب اللفافة الأخمصية والتهاب وتر آشيل بكثرة عند الهاوي الرياضي.
ويؤكِّد د. سعادة أن المتسابق المتمرس يتعرض لإصابات عضلية أكثر خطورة في الفخذ والساق والظهر، وانزلاق غضروفي وتمدد في الأوتار المقربة وبشكل خاص الإصابات الحرارية أثناء السباق، كما أن اختلال التناسق الحركي وعدم التوازن في التركيب بين الأرجل والأطراف السفلى كثيراً ما يكون سبباً في حوادث المتسابق الرياضي أو الهاوي، بينما يلاحظ أن التشوهات في التركيب لا تقل عند المتسابق المتمرس أو الماراثوني والذي لم يكن قد وصل إلى هذا المستوى لو كانت توجد عنده هذه التشوهات، وتعد أخطاء التمرين هي السبب الأكثر في الإصابات
ومن هذه الأخطاء: قطع مسافة زائدة، تكثيف التمرين تتالي الجري السريع والهرولة، الزيادة السريعة للمسافة المقطوعة، والتي لا تسمح للجسم بالتأقلم مع درجات الجهد الجديدة وحتى الإحماء غير الكافي يؤدي إلى إصابات التعب، كذلك أرضية السباق: فالأرض الطرية مثالية ولكن أغلب الأحيان المتسابقون يستعملون الأرض المتوفرة بغض النظر عن التغطية وبذلك فإن الركض على الأرصفة أو الإسمنت يزيد الصدمات المنقولة إلى الساق والأرجل والظهر، والطريق الاسفلتي يسمح بتخفيف الصدمات، أما الأرض المغطاة بالعشب تكون غير منتظمة، في حين أن الركض على أرض منحنية مثل الشاطئ أو طرف الطريق تجبر الأرجل أن تكون بوضعية الكب على الجزء المرتفع من الانحناء وهذا ما يقود إلى تعب زائد في الأوتار والأربطة للأطراف السفلى والساق، كذلك الركض على أرض منحنية للأعلى يؤدي إلى شد في وتر أشيل وعضلات الجزء الأسفل من الظهر، بينما الركض على أرض منحنية للأسفل يزيد صدمات كعب الرجل على الأرض.
ويحذر استشاري جراحة العظام بمستشفى الحمادي من رداءة بعض أحذية الركض والتي تؤدي إلى حدوث الإصابات، حيث إنها لا تسمح بتخفيف الصدمات أو الثبات الضروري لحماية الرجل والساق من الصدمات المتكررة أثناء الجري وأحذية الجري يجب أن تكون بحالة جيدة، فأي اهتراء في الجزء الوحشي للكعب يؤدي إلى عدم توازن أثناء تلامس كعب الرجل بالأرض وهذا ما يسبب آلام في الجزء الوحشي للركبة، حيث إن أرجل الراكض تحتك مع الأرض 500 إلى 1250 مرة / كم أو 50الى 70 مرة بالدقيقة لكل رجـــل، مع قوة من 3 إلى 8 مرات وزن الجسم (حسـب الأرض ووزن الراكض)، وبالتالي فالتصادم بين الأرض والرجل يكون إما ممتصاً من الحذاء وإما منتقلاً مباشرة إلى الساق والظهر وبذلك فإن أي تشوّه تشريحي أو حركي ولو بسيطاً وبدون أي عوارض أثناء المشي يمكن أن يتحول عند الركض إلى إصابة حقيقية.
وهناك مشاكل أخرى تحدث أثناء السباق منها إصابات نتيجة الحرارة، أو التعرق الشديد لفترة طويلة مع عدم التعويض بشرب الماء والأملاح (في جو حار) قد يسبب ذلك المعص العضلي في الساق والذراع والظهر، الإنهاك نتيجة الحر الشديد، ونادراً ما يكون ذلك مميتاً، وقد يصاب المتسابق بألم بالرأس، تخليط، هذيان، شعور بالإقياء، إقياء، معص عضلي ومغطى بعرق بارد)، وعندما يشعر المتسابق بالإقياء ولا يتعرق أثناء الركض يجب إيقافه بسرعة من قبل المسؤول الطبي ورفع رجليه وتخفيض حرارة جسمه بواسطة الثلج أو منشفة باردة وإعطاؤه عن طريق الوريد المحاليل الضرورية ومن ثم نقله إلى أقرب مركز طبي.
وهناك أيضاً الفقدان المفاجئ للتوازن الحراري في الجسم والذي يؤدي إلى زيادة الحرارة تدريجياً وإلى حدوث ضربة الحر، والتي قد تكون مميتة، وتحدث غالباً عندما يكون المتسابق في حال إنهاك نتيجة للجهد الذي يفوق إمكانياته أثناء السباق الطويل.
كما يوجد إصابات نتيجة للطقس البارد مثل انخفاض الحرارة ونادراً ما يحدث ذلك عند المتسابق الهاوي ولكنه ممكن الحدوث عند المتسابق المتمرس عندما يركض في جو بارد مع وجود رياح ثلجية البرودة ورطوبة.
وحول سبل الوقاية من هذه الإصابات يقول د. سعادة: لا بد أولاً من التأقلم مع الجو الحار تدريجياً لمدة من 10 أيام إلى 6 أسابيع، حسب الأشخاص، وخلال هذه الفترة يجب تخفيض مسافة الركض، والتدريب يكون صباحاً أو مبكراً وفي المساء وليس في ساعات الحرارة الشديدة مع ارتداء ثياب فاتحة اللون وعدم ارتداء الثياب المطاطية، كما يجب على المتسابق أن يشرب 170 إلى 220 مل ماء كل 15 دقيقة أثناء التدريب، وكل 20 دقيقة أو كل مرة يجتاز 4 كم أثناء السباق.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد